الحرية
في يوم من الأيام كانت هناك أسرة سعيدة…أب وأم وأبناؤهما
طفل وجهه منير كالبدر … وطفلة جميلة يشع الذكاء من عينيها الصغيرتين
كان الأب يتجهز للسفر إلى دولة أفريقية لإتمام إحدى الصفقات وفي صباح اليوم الموعود ودّع زوجته وأبناءه وتوجه للمطار…
في أحد الأسواق التجارية في المدينة التي نزل فيها كان يتنزه قليلاً ويبحث عن هدايا مناسبة لأهله..
دخل محل ملئ بالببغاوات الناطقةة..لفت نظره ببغاء جميل الألوان طويل الريش يردد كلمات بلغة أهل البلد بطريقة ظريفة..نقد البائع الثمن وانصرف بهديته الثمينة التي سيفرح بها أولاده كثيراً..
عاد الأب إلى بلده وقابله الأبناء بحفاوة بالغة..كانوا في غاية السعادة بالببغاء .وضعوه في قفص ذهبي جميل .أسموه كوكو
وتعلم كوكو سريعاً أن يلقي التحية على أهل البيت كل صباح: صباح الخير
وكل مساء: مساء الخير
كان لا يفتر عن ترديد هذه الكلمات …ببغاء يتحدث بما يسمع..
ظل كوكو في المنزل السعيد عاماً كاملاً….تعلم كلمات جديدة
في الأعياد كان يقول: كل عام وأنتم خير
حين يعود الأب من الصلاة كان يقول: تقبل الله يا حاج!
ومن داخل قفصه الذهبي الجميل كان ينشر البهجة والسعادة في نفوس أهل البيت جميعاً..
وذات يوم قرر الأب أن يعود للدولة الأفريقية مرة أخرى للتعاقد على صفقة جديدة
وبعد أن ودّع أهله وتأهب للخروج من البيت للمطار سمع كوكو يُنادي عليه!!
اقترب من كوكو وقال له: مع السلامة يا كوكو…هتوحشني..
قال له كوكو: وانت كمان بس ممكن أطلب منك طلب؟
تعجب الأب بشدة فقد استجاب كوكو كأنه إنسان عاقل يتحدث معه…ولكن كتم هذا الشعور ووقف مشدوهاً كأنما ينتظر طلب كوكو
قال الببغاء: عاوز منك اما ترجع بلدى تروح الغابة القريبة من السوق الى اشتريتنى منه.هتلاقى مكان فيه ببغاوات كتير بتطير أو واقفة على الشجر دول أهلى….أما توصل هناك عاوزك تقف وسطهم وتقول بصوت عالى : كوكو يُقرئكم السلام وبيقول لكم أنه عايش فى قفص دهبى جميل فى بيت سعيد وكبير
شعر الأب كأنه يحلم…ولما لم يجد ما يقول انصرف ونظرة ذهول على وجهه
وقبل أن يستدير للإنصراف سمع صوت كوكو من الخلف: متنساش…..مع السلامة
التفت الأب للخلف فرأى كوكو في القفص واقفاً يُردد بصورة آلية
مساء الخير…..مساء الخير….
أشاح الأب بوجهه وانصرف!
سافر الأب ونسى موقف الببغاء العاقل برُمته …
وفي آخر يوم للأب في البلد الأفريقية وبعد أن عقد صفقة ناجحة ذهب إلى السوق ليبتاع الهدايا لزوجته وأبنائه
ولكن قبل أن يدخل السوق رأى بطرف عينه الغابة التي حدثه عنها كوكو..تردد قليلاً ثُم عزم وغير مساره اتجاه الغابة….سار بداخلها قليلاً…حتى وقعت عيناه على أكبر تجمع للببغاوات الناطقة يراه في حياته.. كانت تطير وتلهو وتصدر أصوات جميلة قد تكون مزعجة لكثرتها ولكنها بدت تنم عن سعادة حقيقية تشعر بها هذه الكائنات الطليقة فى سماء الحرية ..
