هل يعاقب الله العبد بذنب تاب منه؟ وكيف أعرف أن الله قبل توبتي؟.
الاجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا تاب العبد توبة مستجمعة لشروطها، فإن الله تعالى وعد بقبول توبته, والعفو عنه, بل ويبدل سيئاته حسنات؛ قال الله تعالى: { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة: 39]، وقال تعالى: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } [طه: 82]، وقال تعالى: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان: 70]، وقال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [الشورى: 25].
ونهانا أن نقنط من رحمته سبحانه فقال تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53]، قال ابن كثير في تفسيره:
هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت, وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر. اهــ.
وفي الحديث الصحيح: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ" رواه مسلم، وفي سنن ابن ماجه مرفوعًا: "التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ".
وقبول التوبة أو عدم قبولها: أمر غيبي لا يمكن للعبد أن يعلمه, وإنما هو مطالب بتحقيق التوبة بشروطها, ثم بحسن الظن بالله تعالى, وأنه سيقبل توبته، ومع هذا؛ يخاف أن تكون توبته ناقصة لم يحقق شروطها، فترد عليه، وبهذا يعيش خائفًا راجيًا، كما أن الاستقامة بعد التوبة وصلاح الحال أمارة على قبولها -إن شاء الله تعالى-. والله تعالى
اللهم اجعلنا من التوابين العابدين القانطين
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)﴾
( سورة النساء الآية: 27 )
أنت حينما تتوب يحبك الله، لأنك سعدت وسلمت في الدنيا والآخرة، لذلك يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
( سورة البقرة )
يريد أن يتوب عليك ويحبك إذا تبت إليه لأنك قبلت عطاء الله، خلقك ليسعدك:
﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
( سورة هود الآية: 119 )
من هذا الذي لا تقبل توبته ؟ قال تعالى:
﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ﴾
( سورة النساء )
عندما يحضر الموت أغلق باب التوبة، عند الغرغرة يغلق باب التوبة:
﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾
( سورة النساء )