إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً رسول الله. ونصلى ونسلم على معلم البشرية الخير محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
أختى في الله..
أحييكم بتحية أهل الجنة…
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ،،
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ } [رواه البخاري].
هذا حديث جليل، فيه أن من سعى في نوافل العابادات تقربا إلى الله الرحيم أحبه الله، وقربه منه، ووفقه في سمعه وبصره، وكان الله معه، يحيب دعاءه ويعيذه، مما يخاف ويحذر، وكفى بالله حسيبا، والصيام من أحب الأعمال إلى الله، قال تعالى في الحديث القدسي : { كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي } [رواه مسلم].
فمن صام يوما تطوعا حاز الدرجات العلى، وأحبه الرحمن، والاستمرار على ذلك جالب للأجر الجزيل والتوفيق العظيم.
وصوم التطوع أنواع
1- صيام يوم وفطر يوم وهوأفضل صيام التطوع. عن عبدالله بن عمروابن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال: { إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا } [متفق عليه].
2- صيام ثلاث أيام من كل شهر (أي ثلاث أيام والأفضل أن تكون أيام البيض). عن أبي هريرة – رضي الله عنه– قال: { أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ } [متفق عليه]. عن ابن ملحان –رضي الله عنه – قال: { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ قَالَ وَقَالَ هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ } [رواه أبوداود].
3- صيام التسعة الأولى من ذي الحجة وآخرها يوم عرفة. عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ } [رواه أبوداود].
4- صيام يوم عرفة. عن أبي قتادة –رضي الله عنه– قال: { َسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ } [رواه مسلم].
5- صيام العاشر من محرم. عن أبي قتادة –رضي الله عنه– أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم-، { وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ } [رواه مسلم]. صيام التاسع والعاشر من محرم. عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ } [رواه مسلم]. قوله قابل : العام المقبل.
6- صيام الإثنين والخميس. عن أبي هريرة –رضي الله عنه– عن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال: { تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ } [رواه الترمذي وقال حديث حسن].
7- صيام ست من شوال. عن أبي أيوب –رضي الله عنه– أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال: { مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ } [رواه مسلم].
خصال الخير سبب في الدخول الجنة
عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُوبَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُوبَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُوبَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُوبَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ } [رواه مسلم].
فضل تفطير الصائم
عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال: { مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا } [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح].
فضل السحور
عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً } [متفق عليه]. وعن ابن عمر – رضي اللع عنهما – قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين } [رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الأوسط، وأبونعيم في الحلية، والحديث صحيح].
بعض فضائل وفوائد الصيام
إن للصيام فضائل وفوائد نذكر منها ما يلي:
1- للصائمين باب لا يدخل منه أحد غيرهم. عن سهل بن سعد –رضي الله عنه – عن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال: { إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ } [متفق عليه].
2- رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. قال النبي -صلى الله عليه و سلم-: { وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ } [متفق عليه].
3- له فرحة عند فطره. عن أبي هريرة -رضي الله عنه– قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ } [رواه مسلم].
4- أن الصوم يهذب النفس ويدربها على الجوع والعطش والصبر، وكذلك الإحساس بأحوال إخواننا المسلمين اللذين لا يجدون ما يأكلون ولا ما يشربون.
5- إن الصائم ينوي بصومه احتساب الأجر عند الله على الصبر بالصيام، قال تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر:10].
6- للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة
عن عبدالله بن عمروبن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: { الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ } [رواه الإمام أحمد].
فهنيئا لمن تقرب إلى الله بفعل النوافل وخشع قلبه ولانت جوارحه لله فالأجر الجنة وما أعظمه من أجر، فهيا إلى روضات الجنات بالإخلاص وعبادة الله والتقرب إليه ولنهتم بأمر الصيام – صيام النوافل – فهو أعظم العبادات أجرا، وفقنا الله للصالحات. وصل الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
دمتي بحفظ الله
ننتظر جديدك الهادف ودمتي بحفظ الله
استغفر الله واتوب اليه