مطابقة فعل المسلم لقوله
حديثنا اليوم عن الهدي النبوي في ضرورة مطابقة أفعال المسلم لأقواله، فقد اخرج البخاري ومسلم رضي الله عنهما عن رسول الله قال:"يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تأمر بالمعروف وتنه عن المنكر ؟ فيقول :بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهي عن المنكر وآتيه".
وتندلق اقتابه : أي تخرج أمعاؤه.
وفي هذا الحديث هدي علمي دقيق لمصير هذا الصنف من المسلمين الذين سيطرت عليهم شهوة الكلام دون فعل ودون أن يوافق سلوكهم كلامهم الطيب، أن مصير هؤلاء يوم القيامة أن تأتى بهم زبانية جهنم موثقين بالأغلال ثم نلقى بهم في النار فإذا بهم من شدة هول ما رأوا وما لاقوا تنهار أعصابهم، وتتفكك أوصالهم. وتخرج أمعاؤهم من بطونهم فيدورون بها وسط النار، كما يدور الحمار في الرحا، وهنا يجتمع عليهم أهل النار ويخاطبونهم في تعجب واستغراب مالكم يا قوم؟ أي جرم ارتكبتم؟ وأي ذنب اقترفتم وانتم كنتم تأمروننا بالمعروف، وتنهوننا عن المنكر، فيجيبونهم: حقا كنا نأمركم بالمعروف، ننهاكم عن المنكر بيد أننا حرمنا أنفسنا من الخير إذ ما كنا نأتي بالمعروف الذي نأمر به، واقبح من هذا كنا نأتي المنكر الذي ننهى عنه.وهكذا يفضحون على رؤوس الأشهاد ويصطلون بنار جهنم والعياذ بالله جزاء استهتارهم بأمانة الفعل الموافق للقول، واستهتارهم بحرمات الله وعدم خوفهم.
وهذا حال كثير من الناس، وحال بعض الدعاة إلى الله يأمرون الناس بأقصى العزائم ويفتون لهم بأشد الأحكام وعندما يتعلق الأمر بهم فانهم يفتون أنفسهم بأقل الرخص، والأحكام والأسوأ من ذلك أن يكون الرجل داعية إلى الله ويأمر نساء المسلمين بالحجاب وزوجته غير ملتزمة بذلك، وبناته غير ملتزمات بذلك وينهى عن أكل مال اليتيم، وقد هضم حق بعض الأيتام من أقاربه ويأمر بالصدقة ولا يبدأ بنفسه وينهى عن أكل الربا وهو واقع فيه، ويأمر الناس بالأمر بالمعروف ولا يأتي بالمعروف، وهذا حال بعض الآباء ينهون أبناءهم عن التدخين وهم يدخنون ويأمرونهم بالانضباط وهم غير منضبطين وهذا حال بعض المعلمين والمعلمات يعلمون الناس العلم وهم بعيدون عن تحصيل العلم وتعلم الجديد والاستزادة من العلم. وهذا حال بعض الباحثين من المسلمين يأمرون تلاميذهم بالانضباط العلمي وهم لا يلتزمون بأبسط قواعد الضبط العلمي وقد يزورون في بحوثهم وأعمالهم المالية.
وهذا حال الشرطي الذي وظف من اجل إشاعة الأمن والأمان في المجتمع وسلوكه بعيد عن عمله.
وهذا حال القاضي المسلم الذي يجلس في مجلس العدل والقضاء ويحكم بين الناس بغير ما أمر الله. وحال الطبيب المسلم الذي يحافظ على صحة المسلمين، ويأمرهم بالحفاظ عليها وهو يدخن ويشرب الخمر، وقد يزني والعياذ بالله.
وهذا حال المدير المسلم الذي عين لضبط العمل ولا يلتزم في إدارته بقواعد العمل.
وهذا حال المسلم الذي يأمر الناس بالمعروف ولا يأتيه فالواجب على المسلم أن يكون واضح السلوك واضح المعالم واضح القول. يوافق فعله قوله، وما أضاع المسلمين إلا كثرة الكلام، وقله الفعل، ورفع الشعارات الكاذبة والمناداة بالاخوة، وبأسهم بينهم شديد، ودعوتهم إلى العلم وهم يستوردون حتى أقلام الرصاص من غير المسلمين، ودعوتهم إلى الوحدة وهم ابعد ما يكونون عتها، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن هذا الانفصام في السلوك، وتناقض الأفعال مع الأقوال.
قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون " سورة الصف2.
وكبر مقتا: أي عظم بغضا بالغ الغاية.
وقال تعالى في سورة البقرة:" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم، وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون". البقرة 44.
وقد اخرج الإمام احمد في مسنده من حديث انس رضي الله عنه عن النبي محمد قال:" مررت ليلة اسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقارض من نار قال: قلت من هؤلاء؟ قالوا: خطباء أمتك من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون.
وقد ورد في الفتح الكبير عن الوليد بن عقبه وعزاه إلى الطبراني أن أناسا من أهل الجنة يطلعون على أناس من أهل النار فيقولون: بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم، فيقولون إنا كنا نقول ولا نفعل.
وهذه دعوة علمية نبوية بضرورة أن يكون سلوك المسلم خاصة الداعية مطابقا لقوله. وإلا ضل وأضل، فيحمل أوزاره وأوزار مع أوزاره** وعلى المسلم أن يتذكر العقاب الذي ينتظره في الآخرة وان يتذكر فضيحته وانكشاف أمره على رؤوس الأشهاد. وإذا امتثل المسلمون للهدي العلمي النبوي في الفعل والقول لاختفى دعاة السلطان ولا وجد فيهم المعلم الدعي، ولا الطبيب غير المخلص، ولا المهندس الغشاش، ولا القاضي الكذاب، ولكانت أفعالنا مطابقة لأقوالنا، ولاختفت القاذورات من شوارعنا، ولأكلنا من زراعتنا، ولبسنا من صناعتنا وتحولت حالنا إلى احسن حال، ولكننا لانفصام سلوكنا عن أقوالنا وهنا على أنفسنا واستهان بنا أعداؤنا واستيقنوا أننا نرفع الشعار ولا نعمل به، وأول من يخون الشعار هو رافعه، ومن يدعونا للجهاد يخون ويقاتل أخاه المسلم، ومن يدعوننا للإخلاص ابعد ما يكون عن الإخلاص ومن يدعوننا إلى الوحدة، ابعد ما يكون عن الوحدة. ولم يعد هناك فواصل بين ما يجب وما لا يجب ولم يعد هناك ضوابط للسلوك، وفي هذا بعد عن الهدي العلمي النبوي، وانفصام في شخصية المسلمين، فهل لنا من خوف من عذاب الله والفضيحة فوق رؤوس الأشهاد وان يتقي المسلم ربه امتثالا لأمر ربه سبحانه وتعالى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون" الصف 2
وإلى اللقاء مع الهدي العلمي النبوي بإذن الله.
فقال صلى الله عليه وسلم
" ويلٌ لمن حدث فكذب ليُضحك به القوم ويل له ثم ويل له "
حديث حسن
انار الله وجهكي اختي الغالية بنور الايمان
ارك الله فيكي جزاكي الله خير على موضوعك الرائع والمميز واتمنى من الله ان يجعل كل ما نفعلة فى ميزان حسناتنا
اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا
فما أحوجنا لهذه النصائح والتذكرة، يجب أن يردد هذا الحديث الشريف في كل بقعة من مساجد ومكاتب ومدارس ومنازل…ولكن يجب أيضا أن نعمل به ولا يكفي أن نسمع له.
أتمنى أن يطلع على هذا الموضوع الكثير من الاخوات
استغفر الله العظيم التواب الرحيم لذنبى وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين وللمؤمنات والاحياء منهم والاموات الى يوم الدين وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد
يقيم
و
يثبت
اللهم اجعلنا من الذين يأمرون بما يفعلون
ويرنا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرنا الباطل باطل
ويرزقنا جتنابه
وارزقنا الاخلاص في القول والعمل
اسعدني مروركة اسعدكي ربي
لانها تعتمد على إخفاء السلوك الحقيقي لهذا الشخص وإظهار السلوك والتصرف الحسن امام الآخرين او أثناء العمل,
فنجد الكثير ممن يعملون امور دينيه ويطبقونها بدقه لكن بينهم وبين أنفسهم وفي خلوتهم هم أكبر العصاه وأرذل الخلق ..
فينخدع فيهم الكثير وأفسدوا نظرة الآخرين للدين الإسلامي ولم يكن شرهم على أنفسهم بل طال الأمر إلى غيرهم …..فالله وليهم و هو أعلم بهم ….
نسال الله الاخلاص في القول والعمل
شكرا لك على هذا الإختيار
بالتوفيق