اليكي اختي
يعتبر وجود الإخوة داخل الأسرة الواحدة ضرورة للآباء والأبناء معا، فمن خلال علاقات الأشقاء وتفاعلاتهم يتعلم الأبناء مهارات حياتية كثيرة، فالإخوة بمثابة مدرسة حقيقية في تعليم قواعد التعامل مع الآخرين، وقواعد التكيف الاجتماعي، كما أن وجود أخ أو أكثر يمثل لكل طفل دعما نفسيا واجتماعيا، ويوفر له مزايا عاطفية وارتباطات انفعالية قوية، كما يمثل له منبعا خصبا للمفاهيم والقضايا التربوية التي يحتاجها في مراحل نموه المختلفة، كما أن الأخوة توفر له صحبة دائمة، ورفقة مضمونة في معظم أنواع اللعب والهوايات، ويشعر من خلالها كل طفل أنه جزء من عالم طفل آخر، وله نصيب من اهتمام طفل آخر. إلا أن الأمور لا تسير دائماً بين الإخوة في هذا الاتجاه الإيجابي الجميل، فقد ينشأ صراع بينهم أحياناً، بل من المحتم أن ينشأ هذا الصراع، فما اجتمع أطفال في مكان واحد، يستخدمون أدوات واحدة، ويتقاسمون أبا واحدا، وأُمًا واحدة، إلا تعارضت مصالحهم، وتباينت وجهات نظر كل منهم في تفسير كل موقف لصالحه، وأراد كل منهم لنفسه أفضل الأشياء، وأفضل أوقات الأب والأم، ولو استطاع أحدهم أن يستحوذ على كل اهتمام الأبوين ما تردد في ذلك لحظة واحدة، فتوجد نتيجة لذلك الاختلافات بينهم، وتنشأ الصراعات.
والاختلافات بين الأبناء على أي موضوع مهما كان بسيطا قد تتسبب في قيام المشاجرات والمعارك،
ومن الضروري أن يدرك الآباء أن ظاهرة الشجار بين الأبناء طبيعية، وهي ليست شرا كلها، بل في بعضها بعض الخير، وذلك حتى يشعروا أننا لسنا أمام مشكلة معقدة تستدعي التوتر الدائم وشد الأعصاب المستمر،
قد تفتح المشاجرات بين الأبناء الطريق أمام الأبوين لفهم ما يدور داخل الطفل، ذلك الصندوق الذي إن ظل مغلقا عمي على الآباء فتحه، وغم عليهم فهمه، وعز عليهم طريقة التعامل معه، فتأتي المشاجرات بين الأطفال، أو بينهم وبين الآباء لتعبر عن احتياجات الطفل المفتقدة أحيانا، أو قد تدل على مايشعر به من مشاعر سلبية تجاه الآخرين من أفراد الأسرة،
قد يصرف الشجار بين الأبناء جزءا ليس بالقليل من طاقة الطفل المختزنة، وينفس عن مكبوتات لايستطيع الطفل البوح بها، إنْ خوفا أو حياء، فيقوم بتصريفها في اتجاه إخوته شتما أو ضربا أو ركلا، وهو الاتجاه الذي يقدر تصريف طاقته فيه، بدلا من أن يصرفها في اتجاهها الحقيقي وهو الأب أو الأم أو أحد الكبار بصفة عامة،
قد تدل المشاجرات على عصبية الطفل الموروثة من أحد الوالدين أو كليهما، أو قد تدل على العصبية المكتسبة من طريقة تعامل الوالدين مع الأبناء، وذلك عندما يقوم الطفل بتقليد هما، ولكنه يوجه ما يشعر به من العصبية إلى إخوته، وفي الحالتين ليس للطفل ذنب في عصبيته الموروثة، ولا في عصبيته المكتسبة من البيئة التي نشأ فيها،
يلعب الشجار دورا مهما في نمو شخصية الطفل: فيتعلم الأطفال من خلاله كيف يعبرون عن أفكارهم ومشاعرهم، وكيف يتعلمون التفاوض الناجح الذي يساعدهم في إبرام اتفاق مع الآخر، وكيف يتعلمون المهارات اللغوية عندما يضطر أحدهم إلى تجنب العنف اللفظي والبدنى، وكيف يدافعون عن أنفسهم بمنطق رصين، وكيف يتمسكون بحقوقهم ولايفرطون فيها، وكيف يحترمون ملكهم وملك الآخر، وكيف ينبغي عليهم ألا يتعدى أحدهم حدود الآخر، ولايسمح للآخر بتعدي الحدود معه، ويكون الدافع الأساسي لتعلم هذه المهارات جميعها هو الاختلاف مع الآخرين.
