كيف اتخلص من اعتبارات الناس؟
بعض الناس يتصرف تصرفات رياءً للناس أو مفاخرة أمامهم، وأحياناً ويحاول ألا يخالف الناس في آرائهم قدر المستطاع،
وهو يعلم ان الناس لن يضرونه ولن ينفعونه، وأنهم سيقفون موقفه يوم القيامة وسيقف موقفهم، ويعلم أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، ويعلم أن الرياء يحبط العمل عند الله تعالى،
وهكذا ينبغي أن يكون المسلم، يسأل نفسه دائمًا لماذا وكيف، لماذا السؤال عن القصد؟ وكيف السؤال عن الأداء والعمل؟ فلا نجاة للإنسان إلا بأن يُخلص لله، وأن يؤدي عمله على هدىً وخطى النبي – عليه صلاة الله وسلامه – وكان قائل السلف يقول لنفسه: (ماذا أردتُ بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟) لأنه لا يبقى بين يدي الله إلا ما أريد به وجه الله تبارك وتعالى.
ولكننا نريد أن نؤكد أيضًا أن وجود الإنسان بين الناس له ثمن وتنازلات لا بد أن يقدمها، فقد لا يُعجبك لبس الناس أو طريقة كلامهم أو طريقة حوارهم، لكن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، والدين لا يمنع المؤمن أن يوافق الناس ويسايرهم إذا كانوا على الطاعة، أما إذا كانوا على معصية فإن هذا هو الممنوع، هذا هو الذي يقال، لم لم تقل فيه كذا؟ فيقول: (أي رب مخافة الناس، وخشية الناس، وحياء من الناس) فيقال: (فإياي كنت أحقَّ أن تخاف) في الأمور التي فيها مخالفات لا يسكت عن النصح، ولا يجامل في معصية، لكن في الأمور العادية كونه يجامل ويساير ويُداري الناس، هذا المعنى مطلوب حتى من الناحية الشرعية، أما إذا وقع الناس في معصية، إذا وقع الناس في مخالفة، فلابد أن يُعلن النصيحة، لا بد أن يعلن أنه بريء من هذا الذي يحصل، لا بد أن يرد الناس بالنصح إلى الله تبارك وتعالى.
وقد أحسن من قال لك: (إن خوفك هذا دليل على الخير الذي فيك) ونعتقد أن هذا الخوف هو البداية الصحيحة والناجحة للوصول إلى الحق والصواب، وهنيئًا لمن أصبح الباطن عنده كالظاهر، والظاهر عنده كالباطن، وأصبح الذي في لسانه هو الذي في قلبه، ووافق ظاهره ما في باطنه ونفسه، فإن هذه كمالات ينبغي أن نسعى جميعًا إلى الحصول عليها.
لكن مجرد الموافقة في أمور عادية لا تقدم ولا تؤخر هذا لعله من الحكمة، والناس يحبون من يوافقهم ويسايرهم، ولكن هذه المسايرة والموافقة والمجاملة تُرفض إذا كانوا في معصية لله تبارك وتعالى، أما إذا كانوا مطيعين لله تبارك وتعالى فلا مانع من أن يسايرهم ويضحك معهم في الأمور المباحة التي لا تُقدم ولا تؤخر ولا تُلحق ضررًا بأحد، أما إذا كانت هناك معصية فعلى المسلم أن ينصح، فإن استجابوا فهذا ما نريد، وإن لم يستجيبوا فعليه أن يهجر المكان ويتوجه إلى خالق الأكوان.
وجزاك الله كل خير
لاحرمنا منك آبدآ ولآمن ابدآعك
بآنتظار جديدك المتميز