السلام عليكم كل من في المنتدي لحضت في هذا الزمن كل شخص يفتي علي كيفه مررت بنساء الاولى تقول اذ وصلت في الطواف الشوط الخامس يجب ان تتوضي وان تعيد الطواف من الشوط الاول الثانيه تقول لا بل تكملي مابنيتي عليه واطلب من كل من يفقه في امور الفقه ان يحكم بينا المختلفات وجعله الله في ميزان حسناتكم
فلا تشترطُ طهارةُ الحَدَثِ في الطواف ولا تجبُ فيه، ولكن يُستحبُّ فيه الوضوءُ، وبه قال ابنُ حَزْمٍ وهو اختيارُ ابنِ تيميةَ وابنِ القَيِّمِ وغيرِهم من أهل التحقيقِ(١- انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (26/199، 212)، «تهذيب السنن» لابن القيم: (1/52))، خلافًا لمن يرى أنّ الطهارة من الأحداث والأنجاس شرطٌ لصحة الطواف، وهو مذهب جمهور العلماء، وبه قال مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ في المشهور من مذهبه(٢- «القوانين الفقهية» لابن جزي:(116)، «المجموع للنووي»: (8/15، 17))، أمّا مذهبُ أبي حنيفةَ وروايةٌ عن أحمدَ أنّ الطهارة من واجبات الطواف لا من شروطه(٣- «المبسوط» للسرخسي: (4/28)، «الإنصاف» للمردوي: (3/16)).
والاستحباب إنما في الطهارة من الحدث الأصغر، وأمّا الطهارة في الحدث الأكبر كالحيض والنفاس والجنابة، فالظاهر الصحيح أنّ الطواف لا يتمّ إلاّ بها لحديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال لها –حينما حاضت-: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَلاَّ تَطُوفِي بِالبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»(٤- أخرجه البخاري في «الحيض»، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف: (299)، ومسلم في «الحج»، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج: (2919)، ومالك في «الموطإ»: (925)، وابن حبان في «صحيحه»: (3835)، وأحمد: (25812)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، وفي رواية مسلم: «حَتَّى تَغْتَسِلِي»(٥- أخرجه مسلم في «الحج»، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج: (2918)، وأبو يعلى في «مسنده»: (4719)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9383)، من حديث عائشة رضي الله عنها).
هذا، والذي يَستدِلُّ به المشترطون للطهارة للطواف مُطلقًا أنّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ»(٦- أخرجه البخاري في «الحج»، باب الطواف على وضوء: (1560)، ومسلم في «الحج»، باب بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل السعي: (3001)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (2699)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9381)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، وقد قال: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»(٧- أخرجه مسلم في «الحج»، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا: (3137)، وأبو داود في «المناسك»، باب في رمي الجمار: (1972)، والنسائي في «مناسك الحج»، باب الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم: (3062)، وأحمد: (147093)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9608)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما)، فإنه يقتضي وجوبَ كلِّ ما فَعَلَه إلاّ ما قام الدليل على عدم وجوبه، واستدلّوا بقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلاَةٌ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ»(٨- أخرجه الترمذي في «الحج»، باب ما جاء في الكلام في الطواف: (960)، والنسائي في «مناسك الحج»، باب إباحة الكلام في الطواف: (2922)، والدارمي في «سننه»: (1791)، وابن حبان في «صحيحه»: (3836)، والحاكم في «المستدرك»: (1686)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9384)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (121)، وانظر في وقفه أو رفعه ما كتبه ابن حجر في «تلخيص الحبير»: (1/195))، وفي روايةٍ أخرى عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: «قَالَ اللهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ﴿طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ فَالطَّوَافُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّ اللهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلاَ يَنْطِقْ إِلاَّ بِخَيْرٍ»(٩- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (3056)، وصححه الألباني في «الإرواء»: (1/157))، وبحديث عائشةَ أنّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَحَابِسَتُـنَا هِيَ؟» فَقِيـلَ لَهُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، قَالَ: «فَلاَ إِذًا»(١٠- أخرجه البخاري في «الحج»، باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت: (1670)، ومسلم في «الحج»، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض: (3225)، والترمذي في «الحج»، باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الإفاضة باب ما جاء في المرأة تحيض بعد الإفاضة: (943)، وابن ماجه في «المناسك»، باب الحائض تنفر قبل أن تودع: (3072)، وأحمد: (23593)، من حديث عائشة رضي الله عنها). فمقتضى ذلك أنها لو لم تكن طافت للإفاضة لم يرحل حتى تَطْهُرَ من الحيض وتغتسلَ وتطوفَ.
