تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الهاوية -قصة قصيرة

الهاوية -قصة قصيرة 2024.

الهاوية

خليجية

قال بلال بن سعد: ربَّ مسرور مغبون يأكل ويشرب ويضحك، وقد حُقَّ له في كتاب الله عز وجلً أنه من وقود النار.

——————–
وأنا أحمل إبريق الشاي.. بدا لي أن كل شيء يتحرك من مكانه الأكواب تقدمت إلى الأمام.. وإبريق الشاي رجع إلى الخلف ولكني أمسكت بقوة على صينية الشاي حتى وضعتها..
ناداني أخي.. تعالي هنا
تحركت ببطء يلفه الخجل.. وبخجل يحركه الارتباك
ولما جلست.. فإذا عينيَّ بعينه..!!
بدأت أضغط على يدي وأحرك أصابعي بقوة..
لم أشعر بالألم ولا بشيء حولي
غشاوةٌ على عيني.. ودقات قلبي تُسمع من بعيد..
وقطرات الماء من جبيني.. سالت أودية وأنهاراً
كان حديث أخي والخاطب.. عن الجو هذا الأيام
والمطر.. وكثرة الخير
سألني.. كيف حالك؟
سمعت السؤال.. ولكني فقدت الجواب
لساني استعصى عليّ.. وتحولت حركته إلى جمود..
انتزعته انتزاعاً من فمي
وقلت بصوت لا يُسمع.. الحمد لله
فكرتُ أن أهرب..
ولكن قدميّ تقول.. لا.. لن تتحركي!!
لاحظ سكوتي وارتباكي.. ووجه الحديث إلى أخي..
وجدتها فرصةُ لا تُعوض.. اهربي
بعد لحظات كنت أتنفس الصعداء.. شربت كوباً من الماء.. وأتبعته بثان..
عندما هدأت أعصابي قليلاً.. سألتني أختي..
كل هذا حياء؟!
قلت لها.. ما هو شعورك.. ترين رجلاً لأول مرة.. ليس مَحرماً لك؟
• بعد أسبوع.. إذا بالرجل يطرق الباب
جلس مع أبي.. وتحدث إليه.. ثم قدم له المهر..
كان أبي حازماً ملأته السنين حكمة وتجارباً
قال له: ما هذا يا بنيّ؟
قال: هذا مهرُ لعفاف..
وفاجأه أبي.. كل هذا مهر.. ماذا تفعل به ابنتي؟
ارتبك الشباب.. وأجاب
تشتري به ملابس.. وحُلي..
أجاب أبي بلطف..
هذا المهر.. وأخذ مبلغاً يسيراً وناوله ما تبقى..
وهو يحدثه..
الذهب.. ابنتي لا تعرف شراء الذهب.. اشتره أنت.. أما الملابس.. فسنجهزها بما تيسر.. ثم عليك كسوتها.
يا بُنيّ: أكثر النساء بركة أيسرهن مؤنة..
ونحن اشتريناك من بين تقدم.. وفضلناك على كل من أتي.. لا تُخيب أملنا فيك.. لم نزوجها إياك إلا لتُكرمها.. وتُعينها على الطاعة والخير
تمت الأمور.. فرح الجميع.. بما فيهم أنا..
رجلٌ كما ذكر أخي.. لا تفارقه الابتسامة.. على محياه الخير لا يترك صلاة الجماعة.. بارٌّ بوالديه.. جمع بين الخُلق والدين..
صفات كافية لأعلن فرحي به
حمدت الله.. حدثت نفسي.. بقي الكثير.. بدأت رحلة العذاب.. وأي عذاب
إنها رحلة الأسواق..
في ما مضى لا نذهب للسوق إلا نادراً
الآن تغير الأمر.. لابدّ أن نذهب كل أسبوع..
شحذ للهمم.. وترتيب للوقت.. وحساب للمصاريف.. (نُجهز عروساً)
فكرت.. لماذا لا نتجهز للقبر هكذا؟!
استعداد.. وهمة.. واستقطاع من وقت أبي وأخي.. وسؤال عن ذا وذاك.. أين نجده وكم ثمنه؟!
مع أبواب الأسواق.. ندلف إلى فتن.. ومزاحمةٌ للرجال.. هذا أمرٌ لا يُطاق.. ألقيت بحمل ثقيل على أخي..