تسمر الأب في مكانه قليلاً وهو يسترجع كلام كوكو…ثُم اقترب حتى وقف وسط الببغاوات وقال بصوتٍ عال: كوكو يقرئكم السلام وبيقول لكم إنه عايش في قفص ذهبي جميل في بيت سعيد وكبير
وما أن انتهى الأب حتى حدث أمر شديد الغرابة…
فقد سقطت كل الببغاوات على أرض الغابة بلا حراك
كل الببغاوات التي تطير والتي تقف على الشجر والتي تلهو بأجنحتها
سقطت على الأرض كأن الكلام الذي قاله الأب نشر سُماً مُميتاً قضى على الحياة في الغابة في لحظة واحدة! أخذ الأب ينظر حوله للببغاوات الساكنة في رُعب….ثُم انصرف يركُض بعيداً باتجاه مدخل الغابة وهو يتحاشى أن تصطدم قدماه بالببغاوات التي لا أثر فيها لحياة!
عاد الأب لبلده مُشوش مضطرب الفكر ومنظر الببغاوات التي سقطت ميتة لا يُفارق خياله…
سلم الأب على أهل بيته ثُم التفتت عيناه تبحث عن كوكو فرآه في قفصه يأكل في نهم..
قال الأب في لهفة: كوكو كوكو…الحمد لله أنك بخير؟؟
قال كوكو: عملت الي قلت لك عليه؟
قال الأب: أيوة
رُحت الغابة ووقفت وسطها وقُلت رسالتك لأهلك
كوكو: وبعدين؟
قال الأب بعين حالمة :مش عارف أيه الى حصل…. كل الببغاوات وقعت على الأرض كأنها ماتت!
أنا مش فاهم حاجة
أغلق الأب عينيه فى إرهاق ثُم فتحهما ليجد كوكو صريعاً على أرض القفص
أخذ الأب يصرُخ فى هيستريا: كوكو كوكو…رُد عليا…كوكو..
حضرت الزوجة والأبناء على صراخ الأب واقترب الأبناء من القفص فوجدوا كوكو على الأرض بلا حراك فأخذوا يبكون في حُرقة….كوكو…كوكو مات…كوكو….كوكو مات
وبعد أن هدؤوا قليلاً فتح الأب باب القفص ومد يده ليتناول الجسد الساكن في رفق
وبعد أن أخرج الببغاء الصريع من القضبان برقت العينان الصغيرتان فجأة ثُم قام كوكو من نومته وفرد أجنحته وطار في سماء الغُرفة ثُم منها للشباك القريب إلى الشجرة القريبة ووقف على غصن من أغصانها ينظر لأهل البيت الذي كان فيه منذ ثوان معدودة وقد تجمهروا أمام شُباك الغُرفة ينادون على الببغاء في مزيج من الذهول والسعادة بأن كوكو لم يمت..
الأب: كوكو ماماتش…أرجع يا كوكو…أرجع يا كوكو
طار الببغاء من على الغُصن وقام بدورة كبيرة في الهواء ثُم عاد للغُصن مرة أُخرى وهو يُحرك أجنحته في استمتاع وقال: لا مش هرجع حد يبيع الحُرية ويطلب السجن؟
قال الأب: بس يا كوكو..إحنا بنحبك
كوكو: وأنا كمان بحبكم…بس الحُرية أحب لقلبي ومش هبيعها بأي تمن!
ساد الصمت قليلاً طاف بذهن الأب وقتها الرسالة التي أرسله بها كوكو لأهله….فقاطع كوكو حبل أفكاره قائلاً :الرسالة لأهلي كانت بالشفرة معناها أني محبوس وحزين ومش عارف أعمل أيه..
والرسالة الى بعتوها معاك كانت بالشفرة برضو… بس كانت بتقول حاجة واحدة
بتقول أنى عشان أعيش حُر لازم أموت
فكان لازم أموت عشان أعيش
ألقاكم على خير…
ثُم أفرد جناحيه وطار محلقاً فى السماء… يتنسم….
