( إلا القرآن )
إنني لأجد نفسي عاجزة عن الكتابة حول هذا الموقف المؤلم جدا وأترك طرحه لمن نقلته من امرأة كبيرة بالسن لا تقرأ ولا تكتب قد جاوزت الستين من عمرها واليكم الموقف تقول هذه المرأة المسنة وبكل حرقة عندما كانت بمجلس نساء تقول وإذا بـفـتـاة
( جامعية ) مثقفة تقول لها : ما شاء الله عليك يا أم فلان ملتحقة بالدار ثم قالت : إلى أي سورة وصلتي بالحفظ ؟
فقالت وصلت لسورة نوح فردت مستغربة مستفهمة بأي جزء من الخلف أو من الأمام هذه السورة ؟؟!!!
تقول هذه المرأة الكبيرة بالسن فدهشت كيف متعلمة مثقفة ولا تعلم سورة نوح بأي جزء ؟!!
لا تعليق سوى إن القلم يقف عاجزا عن التعبير في وقت كان القرآن آخر اهتماماتنا ولو سألت هذه الأخت وغيرها كثير عن أسماء الأسواق لأحصتها بالوصف كذلك بل لو سألتها عن الموضات والأفلام لشرحتها بالتفصيل …
نعم والله إنها لمصيبة أن لا نعلم من القرآن إلا اسمه انه كتاب ربنا الكريم ..
نعم والله مصيبة أن تقرأ المجلات الهابطة وينظر للبلوتوثات الفاسخة والقنوات الفضائحية بل ونقرأ الكتب والمجلدات الكبيرة تجاوز آلالاف الورقات ثم تجد القرآن الكريم مغطى ( بالغبار ) بالأدراج لا يقرأ إلا من رمضان إلى رمضان وقد لا يقرأ برمضان كذلك ..
إنها والله مصيبة أن تعلق آيات الرحمن بالبيوت ثم تمتهن بمجالس الغيبة والنميمة والكذب والبهتان …
إخواني أخواتي … إلى متى هذا التغافل عن كتاب ربنا الذي أنزله الله سبحانه وتعالى رحمة للعالمين ؟؟
فيه ضياء ونور وبه شفاء من الأسقام ..
وفيه هدى لكل من أخطأ الطريق الصحيح فيدله القرآن على الطريق الصحيح وهو صراط الله المستقيم …
القرآن الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ..
القرآن الذي زلزل سادات قريش حين سمعوا رده عليه الصلاة والسلام على عروضهم الدنيوية الفانية بكلام الله سبحانه وتعالى
فلم يجدوا على قول ربنا أي رد لأنهم لم يستطيعوا وقد تحداهم أن يأتوا بآية من مثله فلم يستطيعوا إلا الإذعان بأنه كلام ربنا المعجز حينما قال من سمعه بأذنيه "
بأنه ليس بكلام ساحر ولا كاهن ولا مجنون وان عليه لحلاوة وان له لطراوة وانه ليعلوا ولا يعلى عليه … الخ "
حتى الجن وهم الجن حين سمعوا كلام ربنا ( قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى يهدي إلى الحق والى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله …. )
فكم بالله أعطينا دنيانا من وقتنا وكم أعطينا القرآن الكريم من وقتنا ؟!!
تجد أن الواحدة منا لمناسبة زواج وغيرها من المناسبات تعد وتستعد قبل موعدها بعدة أشهر ولا تتعب من الركض بالأسواق ومن مشقة الطريق والانتظار الطويل عند الإشارات لكن في المقابل ذكرها بحفظ كتاب الله ولو خمس آيات يوميا فيبدأ سرد الأعذار " عندي أولاد ، عندي طبخ ، عندي زوج ، عندي مسؤوليات … "
ولا تنتهي المسؤوليات إذن أين ذهب الجري بالأسواق والاستعداد لمناسبة ليلة مقابل تعب عدة أشهر … ؟؟
مثال آخر قريب من ذلك وهو فيمن تخصص الوقت الطويل لجلسات الاجتماع مع الصديقات والقريبات من بعد العصر إلى منتصف الليل فبعض الزيارات لا أبالغ فقد تتجاوز الساعة الثانية بالثلث الأخير من الليل لكن ذكرها بتخصيص ولو صفحة واحدة كورد يومي لتلاوة القرآن وحفظه فبماذا ترد بالأعذار السابقة الذكر وزد عليها ما عندي وقت !!!