هذا، ولا يخفى أنه ليس في الأدلة المتقدّمة ما يدلّ على وجوب الطهارة الصغرى فيه:
– أمّا طوافُه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم متوضّئًا وقد قال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»؛ فإنّ الفعل لا يدلّ على الوجوب بَلْـهَ على الشرطيةِ، والأخذ عنه -كما قال ابن القيم- هو أن يفعل كما فعل على الوجه الذي فعل، فإذا كان قد فعل فعلاً على وجه الاستحباب فأوجبناه لم نكن قد أخذنا عنه ولا تَأَسَّيْـنَا به، مع أنه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فعل في حَجّته أشياءَ كثيرةً جدًّا لم يوجبها أحدٌ من الفقهاء»(١١- «تهذيب السنن» لابن القيم: (1/53)).
– أمّا حديث: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلاَةٌ»؛ فالمراد به شبيهٌ بالصلاة، وقد روي: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ»(١٢- أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»: (2739)، والحاكم في «المستدرك»: (1687)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9384)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما)، فهذا الشبه كشبه انتظار الصلاة بالصلاة، ففي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ فِي الصَّلاَةِ»(١٣- أخرجه مسلم في «المساجد»، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة: (1360)، ومالك في «الموطإ»:(150)، وابن حبان في «صحيحه»: (2148)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (1065)، وأحمد: (10466)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه). وعليه، فالطواف صلاةٌ بالاسم العامِّ وليس بصلاة خاصة، والوضوء إنما يشترط للصلاة الخاصّة التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»(١٤- أخرجه أبو داود في «الطهارة»، باب فرض الوضوء: (61)، والترمذي في «الطهارة»، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور: (3)، وابن ماجه في «الطهارة وسننها»، باب مفتاح الصلاة الطهور: (288)، وأحمد: (1018)، والدارمي: (712)، والدارقطني في «سننه»: (1375)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (2353)، من حديث علي رضي الله عنه. والحديث حسنه البغوي في «شرح السنة»: (2/184)، والنووي في «الخلاصة»: (1/348)، وصححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (2/240)، والألباني في «صحيح الجامع»: (5885))، فدلّ على أنّ الطوافَ ليس كذلك فلا يُشترط فيه الطهارة. وقد تكون الصلاة بمعنى الدعاء على الحقيقة اللغوية، ومعنى ذلك أنّ الطواف هو موضع الدعاء ويستحبّ للدعاء الطهارة ولا يجب ولا يشترط.
– أمّا الاستدلال بالآية: ﴿أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، فليس إلحاقُ الطائف بالراكع الساجد أولى من إلحاقه بالعاكف بل العاكفُ أشبه؛ لأنّ المسجدَ شرطٌ في الطواف والعكوف وليس شرطًا في الصلاة.
– وأمّا حديث: «غَيْرَ أَلاَّ تَطُوفِي بِالبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»، وحديث: «أَحَابِسَتُـنَا هِيَ؟» فهو محمولٌ على الحدث الأكبر جمعًا بين الأدلة، مع هذا فيه من أهل التحقيق من رأى أنه لا دليلَ في مَنْعِهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم للحائض من الطواف، وإنما منعها خوفًا من أن تلوّث المسجد بدم الحيض.
فالحاصـل: أنّ ما عليه أكثر السلف استحباب الطهارة، وأنّ الوضوء للطواف ليس من مناسك الحجِّ، فإنه لم يَنقُلْ أَحَدٌ عن النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه أمر المسلمين بالطهارة لا في عُمَرِهِ ولا في حَجَّته مع كثرة من حجّ معه واعتمر، ويمتنع أن يكون ذلك واجبًا ولا يُبَـيّنه للأمّة، وتأخير البيان عن وقته لا يجوز كما هو مقرّر عند أهل الأصول.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
السؤال س: إذا انتقض الوضوء في نفس الطواف هل يعيد الطواف أم ماذا يفعل؟ خاصة إذا كان الزحام شديدا في أيام الحج ونحوه؟
الاجابـــة
هذا السؤال له إجابة مُشابهة وهي: ـ
س: حججت، وفي آخر أيام الحج أصابتني الحمى وجاهدت نفسي على طواف الوداع، وفي الشوط الأول، وقُرب نهايته خرج مني ريح فتوضأت وبدأت من أول شوط وأكملت طوافي واحتسبت ذلك الشوط، فما حكم ذلك؟
يصح ما فعلته؛ فإن الطواف يُشترط له الطهارة، ومن أحدث أثناء الطواف لزمه تجديد الوضوء وإكمال ما بقي من الأشواط ولا يلزمه ابتداء الطواف من أوله، فمن أحدث في أثناء شوط لزمه الوضوء واستئناف ذلك الشوط والإتيان بما بعده، ولا يلزمه إعادة الطواف من أوله.