تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » مداواة مرض القلب واجبة من الشريعة

مداواة مرض القلب واجبة من الشريعة 2024.

  • بواسطة
مداواة مرض القلب واجبة

اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن مداواة مرض القلب واجبة وهي تأتي من وجوه كثيرة جدًا نشير إلى بعضها.
أحدها وهي من أنفعها العزلة المصحوبة بالاشتغال بالعلوم النافعة. فبالعزلة يتقيد الظاهر عن مخالطة من لا تصلح مخالطته ومن لا يأمن دخول الآفات عليه بصحبته.
فيتخلص من المعاصي التي يتعرض لها بالمخالطة مثل الغيبة والمداهنة والتملق والرياء والتصنع.
ويحصل له بذلك السلامة من مسارقة الطباع الرديئة والأخلاق الدنيئة.
ويستفيد بذلك أيضًا صيانة دينه ونفسه عن التعرض للخصومات وأنواع الشرور والفتن.
فإن للنفس تولعًا وتسرعًا إلى الخوض في مثل هذا.
فينبغي للإنسان أن يكف لسانه عن السؤال عن أخبار الناس وما هم مشغولون فيه وما هم منهمكون فيه ومنكبون عليه من القيل والقال مما لا فائدة فيه وضرره يزيد على نفعه وربما أنه ضرر خالص.
وقال آخر وإذا هممت بالباطل وما لا فائدة فيه فاجعل مكانه تسبيحًا وتهليلاً.
وينبغي أن يصون سمعه عن الإصغاء إلى أراجيف البلدان وما شملت عليه من الأحوال التي تضر ولا تنفع.
وليحرص على أن لا يأتيه من شأنه التطلع والبحث عن شؤونه وأحواله كأصحاب المقابلات والمولعين بأكل لحوم الغوافل.
وليجتنب صحبة من لا يتورع في منطقه ولا يضبط لسانه عن الاسترسال في دقائق الغيبة والوقيعة والتعرض بالطعن على الناس والقدح فيهم.
فإن ذلك مما يكدر صفاء القلب ويؤدي إلى ارتكاب مساخط الرب.
فليهجره وليفر منه فراره من الأسد ولا يتجمع معه في مكان البتة.
وفي الخبر "مثل الجليس السوء كمثل الكير إن لم يحرقك بشرره علق بك من ريحه".
وفي الأخبار السالفة أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام "يا ابن عمران كن يقظانًا وارتد لنفسك إخوانًا وكل أخٍ أو صاحب لا يؤازرك على مبرتي فهو لك عدو".
وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام فقال له "يا داود ما لي أراك منتبذًا وحدانيًا" فقال إلهي قليت الخلق من أجلك.
فقال "يا داود كن يقظانًا وارتد لنفسك أخدانًا وكل خدنٍ لا يوافقك على مبرتي فلا تصحبه فإنه لك عدو ويقسي قلبك ويباعدك مني".
قال الشاعر:
فَخَفْ أَبْنَاءَ جِنْسِكَ واخْشَ منهم
وخَالِطْهُمْ وزَايِلهُمْ حِذَارًا
كَمَا تَخْشِى الضَّراغِم والسَّبِنْتَا
وكُنْ كالسَّامِري إِذَا لُمِسْتَا

وروي عن عيسى عليه السلام لا تجالسوا الموتى فتموت قلوبكم قيل من الموتى قال "المحبون للدنيا الراغبون فيها وبالابتعاد عن الناس إلا لضرورة أو حاجة ماسة ينكف بصر الإنسان عن النظر إلى زينة الدنيا وزهرتها وزخرفها".
وينصرف خاطره عن الاستحسان إلى ما ذمه الله منها فتمتنع بذلك النفس عن التطلع إلى الدنيا والاستشراف لها ومنافسة أهلها فيها.
قال جل وعلا وتقدس وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا الآية.
موعظة
إخواني إن الغفلة عن الله مصيبة عظيمة قال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ فمن غفل عن ذكر الله وألهته الدنيا عن العمل للدار الآخرة أنساه العمل لمصالح نفسه فلا يسعى لها بما فيه نفعها ولا يأخذ في أسباب سعادتها وإصلاحها وما يكملها وينسى كذلك أمراض نفسه وقلبه وآلامه فلا يخطر بباله معالجتها ولا السعي في إزالة عللها وأمراضها التي تؤل إلى الهلاك والدمار وهذا من أعظم العقوبات فأي عقوبة أعظم من عقوبة من أهمل نفسه وضيعها ونسي مصالحها وداءها ودواءها وأسباب سعادتها وفلاحها وحياتها الأبدية في النعيم المقيم ومن تأمل هذا الموضع تبين له أن كثيرًا من الخلق قد نسوا أنفسهم وضيعوها وأضاعوا حظها وباعوها بثمن بخس بيع المغبون ويظهر ذلك عند الموت ويتجلى ذلك كله يوم التغابن يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ الآية.
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا أنها لحسرة على كل ذي غفلة دونها كل حسرة، هؤلاء هم الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
نَتُوبُ مِنَ الذُنُوبِ إِذَا مَرِضْنَا
إِذَا مَا الضُرُّ مَسَّكَ أَنْتَ بَاكٍ
فَكَمْ مِنْ كُرْبَةٍ نَجَّاكَ مِنْهَا
وَكَمْ غَطَّاكَ فِي ذَنْبٍ وعَنْهُ
أَمَا تَخْشَى بِأَنْ تَأْتِي المَنَايَا
وتَنْسَى فَضْلَ رَبٍّ جَادَ فَضْلاً
وَكَمْ عَاهَدْتَ ثُمَّ نَفَضْتَ عَهْدًا
فَدَارِكْ قَبْلَ نَقْلِكَ مِنْ دِيَارِكْ
ونَرْجِعُ لِلذُّنُوبِ إِذَا بَرينَا
وأَخْبَثُ مَا تَكُونُ إِذَا قَويْتَا
وكَمْ كَشَفَ البَلاءَ إِذَا بُلِيْتَا
مَدَى الأَيَّامِ جَهْرًا قَدْ نهُيْتَا
وأَنْتَ عَلَى الخَطَايَا قَدْ دُهِيْتَا
عَليْكَ ولا ارْعَوَيْتَ ولا خَشِيْتَا
وأَنْتَ لِكُلِّ مَعْرُوْفٍ نَسِيْتَا
إِلَى قَبْرٍ تَصِيْرُ وقَدْ نُعِيْتَا

اللهم اجعلنا من عبادك المخبتين، الغر المحجلين الوفد المتقبلين.
اللهم إنا نسألك حياة طيبة، ونفسًا تقية، وعيشة نقية، وميتة سوية، ومردًا غير مخزي ولا فاضح.
اللهم اجعلنا من أهل الصلاح والنجاح والفلاح، ومن المؤيدين بنصرك وتأييدك ورضاك.
اللهم افتح لدعائنا باب القبول والإجابة واغفر لنا ولوالدنيا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

لا اله الا الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.