الدور الأربعة
لقد اقتضت حكمة الله جل و علا أن جعل نفوس الخلائق في أربع دور،
كل دار أعظم و أكبر من التي قبلها:
*الدار الأولى:
هي رحم الأم و فيها حصر و ضيق و ظلمات ثلاث.
*الدار الثانية:
أكبر من الأولى هي هذه الدار التي نشأنا و عشنا فيها و ألفناها و اكتسبنا
فيها الخير و الشر و أسباب السعادة و الشقاء.
*الدار الثالثة:
دار البرزخ،و هي أكبر من دار الدنيا و أعظم،هي أجل و أخطر،فإذا
كان فوق الأرض حركات و اضطرابات و أصوات و أحياء يدبون و يمشون
و يعمرون،فتحتَ الأرض حياة عظيمة و حركات كثيرة،صعود و هبوط،
و إقعاد و سؤال و فتنة و فتح أبواب،و هذا عذاب يأتي من الشمال و هذا نعيم
يأتي من اليمين،و قد صدق المصطفى صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة
رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا
و لبكيتم كثيرا).
ذلك لأن النبي صلى الله عليه و سلم اطلع على الأحوال و الأهوال التي تكون عند النزع،
و ي القبر ذلك العالم الذي ضم أناسا يستأنسون و أناسا يستوحشون،فعالم
القبر سكانه أكثر من عالم الدنيا و لكن الناس يغفلون عن هذا؛نسأل الله العفو
و العافية في الدين و الدنيا و الآخرة.
*الدار الرابعة:
هي دار القرار إما الجنة و إما النار،و هي أكبر الدور و قد جرت سنة الله
تعالى في خلقه أتنتقل النفوس في هذه الدور حالا بعد حال حتى تبلغ دار
القرار فريق في الجنة و فريق في النار،و لهذه النفوس في كل دار حكم و شأن،
فتبارك الله فاطرها،و منشئها،و مميتها،و محييها،الذي فاوَتَ بينها في
السعادة و الشقاوة كما فاوت بينها في المراتب و لا بد للإنسان أن يقف وقفة
مصارحة و مسائلة،فإذا خاف العبد الآن و أمِن غدا،خير له من أن يأمن الآن
و يخاف غدا،و الغد هو عالم القبر،ذلك العالم هو أطول من عالم الدنيا.
ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:كنت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء
رجل من الأنصار فقال:يا نبي الله من أكيس الناس و أحزم الناس؟
قال صلى الله عليه و سلم:(أكثرهم ذكرا للموت،و أحسنهم لما بعده استعدادا أولئك
الأكياس-أي العقلاء-ذهبوا بشرف الدنيا و الآخرة).
من كتاب على فراش الموت
جـــــــــــــــــــــــــــــزاك الله الف خير
جعله بموازيين حسنااتك