بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
ما اكتشفه العلم من هذا الحديث :
من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام: أنه حدَّث عن أشياء اكتشفها العلم حديثاً, فالنبي عليه الصلاة والسلام في حديثٍ صحيحٍ أخرجه الإمام مسلم, يقول:
((ما مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ, وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ))
[أخرجه مسلم في الصحيح]
ويقول العلم الآن: يزيد عدد الحوينات المنوية في اللقاء الزوجي عن ثلاثمئة مليون ، وكل حوينٍ له رأسٌ، وله عنقٌ، وله ذيل، ويسبح في سائلٍ يغذيه, ويسهِّل حركته, يتجه هذا العدد الكبير إلى البويضة التي تلقَّح بحيوانٍ واحد من ثلاثمئة مليون حوين, كيف عرف النبي ذلك؟ من أي مخبرٍ استقى معلوماته؟ من أي بحثٍ علميٍ نشر في بعض المجلات أخذ هذه الحقيقة؟ كيف توصَّل إليها؟ كيف عد هذه الحوينات؟ .
يا أيها الأخوة الأكارم, يصل إلى البويضة بضع مئات، ويتم الاختيار من هذه الثلاثمئة مليون إلى الثلاثمئة، إلى أن تختار البويضة حويناً واحداً .
كيف يدخل هذا الحوين البويضة؟ شيءٌ لا يصدَّق ! إذا اصطدم هذا الحوين بجدار البويضة تمزَّق الغشاء، فخرجت مادةٌ مادةٌ نبيلة مركزةٌ في رأس الحوين، مغطاةٌ بغشاء من نوع قرنية العين، تتغذى بالحلول، فأذابت جدار البويضة فدخلت, وأُغْلِقَ الباب .
هذه البويضة هي خلية، وهذا الحوين هو خلية، فيه نوية، وفيه مادة، وفيه غشاء, وعلى نوية الحوين، وعلى نوية البويضة، معلومات سماها العلماء: المورثات، كروموزومات يزيد عددها عن خمسة آلاف مليون معلومة في الحوين, وفي البويضة، وهذه المعلومات مبرمجة .
فكل معلومة تتحرك في وقتٍ معين، ففي وقتٍ يخشن صوت الشاب، هذه المعلومة تحركت, في وقتٍ ينبت شعر لحيته، هذه المعلومة تحرَّكت، في وقتٍ ينمو صدر الفتاة، هذه المعلومة تحركت, خمسة آلاف مليون معلومة مكتوبة على نوية الحوين، وعلى نوية البويضة ، وبعد تلقيح البويضة بالحوين ينقسم هذا الهيكل أو هذه البويضة الملقَّحة, قال تعالى:
﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً﴾
[سورة الإنسان الآية: 2]
تنقسم البويضة الملقَّحة إلى عشرة آلاف قسم, وهي في طريقها إلى الرحم، فإذا وصلت إلى الرحم، هناك علمٌ خاص، اسمه علم الأجنة، لا تنقضي الأيام ولا الأسابيع ولا الشهور في دراسة تفصيلاته, قال تعالى:
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾
[سورة القيامة الآية: 36]
هكذا بلا حساب، بلا سؤال، يأخذ مال الناس بلا حساب، يستطيل عليهم بلا عقاب، يأخذ ما ليس له بلا تأنيب, قال تعالى:
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى﴾
[سورة القيامة الآية: 36-37]
نطفةً من مني، أي حوين سابح في سائل, قال تعالى:
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾
[سورة القيامة الآية: 36-40]
بلى الخلق الأول دليل اليوم الآخر .
العبثية تتناقض مع وحدة الكون :
يقول الله عزَّ وجل:
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾
[سورة المؤمنون الآية: 115-116]
هل من المعقول أن نُخلق عبثاً، أن نُخلق بلا هدف، أن نُخلق بلا تشريع، بلا أمر، بلا نهي، بلا معالجة؟ قال تعالى:
﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾
[سورة المؤمنون الآية: 116]
والحمد لله رب العالمين
مشكووووره