بسم الله الرحمن الرحيم .
الماهر في البيان أنك طاهر .
مقدمة :
في هذا الزمان التي كثرت فيه الفتن وتعاقبت تعاقب الليل والنهار وكثر فيه دجل الأشرار والفجار حيث أنهم لبسوا لباس الضأن على قلوب الذئاب ، وزادهم الله بسطة في الحياة الدنيا وقوى نفوذهم ليمدهم في العذاب مدا وسخر لهم وسائل اغتر بها كثير من الناس وحسبوا أنه لجة ولكن خراب في سراب .
وفي ثنايا هذه الفتن قد ينظر المؤمن بمنظار دنيوي مادي فيجد نفسه محقورا مطرودا لا يساوي عند هؤلاء سوى بضاعة مزجاة .
وقد يجد المؤمن نفسه خارج مجال تغطيتهم مقطوع الإتصال بهم فيظن بنفسه شرا وقد ييئس من روح الله تعالى .
هنا يجب أن نعود للكنز الثمين والؤلؤ الدفين ونفتش عن الزاد المعين ويد المصطفى الأمين ممدودة في كل آونة وحين .
وقفة مع حديث شريف كل شيء يفنى وهو الكنز الذي لا يفنى ..؟؟
الحديث :
روى البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب، قال: فانسحبت منه فذهبت فاغتسلت ثم جئت فقال: " أين كنت يا أبا هريرة ؟ ".. قال: كنت جنبا ً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: "سبحان الله!!.. إن المؤمن لا ينجس".
تحليل نص الحديث:
كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ممن يحبون مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ويتقربون إلى الله تعالى بحبه واقتفاء أثره وكان يلازم النبي صلى الله عليه وسلم في الصغيرة والكبيرة ويتبعه في أدق الأمور .
وقد كان رضي الله عنه من أكثر الصحابة رواة للحديث وهذا يدل على مدى حرصه على طلب العلم وحرصه على تثبيت دعائم الدين ونشر تعاليمه حتى يكون له الحظ الأوفر من الثواب والأجر وحتى تنعم الأمة بنور العلم والهداية .
حدث يوم وأن لقي النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى طرق المدينة وكان رضي الله عنه على غير طهارة فكره أن يلقى حبيبه وهو على غير طهارة وجال بخلده أنه نجس والنبي صلى الله عليه وسلم طاهرا مطهرا فغير مسير الطريق وخالف إلى داره ليغتسل ويتطهر ويبادر بذلك حتى لا يفوته لقاء مع حبيبه صلى الله عليه وسلم .
وأثناء عودته وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بخبره فقال له : أين كنت يا أبا هريرة..؟ فأخبره رضي الله عنه بخبره وما حدث منه ، وأنه كره مجالستك وهو جنبا على غير طهارة ..فقال له عليه الصلاة والسلام :" سبحان الله …إن المؤمن لا ينجس"
وهذا الرد مما يثلج القلب ويروح عن النفس التي شعرت بالخجل من هذا الحدث!..
خاصة وأن هذا الصحابي ضعيف مستضعف يحس بالخجل من نفسه حينما يجالس العظماء والكبراء ، ولكن المؤمن المرتوي بماء الهداية متصل بالكبير المتعال الذي قبله في رحابه رغم ضعفه وما هو عليه من حال فكيف لا يقبله غيره فسبحان الله ..!!
التسبيح :
سبحان الله : التسبيح والتنزيه لله تعالى هي في الحقيقة تنزيه للمؤمن من أن ينجسه شيئ في هذه الحياة .
سبحان الله : تعظيما لشأن المؤمن ومكانته عند الله تعالى .
سبحان الله : إيذان بأن المؤمن مقبول عند الله فكيف يرفضه العباد ويطرد من على الأبواب …؟
المؤمن لا ينجس :
الطهارة : هي طهارة القلب من درن الشرك والنفاق ومما قد يعلق بها من وسخ الغل والحسد والأمراض التي تفتك بالفرد والجماعة .
الطهارة : هي طهارة النفس من درن الذنوب والخطايا التي تهلك الحرث والنسل .
الطهارة : هي طهارة الفرد والجماعة بنور العلم والهداية .
الطهارة : هي ملازمة السنة والإقتداء بصاحبها .
القضية مع القلوب :
فلا ينجس مؤمن حامل للواء النبي صلى الله عليه وسلم حتى ولو حدث وأن رموه في مزبلة الدنيا الدنية فربما أصابت النجاسة بدنه ولكن قلبه المملوء بحب الله ورسوله يبقى طيب طاهر مادام قائم على هذا الصرح الذي لا يصعد إليه سوى الكلم والعمل الطيب .
هي رفعة لك : فالمؤمن مرفوع عن الدناءة مقامه ليس هناك بل هنا في مقعد صدق في حضرة القداسة والطهارة فلا تحتقر نفسك مع هؤلاء الأنجاس ممن تزينوا بزينة الحياة الدنيا وحسن مظهرهم ونجس مخبرهم بالشرك والنفاق والشهوات والملذات .
سبحان الله : هل الطهارة لفاجر يصبح على فاحشة ويمسي على أخرى حتى ولو كان ملكا يلبس الحرير ويخدمه الصغير والكبير .
هل يستويان مثلا ..؟:
قال الله تعالى :" {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة100،
لا يستوي الخبيث والطيب من كل شيء, فالكافر لا يساوي المؤمن, والعاصي لا يساوي المطيع, والجاهل لا يساوي العالم, والمبتدع لا يساوي المتبع, والمال الحرام لا يساوي الحلال, ولو أعجبك -أيها الإنسان- كثرة الخبيث وعدد أهله. فاتقوا الله يا أصحاب العقول الراجحة باجتناب الخبائث, وفعل الطيبات; لتفلحوا بنيل المقصود الأعظم, وهو رضا الله تعالى والفوز بالجنة.
قد تعجب ..!!:
كم يعجب كثير من الناس اليوم بالمطرب الفلاني والموسيقار المشهور والطبيب الخبير والمهندس الكبير والرئيس والوزير وغيرهم من أرباب العلم الدنيوي والسلطان رغم أنهم لا يدينون بدين الحق أو أنهم ممن غرتهم الحياة الدنيا وغرهم بالله الغرور .
وبالمقابل تزدري أعين الناس ذلكم الفقير الحقير المبتلى في بدنه أو ماله أو أهله رغم أنه على مكانة من التوحيد والعلم والهداية والتقوى والورع ، وهذه لا يرغب فيها كثير من الناس بل تجد لسان حال هؤلاء لما يحضرون مجالسهم قول الله تعالى :" أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }النمل56 ،
المقاس :
مقياس طهارة العباد هو نقاوة قلوبهم وصفاء سريرتهم وسلامة صدورهم وهو سبيل الفلاح في العاجلة والآجلة قال الله تعالى :" يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89}" الشعراء .
قطف الحديث :
علينا بقبول المؤمنين على أي حال كانوا عليه وضرورة مجالستهم والسؤال عنهم إذا غابوا أو غُيّبوا والحذر من الترفع عنهم فهذا من موجبات غضب الله تعالى الذي رفع شأنهم وقبلهم في كل آونة وحين والدليل تسبيح النبي صلى الله عليه وسلم كان على أمر ذو جلل
منقول
ويجعلة في موازين اعمالك0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
مشكورة أختي
جزاك الله كل خير