كنا نجلس في نفس المكان الذي تعودنا عليه منذ سنوات بعيدة.. كانت وجوهنا شاحبة حزينة رغم أننا في هذا المكان حلمنا معا وسافرنا إلي أبعد نقطة في هذا الكون..
كبرت أحﻼمنا, بعضها تحقق وبعضها خذلنا.. في هذا المكان غنينا أجمل أغنيات الحب.. وتحاورنا واختلفنا وتخاصمنا وتصالحنا وكانت أمامنا دائما أبواب كثيرة للتسامح والغفران.. كم مرة قررنا أن نفترق وكنا نعود؟.. وكم مرة تخاصمنا ولم نحتمل البعاد كانت هناك أشياء كثيرة تجمعنا أكبر بكثير من كل ما كان يبعدنا.. لكننا اليوم عدنا إلي نفس المكان وفي أعماقنا أشياء كثيرة تكسرت.. اخترنا نفس المائدة التي اعتدنا أن نجلس عليها.
ان المكان يحفظ مﻼمحنا ويعرف خطانا وكان يستقبلنا بفرحة غامرة.. لكن اﻷشياء تغيرت, فﻼ المكان شعر بقدوم خطانا المتثاقلة.. وﻻ مائدتنا القديمة أحست بوجودنا.. كل شيء تغير ﻷننا تغيرنا قبل أن تتغير اﻷشياء من حولنا.. جئنا لنتصافح للمرة اﻷخيرة.. جئنا لكي نضع نهاية أجمل اﻷشياء فينا.. قررنا أن نفترق, ﻻ توجد أسباب حقيقية للفراق غير أننا نشعر أن شيئا بداخلنا قد تكسر.. أخطاء صغيرة كبرت.. خﻼفات عابرة تراكمت.. أحزانا زارتنا بﻼ ميعاد.. تجاهلنا كل ما يدور فينا.. لم نعتذر عن اﻷخطاء ولم نحاول جمع ما تناثر داخلنا من الذكريات وهي تخبو بعيدا.. كل واحد منا فقد قدرته علي أن يسمع أو يتأمل أو يسامح.. نخسر الكثير في حياتنا حين يغيب التسامح.. أجمل أنواع الحب.. حب متسامح وهذا النوع من اﻹحساس ﻻ تجده إﻻ في القلوب الصافية وتجده كثيرا في قلوب اﻷمهات وقليﻼ ما يزور العشاق.. كلماتنا كانت قليلة.. لم نحاول أن نسترجع ما فات أو نحكي عن زمان قادم حين يختنق اﻷمس.. يصعب أن نري الغد.. يصبح الرحيل ضرورة ويصبح الفراق قرارا ﻻ رجعة فيه.. رغم أن المكان هو المكان.. لكن القلوب تغيرت.
موضوع جميل خيتو
تسلم ايدك
احترامي عبير بابل