طفل وجهه منير كالبدر … وطفلة جميلة يشع الذكاء من عينيها الصغيرتين
كان الأب يتجهز للسفر إلى دولة أفريقية لإتمام إحدى الصفقات وفي صباح اليوم الموعود ودّع زوجته وأبناءه وتوجه للمطار…
في أحد الأسواق التجارية في المدينة التي نزل فيها كان يتنزه قليلاً ويبحث عن هدايا مناسبة لأهله..
دخل محل ملئ بالببغاوات الناطقةة..لفت نظره ببغاء جميل الألوان طويل الريش يردد كلمات بلغة أهل البلد بطريقة ظريفة..نقد البائع الثمن وانصرف بهديته الثمينة التي سيفرح بها أولاده كثيراً..
عاد الأب إلى بلده وقابله الأبناء بحفاوة بالغة..كانوا في غاية السعادة بالببغاء .وضعوه في قفص ذهبي جميل .أسموه كوكو
وتعلم كوكو سريعاً أن يلقي التحية على أهل البيت كل صباح: صباح الخير
وكل مساء: مساء الخير
كان لا يفتر عن ترديد هذه الكلمات …ببغاء يتحدث بما يسمع..
ظل كوكو في المنزل السعيد عاماً كاملاً….تعلم كلمات جديدة
في الأعياد كان يقول: كل عام وأنتم خير
حين يعود الأب من الصلاة كان يقول: تقبل الله يا حاج!
ومن داخل قفصه الذهبي الجميل كان ينشر البهجة والسعادة في نفوس أهل البيت جميعاً..
وذات يوم قرر الأب أن يعود للدولة الأفريقية مرة أخرى للتعاقد على صفقة جديدة
وبعد أن ودّع أهله وتأهب للخروج من البيت للمطار سمع كوكو يُنادي عليه!!
اقترب من كوكو وقال له: مع السلامة يا كوكو…هتوحشني..
قال له كوكو: وانت كمان بس ممكن أطلب منك طلب؟
تعجب الأب بشدة فقد استجاب كوكو كأنه إنسان عاقل يتحدث معه…ولكن كتم هذا الشعور ووقف مشدوهاً كأنما ينتظر طلب كوكو
قال الببغاء: عاوز منك اما ترجع بلدى تروح الغابة القريبة من السوق الى اشتريتنى منه.هتلاقى مكان فيه ببغاوات كتير بتطير أو واقفة على الشجر دول أهلى….أما توصل هناك عاوزك تقف وسطهم وتقول بصوت عالى : كوكو يُقرئكم السلام وبيقول لكم أنه عايش فى قفص دهبى جميل فى بيت سعيد وكبير
شعر الأب كأنه يحلم…ولما لم يجد ما يقول انصرف ونظرة ذهول على وجهه
وقبل أن يستدير للإنصراف سمع صوت كوكو من الخلف: متنساش…..مع السلامة
التفت الأب للخلف فرأى كوكو في القفص واقفاً يُردد بصورة آلية
مساء الخير…..مساء الخير….
أشاح الأب بوجهه وانصرف!
سافر الأب ونسى موقف الببغاء العاقل برُمته …
وفي آخر يوم للأب في البلد الأفريقية وبعد أن عقد صفقة ناجحة ذهب إلى السوق ليبتاع الهدايا لزوجته وأبنائه
ولكن قبل أن يدخل السوق رأى بطرف عينه الغابة التي حدثه عنها كوكو..تردد قليلاً ثُم عزم وغير مساره اتجاه الغابة….سار بداخلها قليلاً…حتى وقعت عيناه على أكبر تجمع للببغاوات الناطقة يراه في حياته.. كانت تطير وتلهو وتصدر أصوات جميلة قد تكون مزعجة لكثرتها ولكنها بدت تنم عن سعادة حقيقية تشعر بها هذه الكائنات الطليقة فى سماء الحرية ..