إذن أين يا عزيزتي وقت السمر والضحك مع الصديقات والجارات من العصر لمنتصف الليل ؟؟
لنكن واقعيين فواقعنا اليوم مؤلم جدا ففي السابق لا نجد من يحاج ويجادل في كلام ربنا وسنته عليه الصلاة والسلام إلا من لا يعلم بدين الله شي والآن تغص الصحف بمجادلة بكتاب الله وسنة نبيه ممن فطرته على دين الله وتربى في بلد التوحيد والقرآن
فتجده لا يعلم من الدين إلا اسمه حين يقول عن علماء الأمة بأنهم لا يعرفون إلا في عدت النساء فمن هذا شاكلته حين قصر علمه عن معرفة جهود علمائنا في نشر العلم بلا أدنى شك أنه لا يعلم سورة نوح بأي جزء من الأمام أو من الخلف
إنني لا أبالغ في ذلك فحين أبتعد المسلمون عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ظهر الجهل حتى وصلنا لمرحلة أن لا نعرف لأهل العلم قدرهم لدرجة محاربتهم بالأقلام ’
وأجزم قطعا لو رجع هذا ومن على شاكلته ممن يجادل بحجاب المرأة أو بمسائل واضح
حكمها ومفروغ منها بكتاب ربنا أقول لو رجعوا للقرآن الكريم لقالوا " انه ليعلوا ولا يعلى عليه "
ولنادوا كما ينادي علماؤنا ودعاتنا " يا قومنا أجيبوا داعي الله "
ولعلموا لأهل العلم قدرهم ومكانتهم .
وصحيح أن القرآن الكريم بكل بيوت المسلمين ولم تقصر حكومتنا الرشيدة بنشره بكل مكان لكن في واقعنا الآن مكانه بالأدراج ليس بالقلوب ولما غاب مكانه بالقلوب بحفظه والإكثار من قرآته هنا كثرت الفتن وفشى الجهل وكثر اللغط والجدال ومع أن الجامعات والكليات لم تقصر بتخريجها ألآلاف من المثقفين وحملة شهادة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراة لكن مع ذلك قليل منهم تجد بجوفه جزء أو جزأين من كتاب الله تعالى …
سبحان الله إن القلب ليعتصر ألما وكمدا لحالنا اليوم فتجد البون الشاسع بيننا وبين السلف الصالح بحالهم مع كتاب الله تعالى فحين تتأمل بتدبرهم للقرآن الكريم فمنهم من يبكي ومنهم من يتباكى ومنهم من يغمى عليه بل إن منهم من لقب وسمي بقتيل القرآن حينما شهق شهقة عند سماع آيات الله تبارك وتعالى تقرأ
ففرق وربي بين من كان القرآن قتيله وبين من كان قتيلها عشيقها أو عشيقته وما أكثرهم اليوم وللأسف الشديد
آه ثم آه على واقعنا المؤلم اليوم حين أختلط بكثير من المغالطات طغت الملذات والشهوات والترف على حياتنا حتى ما عدنا نعرف سورة نوح ومحمد وغيرها من السور بأي جزء ,
طغت الشهوات والملذات والترف وفشت الأمراض النفسية وكثر الانتحار …
طغت الشهوات والملذات وابتعدنا عن مصدر عزنا ونصرنا وتمكيننا بالأرض فحين ابتعدنا عن كتاب ربنا هنا ظهرت الفرقة والتناحر بين المسلمين فيما بينهم ولو
رجعوا لقوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا … ) ,
لعلموا بحاجة الأمة إلى توحدهم وترابطهم كالجسد الواحد مع علمائهم وولاة أمرهم,
وأخيرا …
إنني بهذا المقال لا أرسم التشاؤم على الشفاه بل إنني أدعوا لفجر مشرق حينما نتمسك بقوله عليه الصلاة والسلام ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ )
فادعوا من تشعر بضيقه وتفكر بالانتحار أن لا ترسل لي أو لغيري قصتها بل ترجع للقرآن ففيه الحل والدواء وفيه الأنس والحلاوة التي ستتذوق طعمها حين تفتحه وتقرأه والتجربة خير برهان على صدق ما أقول ,
فما خلقنا بهذه الحياة إلا لهدف واضح صريح بقوله تعالى ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) .
وكما قال شيخ الإسلام ابن تيميه " من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية "
والعبادة مفهوم واسع أساسها إخلاصها لله تعالى ومن أفضل ذكر الله على الإطلاق قراءة كتاب الله تعالى …
فلما لا نحرص ونتواصى فيما بيننا من اليوم على تطبيق قاعدة " إلا القرآن " ورفع هذا الشعار في بيوتنا وبين أهلنا ومدارسنا ومجتمعنا بالدعوة لحفظ كتاب الله وتجويده وتفسيره وتدبره وتخصيص ورد يومي لتلاوة كتاب الله تعالى ؟؟
لنبدأ من اليوم ولنتذوق حلاوة الإيمان ونجرب طعم السعادة الأبدية …
هذا والله تعالى وحده أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اليكم هذا الفلاش عن القران
الا القرآن
الا القرآن
الا القرآن