القرب من الله والصراحة والتفاهم -حتى فيما يتعلق بالعلاقة الحميمة- أهم أدوات الانسجام النفسي ومفاتيح السعادة بين الزوجين، وإذا لم تتوافر فإن الحياة الزوجية تكون معرضة للخطر، بحسب خبراء الطب النفسي.
ويقول الدكتور محمد رمضان -الاختصاصي النفسي بأكاديمية شرطة دبي "-: "عندما يكون هناك إشباع نفسي داخلي بين الزوجين يكون هناك الانسجام النفسي بين الزوجين، وهذا الانسجام لا يأتي صدفة، ولكنه يأتي دائما من القرب من الله".
ويتابع مضيفا: "كلما استقامت علاقتك مع الله، استقامت علاقتك مع الزوجة، ثم تستقيم العلاقة مع الكون كله، فالشبع النفسي يأتي من الشبع الإيماني".
وشبه ضيف "صباح الخير يا عرب" العلاقة الزوجية بأنها كالمواد الدراسية.. لابد أن يحقق الزوج والزوجة درجات عالية في كل مادة على حدة، محذرا -في الوقت نفسه- من الاهتمام بجانب في الحياة الأسرية على حساب جانب آخر.
وأضح دكتور رمضان رأيه قائلا: "المطلوب أن تنجح الزوجة كأم وزوجة، ولكن ما يحدث فعلا أنها تنجح في مادة الأمومة بنسبة 100%، ولكنها ترسب في مادتها كزوجة".
ولابد أن تكون العلاقة الزوجية -كما يقول دكتور رمضان- يملؤها التسامح والمودة والرحمة، وليس القهر أو التجسس أو الديكتاتورية.
أسباب الفتور
ومن الأسباب التي تؤدي لزيادة الفتور في الحياة الزوجية وإثارة المشاكل، ما أسماه الاختصاصي النفسي بـ"العقد التجاري للزواج".
واستطرد قائلا: "بمعنى أن تكون العلاقة بين الزوج والزوجة قائمة على متطلبات مادية، وهذا العقد التجاري مأخوذ من الحضارة الغربية القائمة على العلمانية وفصل الدين عن الدولة، وهو ما تسبب في انتشار البرجماتية أو النفعية".
وفق هذا المنظور أصبحت الزوجة في عالمنا العربي والإسلامي في عام 2024 تفكر في الأشياء المادية في الزواج فقط؛ مثل "السيارة والشقة والأموال التي سيكتبها لها الزوج".
لكن حضارة الإسلام المأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، تقوم على عدم الفصل بين الدين والدولة، فالدين حدد قيما وأصولا نفسية للعلاقة الزوجية، أهمها التسامح والعفو والدعاء والمودة والرحمة.
وإذا كان وقوع المشاحنات الزوجية أمرا لا بد منه، فيرى د. رمضان أن الصراحة والتفاهم مفتاحان لحل أي صراع أو مشكلة زوجية. وضرب على ذلك مثالا واقعيا بزوجين يريدان الطلاق، ولكن عندما جلس وسمع منهما وحكى كل طرف موقفه ومشكلته للآخر هدءا نفسيًّا وتراجعا عن الطلاق.
ومن أهم القضايا التي تحتاج للصراحة والتفاهم بين الزوجين قضية العلاقة الحميمة، فيقول د. عمرو أبو خليل -اختصاصي الطب النفسي-: لكي تستقيم العلاقة بين الزوجين لابد من التفاهم والمصارحة بشأن العلاقة الجنسية.. فلابد أن يتصارحا حول إذا ما كان كل طرف يستمتع بالآخر أم لا في اللقاء الحميم، وذلك من أجل التوصل لحلول مبكرة إذا كانت هناك مشكلة في هذا الإطار.
مخاطر كبيرة
ومن النصائح التي يؤكد عليها الدكتور رمضان في هذا السياق، أن حلّ الصراع والمشكلة في نفس اليوم له مخاطر كبيرة، ولكن تأجيل الحل يكون له فوائد جمة وأهم، حيث يكون الطرفان قد هدءا وأصبح بإمكانهما التواصل وإيجاد الحلول الممكنة.
كما ينصح -إذا وقعت مشكلة- أن يفكر كل طرف في كلّ جميل، وكل هدية، وكل عمل جيد قام به الطرف الآخر من أجله؛ ليعرف أن ما حدث مجرد شيء عابر، وأن العلاقة والمودة بينهما قادرة على علاج ذلك.
وفي هذا السياق يحذر دكتور محمد رمضان من قيام الآباء -بغير قصد- بنقل اضطراباتهم النفسية إلى أبنائهم.. ذلك بسبب عدم وجود جلسات مصارحة مع النفس، ويدعو الاختصاصي النفسي بأكاديمية شرطة دبي إلى ما يسميه "العلاج الأسري النفسي"، وهو عبارة عن جلسة مصارحة تقدم حلولا رائعة لكل المشاكل.
دمتم في حفظ الله