يدفع الشجار الإخوة لأن يشعروا بمشاعر معينة من الضروري أن يشعروا بها، ولكنهم لم يكونوا ليحسوا بها لو أنهم لا يتشاجرون ويتخاصمون ثم يتحاكمون إلى الكبير ويتصالحون، فيتذوق أحدهم طعم الشعور بالانتصار، أو يعرف معني تقبل الهزيمة، أو يستشعر قيمة أن يكون الحق في جانبه مرة، وفي جانب خصمه مرة أخرى، ويجرب الطفل عمليا كيف يشعر بمعنى قول الحق، ويعرف صعوبة تنفيذ ذلك إلا إذا كان قويا مع نفسه.
انتبه!!!
ـ لا تتحيزي بدموع الصغير ولا بدموع الأنثى، فقد يبالغ الصغير في بكائه للفت انتباهك، وقد تتقن الأنثى استخدام الدموع لكسب التعاطف، أو شحن الكبير ضد من يختلف معها.
ـ لا تسمحي بالسباب في البيت أو بالضرب أو تكسير الأشياء أثناء الغضب، ولاتسمحي بالإضرار بالآخرين بأي نوع من أنواع إيقاع الضرر المتعمد.
ـ تجنبي انتقاد أحد الوالدين للآخر أمام الأبناء، وتجنبي الخلاف مع الزوج أمامهما، وتجنبي التفاهم بصوت مرتفع على مسمع من أحد منهم.
ـ لا تتدخلي عند كل خلاف بين الأبناء، فقد يفسد تدخلك العلاقة بينهم، وقد ينتهي الخلاف تلقائيا إذا كان بسيطاً،
ـ لاتسمحي بالتشاجر بين الأطفال خارج البيت، أو عند زيارة الأقارب، أو في الفسح والأماكن العامة.
لاتسمحي بأن يتحول البيت إلى محكمة مستمرة، أو ساحة تحقيق مفتوحة، فلاتستمعي لكل طرف عند حدوث كل مشكلة بين الأبناء، خصوصا إذا كان أبناؤك لايزالون أطفالا دون التاسعة، فلن يصل من يحقق في الخلاف بين الأطفال إلى نتيجة،
مقارنة مستوى إنجاز الطفل بنفسه في الأوقات المختلفة، ومدحه على نسبة التقدم التي يحرزها مهما كانت ضئيلة، وتجنب مقارنة أعماله بأعمال الآخرين وإنجازاتهم، مهما كان يمتلك من المؤهلات التي تجعله يتفوق على غيره، سواء كانوا إخوته أم لم يكونوا، وذلك حتى نتجنب إثارة الشجار بينه وبين الأطفال الذين يقارن بهم، وليكن التدريب الذي يجعل الطفل المتميز يتمكن من استثمار إمكاناته، هو الحادي للوالدين الذين يظنان أن ابنهما لديه من الإمكانات ما يجعله متميزا بحق.
كرري كثيرا على أسماع الأبناء حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) «لاضرر ولا ضرار» (صححه الألباني) وبناء على أدب هذا الحديث، يكون الضرر المتعمد دائما ممنوع، واشرحي لهم الآية التي يقول الله فيها: {إن الله لايصلح عمل المفسدين}(يونس ـ 81)، فيكون دائما الإصلاح مقرون بعدم الفساد.
ـ الاعتراف بالخطأ من قبل الأبوين مهم، وذلك حينما يتعاملون معا أمام الأبناء، أو حينما يتعاملون مع الأبناء أنفسهم، فذلك ييسر للطفل الاعتراف بالخطأ، ويجعله يمتنع عن اللجاجة والمكابرة، ويدفعه لعدم التمادي في الباطل، ويكفه عن العناد، وتعتبر المكابرة والعناد من أهم الأسباب المؤدية إلى التناحر والتشاجر.
-دربي أبناءك كثيرا على إتقان الفصل بين المشاعر السلبية وبين التعبير عنها، فلا بد أن يتم التعبير عن المشاعر بشكل لائق ومقبول من الآخرين.
((لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين))
موضوع مهم جدا شكرا لك
استمتعت بقراءته وتمنيت لو انه طال اكثر،لانني اعجز احيانا امام شجارات ابنائي
استمتعت بقرائه موضوعك و راق لي طرحك الرائع
جزاك الله الخير كله و في انتظار المزيد من جمال مواضيعك