لحمد لله ربِ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه الى يوم الدين .
أما بعد.
أخياتي فالله اسعدكن الله بطاعته أن كثير من الناس يفهمون الكتاب والسنة على فهمهم فهل هذا هو الصحيح أي كل منا يدين الله بفهمه للكتاب والسنة أم الفهم الصحيح هو ان نفهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة رضوان الله عليهم وهل هذا هو شرط أن نفهم الكتاب والسنة بفهم القرون المفضلة ؟
نعم أخواتي فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بأحسان للكتاب والسنة هو شرط علينا لأننا لو فهمنا الكتاب والسنة على أفهامنا لنتكسنا ولتفرقنا كما هو الحال اليوم لأن العقول تتفاوت بالفهم فنفهم الكتاب والسنة فهماً سقيماً بعيد عن مراد الله ورسوله .
ثم اقول هل هذا الشرط (أي فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ) بينه الله لنا في كتابه الكريم ونبيه صلى الله عليه وسلم في سنة المطهره ؟
نعم حاشا لله ورسوله أن يتركون هذه الأمة في تفرق وتشتت.
فقد بين الله سبحانه أن التمسك بالقرآن والسنة نجاة وهو الصراط المستقيم قال تعالى (قالوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتابًا أُنزِلَ مِن بَعدِ موسىٰ مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيهِ يَهدي إِلَى الحَقِّ وَإِلىٰ طَريقٍ مُستَقيمٍ ) الأحقاف 30
القرآن أخياتي يهدي الى الصراط المستقيم والنجاة من الجحيم , وكذلك قال تعالى (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم ٍ ) الشورى 52 .
أي السنة تهدي الى صراط الله المستقيم .
فهل أنتهى الأمر الى هنا فقط وتركنا الله سبحانه نخوض بعقولنا من غير فهم سديد ونفهم مصدري النجاة الى الصراط المستقيم على افهامنا أم بين لنا بما نفهم هاذين المصدرين ؟
نعم أخياتي الفاضلات الكريمات والله بين لنا الله عزوجل بسورة تقرأ في اليوم سبعة عشر مرة في الفروض وما شاء الله في النوافل , ألا وهي سورة الفاتحة ,
قال جل ذكره وعظم في عالي سماه ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) أي نسال الله عزوجل أن يهدينا الى الصراط المستقيم أي الكتاب والسنة ثم قال بعدها ربي سبحانه (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) هذا هو الشرط بفهم الكتاب والسنة من هم الذين انعم الله عليهم قال تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا) النساء69 .
أي صراط النبين محمد صلى الله عليه وسلم والصديقين أبوبكر رضي الله عنه والشهداء عمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم والصالحين هم سائر الصحابة الكرام ومن تبعهم بأحسان ,
قال تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة 100
أن الله رضي على الصحابة من غير شرط ولكن اشترط على الذين يأتون من بعدهم حتى يرضى عنهم أن يتبعوهم بأحسان .
فهل نتدبر اخياتي ذلك وكذلك قال سبحانه وتعالى (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) لأيات 115 , 116
لماذا أشترط الله سبحانه أتباع سبيل المؤمنين مع العلم ان مشاققة الرسول وحدها كافية لأدخال النار قال تعالى (ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ) الأنفال 13
أشترطها لأنهم فهم الدين فهماً صحيحاً نابعاً من أصله وهو الوحي فجعل الله سبحانه من غير وبدل مصيره النار قال الأمام السعدي رحمه الله في تفسير الأيات 115 و 116 من سورة النساء (
أي من يخالف الرسول (صلى الله عليه وسلم) و يعانده فيما جاء به
(ومن بعد ما تبين له الهدى) بدلائل القرأنين, و البراهين النبوية.
(يتبع غير سبيل المؤمنين ) وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم و عمالهم.
(نوله ما تولى) أي نتركه وما أختاره لنفسه,و نخذله, فلا نوفقه للخير,
لوكنه رأى الحق و علمه و تركه, فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في
ضلاله حائرا, و يزداد ضلالا إلى ضلاله