شراء بعض ما أريد..
تحدثت مع أختي.. يجب أن ننظم أنفسنا ونرتب أوقاتنا.. كتبت ورقة فيها ما أحتاجه.. ثم وزعتها على حسب الأمكنة والأيام..
وبهذا حددت أين أذهب وماذا أشتري..
لن أبدأ حياتي الزوجية بذنوب ومعاصٍ.. أبحث عن التوفيق.. وهو لا شك في طاعة الله وامتثال أوامره..
ذهبت مرة للسوق.. ولعلي اشتريت الكثير مما أريد
فأنا أعرف أين أذهب وماذا أشتري.. فالقائمة بيد..
• مرة أخرى.
ذهبت.. وعندما دخلت إلى محل أخذت منه بعض ما أريد.. ولكن كان هناك زحام شديد.. نساء في كل زاوية.. وأمام كل بائع.. الجميع يشتركن في أنهن بنات الإسلام..
ولكن البون شاسع.. والفرق واضح
إحداهن مُظهرة لشعرها.. وأخرى كاشفةٌ عن وجهها.. وثالثة تسمع صوتها يجلجل في المكان..
فكرت أن أتحدث مع كاشفة الوجه.. من أبانت عن زينتها.. ألا تخافين من العقاب؟
وجهك الجميل.. كيف يصبر على النار؟
تذكري.. إذا وسدت في القبر..!!
تذكري يوم العرض على الله!!
ماذا تقولين يوم الحساب؟
واستجمعتُ كلمات.. ولكن المكان مليء ومكتظ بالمتسوقين.. وفضلت أن أُبعد صوتي عن مسامع الرجال.. أبحث عن هدوء.. عن مكان أنصحها فيه.. وأنا أفكر في اختيار الوقت المناسب.. إذا بشاب عليه ملامح الخير.. ومعه امرأة.. ربما زوجته أو أخته..
• هاتَفها..
يا أختي.. عليك بالستر.. لو غطيت وجهك لكان خيراً لك رأيت الحياء سقط من النساء.. عندما رفعت صوته.. ما شأنك أنت؟
سكتَ قليلاً.. والأنظار متجهة إليه ثم قال.. يا أُختي.. كلامك خطير.. ويخشى عليك الكفر.. لا تأخذك العزة بالإثم.. توبي إلى الله..
ثم خفض صوته.. وهو يدعو.. هداك الله.. وخرج.. توقعت أن الأمر انتهى بخروجه..
ولكن لاحقته النبال والسهام..
فضولي.. ما شأنه.. الكل يريد أن يأمر وينهي..
أما أنا فقد شغل ذهني قوله.. يُخشى عليك الكفر.. كيف يقول هذا؟
سألت أخي.. ووعدني خيراً.. سأبحث لك الأمر.. ولكن مضى أسبوع بدون أن أسمع الجواب؟
قلت في نفسي.. هل الرجل قال هذا الكلام جُزافاً.. وهل يقبلُ مسلمٌ ناصح أن يقول على الله ما لا يعلم؟
وعزمت.. إن شاء الله بهمتي سأبحث عن ذلك.. سألت.. وسألت.. ولكن بدون أن أجد جواباً شافياً.. في زحمة انشغالي.. نسيت الأمر بل وتوقفت عن السؤال..
وبعد شهور.. من زواجي عادت الكلمات إلى أذني..
سألت زوجي
قال: كلامه صحيح وقد سمعت به ولكن أين؟ لا أذكر..
ومضت الأيام.. حتى قرأت قدراً ما بحثت عنه مرات عديدة.. وصدمت من هول المفاجأة..
في حاشية ابن عابدين أن من قال (فضولي) لمن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فهو مرتد.. وقرأت أيضاً.. فالقائل لمن يأمر بالمعروف أنت فضولي يخشى عليه الكفر..
أعدت القراءة مرة أخرى.. وسألت نفسي..
هل بلغ الجهل بالناس إلى هذا الحد.. محاربة الله ورسوله.. والارتداد عن الإسلام..

@ الزمن القادم3.
للشيخ عبدالملك القاسم.

جزاكي الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.