تسمر الأب في مكانه قليلاً وهو يسترجع كلام كوكو…ثُم اقترب حتى وقف وسط الببغاوات وقال بصوتٍ عال: كوكو يقرئكم السلام وبيقول لكم إنه عايش في قفص ذهبي جميل في بيت سعيد وكبير
وما أن انتهى الأب حتى حدث أمر شديد الغرابة…
فقد سقطت كل الببغاوات على أرض الغابة بلا حراك
كل الببغاوات التي تطير والتي تقف على الشجر والتي تلهو بأجنحتها
سقطت على الأرض كأن الكلام الذي قاله الأب نشر سُماً مُميتاً قضى على الحياة في الغابة في لحظة واحدة! أخذ الأب ينظر حوله للببغاوات الساكنة في رُعب….ثُم انصرف يركُض بعيداً باتجاه مدخل الغابة وهو يتحاشى أن تصطدم قدماه بالببغاوات التي لا أثر فيها لحياة!
عاد الأب لبلده مُشوش مضطرب الفكر ومنظر الببغاوات التي سقطت ميتة لا يُفارق خياله…
سلم الأب على أهل بيته ثُم التفتت عيناه تبحث عن كوكو فرآه في قفصه يأكل في نهم..
قال الأب في لهفة: كوكو كوكو…الحمد لله أنك بخير؟؟
قال كوكو: عملت الي قلت لك عليه؟
قال الأب: أيوة
رُحت الغابة ووقفت وسطها وقُلت رسالتك لأهلك
كوكو: وبعدين؟
قال الأب بعين حالمة :مش عارف أيه الى حصل…. كل الببغاوات وقعت على الأرض كأنها ماتت!
أنا مش فاهم حاجة
أغلق الأب عينيه فى إرهاق ثُم فتحهما ليجد كوكو صريعاً على أرض القفص
أخذ الأب يصرُخ فى هيستريا: كوكو كوكو…رُد عليا…كوكو..
حضرت الزوجة والأبناء على صراخ الأب واقترب الأبناء من القفص فوجدوا كوكو على الأرض بلا حراك فأخذوا يبكون في حُرقة….كوكو…كوكو مات…كوكو….كوكو مات
وبعد أن هدؤوا قليلاً فتح الأب باب القفص ومد يده ليتناول الجسد الساكن في رفق
وبعد أن أخرج الببغاء الصريع من القضبان برقت العينان الصغيرتان فجأة ثُم قام كوكو من نومته وفرد أجنحته وطار في سماء الغُرفة ثُم منها للشباك القريب إلى الشجرة القريبة ووقف على غصن من أغصانها ينظر لأهل البيت الذي كان فيه منذ ثوان معدودة وقد تجمهروا أمام شُباك الغُرفة ينادون على الببغاء في مزيج من الذهول والسعادة بأن كوكو لم يمت..
الأب: كوكو ماماتش…أرجع يا كوكو…أرجع يا كوكو
طار الببغاء من على الغُصن وقام بدورة كبيرة في الهواء ثُم عاد للغُصن مرة أُخرى وهو يُحرك أجنحته في استمتاع وقال: لا مش هرجع حد يبيع الحُرية ويطلب السجن؟
قال الأب: بس يا كوكو..إحنا بنحبك
كوكو: وأنا كمان بحبكم…بس الحُرية أحب لقلبي ومش هبيعها بأي تمن!
ساد الصمت قليلاً طاف بذهن الأب وقتها الرسالة التي أرسله بها كوكو لأهله….فقاطع كوكو حبل أفكاره قائلاً :الرسالة لأهلي كانت بالشفرة معناها أني محبوس وحزين ومش عارف أعمل أيه..
والرسالة الى بعتوها معاك كانت بالشفرة برضو… بس كانت بتقول حاجة واحدة
بتقول أنى عشان أعيش حُر لازم أموت
فكان لازم أموت عشان أعيش
ألقاكم على خير…
ثُم أفرد جناحيه وطار محلقاً فى السماء… يتنسم….
الحُرية
الحرية ثمنــها غال وغالبـاً ما يكون الــدم
سلمت يمنــآآك غاليتي على جميل ما نقلت لنــا
يعطيك العــآفيــهـ
لك ودي وتقييمي وبأنتظــآر جديـــدك..
سلمت يمنــآآك غاليتي على جميل ما نقلت لنــا
يعطيك العــآفيــهـ
لك ودي وتقييمي وبأنتظــآر جديـــدك..
الحرية اجمل مافيها ارتياح القلب