اعجبتني هذه الرواية فنقلتها لكن اتمنى ان تعجبكم
الجزء الاول
على صوت الشيخ الوقور دخل الطلبة الكُتاب كعهدهم منذ الصبا ، مع إشراقة الشمس الأولى ونسمات الفجر الرطبة ، مع ضوء الحياة البريء الخافت يرتشفون من الحياة والعلم معا ،
من الأدب والوقار ، من الجمال من الحياء، ليكتمل رسم الطريق السوي في أنظارهم ويرتسم في عقولهم فتخطوا الأقدام بثبات نحو الهدف وبعزم نحو الوجهة والغاية ،
دخلوا و قد داعبت أسماعهم كلمات لم يعهدوها ولم يألفوا سماعها ، كلمات كان يرددها شيخهم وقد جلس في مجلسه ذاك تنساب عليه أشعة الشمس المنسلة من النافذة
فتظفي على لحيته البيضاء بريقا ينعكس منه نور وجهه كما تعكس المرءاة الأنوار كان يقول شعرا ليس كمثله إلا روض من الأزهار اليانعة المتفتحة
في معناً هو أعمق ما في الوجود وأجمل ما فيه ، به بدأت الحياة وبه تستمر وعليه تضع أركانها و تُسَوي بُنْيَانَها ،
هو شعر الحب وحديث القلب و ما عَهِدوا شيخهم عاشقا ولا ألِفُوه شاعرا، فنَظَرَ بعضهم إلى بعض نَظَرَ من اِعْتَلى الحياء وجنتيه وملأ السُؤال المُلِحُ ما بين شفتيه ما بال شيخنا اليوم ؟؟؟
تحلقوا كعادتهم على منبع العلم ونُورِه ، كنجوم سماء تحلقت حول القمر يرتشفون من نوره في جو بهيج تحضره الملائكة و تشهد عليه السماء ،
وماكانت لتغيب عن الشيخ دهشتهم و حيرتهم مما سمعوه ولم يألفوه فما لبث أن أخذ مجلسه وراح يسألهم
– فيما حديثنا اليوم ؟؟
-قالوا في علم المواريث ؟؟ – ابتسم وقال : بل حديثنا اليوم عن الحب ، عن المعنى المُعجز في معانيه ، المبهم في مقاصده و نواحيه ، به تقوم الدنيا و به يتراحم الناس
وبه يتيه آخرون ويغرقون في بحر لجي لا يُعرف له باطن من أساس . فإني قاص علكيم قصة عن الحب ومعانيه فاستمعوا إلي .
في طَرَفٍ من أطراف هذه الدنيا و فضاء من زمانها حَدَثَتْ وقائعها و جَرَى قَلَمُ الحياة الأزلِي بأطوارها ،
بطلها شاب قد استوفى شبابه جمع بين الجمال وحسن الخلق و الطيبة في شِدَة جسم ووقار مظهر فكان قمر زمانه بين أقرانه .
وفتاة أخذت من الطفولة مرحهاو نقاءها ومن الأزهار نضرتها وبهاءها ومن الدنيا رونقها وصفاءها فكانت قطعة من القمر نزلت تُضْفِي على الأرض سحرها وجمالها .
حَمَلَتْهُمَا المشيئة على اللقاء ،وما زال اللقاء يجمع بينهما فَيَنْظُرُها وتَنْظُره حتى نَكَتَ الإحساس في قلبيهما نَكْتَةً صافية مُقَابِلة لنَكْتَةِ البَصَر ،وما أول الحب إلى نظرة .
نَظْرَةٌ موغلة في أعماق النفس لا تحمل تعابير الوجه بل تعابير القلب ودقاته تحمل همسا بين الروحين لا يٌقال فيٌسمع ولكن يَرْتَسِم ليٌقرء ،
لتكون كل روح مرآة للأخرى ترى فيها حالها وحال نظيرتها حين تلتقي العيون .
نعم أَحَبَهَا ، أحَبَهَا حباً لو لم يكن في معاني الحياة سِوَاه لكفاه .
و الحب خلاصة الروح التي لا تُعطى إلا لمن إستحق فإن وقعت في غير من يستحق وقعت بصاحبها في جُرْفٍ هار لا يُعرف له ليل من نهار .
أحبها وأحبته وأزهر حبهما روضة من رياض الجمال المتقد بالنور الندي كانت كريحانة في بستان زهور وكان قصيدة في ديوان شعر ، تَقُولُ لَهُ أُريد أن أفْهَمَكَ ويقول لها تَأمَلي لِتَفْهَمِي .
وامتد بِساط الزمان من تحدت زهرة حبهما المتطاولة على أعناق الحياة و ما زال ساقها يرقى ويرقى حتى بلغ مداه و أصبح كل واحد منهما دنيا الآخر ووُجُودَه ،
لكن ما لبثت سحابة الحب التي كانت تُمطر هاذين القلبين برذاذ الحب أن تَلَفَفَتْ ثم اشْتَمَلَت أرْخَاؤُها وبَوَاسِقُها ثم …… أرعدت وأبرقت ،
وما لبث مصباح النور الذي كان يُضيء القلبين أن ينقلب فأستطار حريقا لا ضوءا. فَيَدُ الأقدار لها تدبير بالليل وآخر بالنهار ،
يتبع