ولذلك قال الله تعالى في آية التوبة: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا [التوبة:24] وهذه الخصال الثمان هي التي تصرف الناس عن الله ورسوله وعن الجهاد في سبيل الله فأخبر تعالى أن هذه المغريات -القرابة، والأموال، والمساكن، والتجارة- إن كانت أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24].
وقال في الكفار: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة:165]. فلا يعبد أحد صنماً أو حجراً أو ملكاً أو رجلاً صالحاً أو نبياً، إلاَّ بدافع المحبة له.
إذاً: الإيمان يشمل أربعة أركان، ولنضرب على هذا مثلاً: ذكر الله والتسبيح يدخل في باب قول اللسان، وأيضاً يدخل في قول القلب؛ لأن ذكر الله عز وجل له حالات عند الناس: الحالة الأولى: حالة من يذكر الله سبحانه وتعالى بلسانه وقلبه، وهذا يعتبر أعلى وأفضل الدرجات.
الحالة الثانية: حالة من يذكر الله بلسانه فقط، وهذا لا بأس به، لكن بقدر ارتباطه بالقلب يكون فضله، ولا يحرم هذا من الأجر لأنه قد ذكر الله بلسانه؛ لكنه ليس كالذي يقولها وقد قرن القلب باللسان، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند : {من شهد أن لا إله إلا الله يصدق قلبه لسانه ويصدق لسانه قلبه } فهذه أعلى درجة، فأفضل أنواع ذكر الله: أن يكون اللسان مصدقاً للقلب والقلب مصدقاً للسان.
ومن أمثلة أعمال الجوارح: الصلاة، وهي أعظم أعمال الجوارح؛ فلو صلاها العبد بلا عمل القلب، لم ينفعه ذلك، وقد قال بعض السلف : [لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ]، وهذا ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحيح، لكن الكلام حق، فلابد في الصلاة من النية والخشوع، ولابد من اليقين والتصديق لله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بهذه الصلاة، وفي الصلاة أيضاً -مع ذلك- عمل الجوارح؛ فعلى الإنسان أن يقوم -مع القدرة على القيام- بأن يركع كما كان يركع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستوي راكعاً، ثم يرفع ويقول ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسجد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {صلوا كما رأيتموني أصلي }.
فلأجل أن يكون العبد مؤمناً على الحقيقة، ويستحق ما وعد الله به عباده المؤمنين وأصفياءه المتقين؛ لابد أن يأتي بأركان الإيمان الأربعة:
– قول القلب.
– قول اللسان.
– عمل القلب.
– عمل الجوارح.
وهذا هو معنى كلام السلف أن الإيمان قول وعمل.
الدكتور سفر الحوالي
ممتنين لحرصكِ وجهودكِ معنا ونتمنى الفائدة للجميع ان شاءالله..