وقفة مع الأحاديث النبوية الشريفة
مفهوم الحديث النبوي
ما أُثر عن النبي – صبى الله عليه وسلم – من قول أو فعل أو تقرير أو صفة
[ محمد عجاج الخطيب ، السنة قبل التدوين ]
أهـمية الحديث النبوي
يعد الحديث النبوي ثاني أدلة علوم الإسلام ومادة الأصول والأحكام
[ الحسين الطيبي ، الخلاصة في أصول الحديث ]
قال تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ولا يجدوا في أنفسهم حرجا ويسلموا تسليما "
وقال تعالى :
" وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب "
وقد أبرز السلف أهـمية الحديث ومكانته وفضل من اشتغل به فيقول الإمام النووي في مقدمته لشرح صحيح مسلم :
" إن الاشتغال بالحديث من أجل العلوم الراجحات ، وأفضل أنواع الخبر ، وأكد القربات "
[ يحى بن شرف الدين النووي ، مقدمة صحيح مسلم ]
ويقول الإمام السيوطي :
" إن علم الحديث رفيع القدر ، عظيم الفخر ، شريف الذكر "
[ السيوطي ، تدريب الراوي ]
أقسام الحديث من حيث الصحة
كان الحديث ينقسم من حيث الصحة ينقسم إلى قسمين صحيح وضعيف – لأن البعض كان يدرج الحسن في الصحيح – إلى أن جاء الترمذي فقسّم الحديث لثلاثة أقسام هي :
1- الحديث الصحيح : كل حديث أستوفى الشروط الخمسة التالية : اتصال السند ، وعدالة الرواة ، وتمام الضبط ، وعدم الشذوذ ، وعدم العلة .
والحديث الصحيح قسمان هـما :
أ – الصحيح لذاته
ب – الصحيح لغيره
وحكم الحديث الصحيح وجوب العمل به عند أهل الحديث والفقهاء .
2 – الحديث الحسن : هو كل حديث استوفى خمسة شروط : اتصال السند ، وعدالة الرواة ، والسلامة من العلة ، والسلامة من الشذوذ ، وخفة الضبط .
والحسن قسمان :
أ – حسن لذاته
ب – حسن لغيره
وحكمه كالصحيح وإن كان دونه في القوة ويحتج به عند الجمهور .
3 – الحديث الضعيف : هو الحديث الذي لم تجتمع فيه صفات الصحيح ولا صفات الحسن وبمعنى أخر لم تجتمع فيه صفات القبول ، ويتفاوت في الضعف حسب شدة ضعف راويه وخفة ضبطه .
وعليه فالضعيف أنواع عديدة نعرض أشهرها مع التأكيد على أن هذه التعريفات المتعلقة بالأحاديث الضعيفة هي محل خلاف بين المحدِّثين قديما وحديثا .
· الحديث المرسل : ما رواه التابعي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا ؛ أي ما سقط منه الصحابي .
وقد أختلف العلماء في قبول الحديث المرسل ؛ فذهب جمهور العلماء والمحدثين وبعضا من الفقهاء وأصحاب الأصول كالشافعي إلى أنه ضعيف لا تقوم به حجة ، ويرى مالك وأبو حنيفة أنه صحيح تقوم به الحجة وكذلك هو رأي الإمام أحمد .
· الحديث المنقطع : ما لم يتصل سنده ؛ أي ما يسقط من إسناده رجل ، أو يذكر فيه رجل مبهم .
وأكثر ما يستعمل في رواية مَن دون التابعي عن الصحابي
· الحديث المعضل : ما سقط من إسناده اثنان فأكثر بشرط توالي السقوط .
· الحديث المدلس : هو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه مُوهـما أنه سمعه منه ، ويُروى بألفاظ تحتمل السماع ؛ مثل [ روى ، قال ، عن ] وهو قسمان :
أ – تدليس الإسناد : وهو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهـما أنه سمعه منه ، أو ممن عاصره ولم يلقه موه،ما أنه قد لقيه وسمعه منه .
ب – تدليس الشيوخ : أن يأتي الراوي باسم الشيخ أو كنيته على خلاف المشهور به تعمية لأمره ، وتوعيرا للوقوف على حاله .
ويختلف الحكم على التدليس حسب المقاصد ، فإذا جاء من غير قصد ، وجاء من إمام ثًبْت ثقة فتُقبل روايته ، أما إذا جاء بقصد التعمية فيُكره ، وقيل : يحرم .
· الحديث المعلل الذي اكتشفت فيه علة تقدح في صحته وإن كان يبدو في الظاهر سليما ، وهو من أغمض علوم الحديث ؛ إذ لا يقوم به إلا أهل الخبرة الطويلة والدّربة المستمرة في الحديث . وتكون العلة تارة في المتن ، وتارة في الإسناد.
· الحديث المضطرب : الحديث الذي راوه الثقة عن الثقات على أوجه مختلفة في المتن أو السند ، بشرط ألا يترجح بعضها على بعض ، والاضطراب قد يكون في المتن أو في السند أو فيهما معاً .
· الحديث المقلوب : الحديث الذي أنقلب فيه على راوٍ بعض متنه ، أو ما كان فيه تقديم أو تأخير أو تغيير أو تبديل وهماً ، ويكون القلب في المتن كأن توضع كلمة مكان أخرى ، أو في السند كالخطأ في اسم راوٍ أو نسبه .
· الحديث الشاذ : الحديث الذي يرويه الثقة أو المقبول مخالفا لمن هو أوّلى منه ، أو هو ما رواه الثقة مخالفا لما رواه غيره ، بمعنى أن الشذوذ لا يتحقق إلا بالتفرد والمخالفة ، ولكن إذا تفرد بالحديث العدل الضابط ولم يخالف غيره فهو مقبول.
· ومثال ذلك تفرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحديث " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى "
· الحديث المنكر : الذي يرويه الضعيف مخالفا رواية الثقة ، والفرق بينه وبين الشاذ أن راوي الشاذ ثقة ، وراوي المنكر ضعيف ، وبذلك يكون المنكر شديد الضعف .
· الحديث المتروك : هو أن يرويه راوٍ واحد متهم بالكذب في الحديث ، أو ظاهر الفسق بفعل أو قول ، أو كثير الغفلة ، أو كثير الوهم ، ويسمى المتروك أحيانا [ المطروح ]
· الحديث الموضوع : المختلق المصنوع ، وهو أشر أنواع الضعيف وأقبحه ، وهو ليس بحديث اصطلاحا ، بل بزعم واضعه ، ويُعرف الوضع بإقرار واضعه ، أو ما في معنى إقراره ، أو في قرينة الراوي أو المروي ، أو ركاكة في اللفظ أو المعنى ، أو مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة .
وتحرم روايته مع العلم به في أي معنى إلا للتبيين .
حكم العمل بالحديث الضعيف
للعلماء في العمل بالحديث الضعيف مذاهب بين مجوز ومانع ومتساهل ، والذي عليه جمهور العلماء جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب ، ولا تثبت به الأحكام كالحلال والحرام ، بالضوابط التالية:
1- ألا يكون شديد الضعف .
2- أن يكون له أصل شاهد يندرج تحته .
3- ألا يعتقد بثبوت ما فيه ، وإنما يعمل به للاحتياط .
4- ألا يكون في الأحكام والعقائد .
فقد روى الخطيب البغدادي بسنده أن الإمام أحمد بن حنبل – رضي الله عنه – قال : " إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد ، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد "
وقالالميموني: سمعت أبا عبد الله يقول :
« أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حُكْم ».