الصمت الزوجي هو ببساطة شديدة عدم وجود موضوعات مشتركة بين الطرفين إلا الهم والغم
لماذا؟
لأن كل طرف له اهتمامات مختلفة يريد التحدث فيها ولا يريد أن يعطي اهتماما للآخر ومجالات اهتمامه، بل إنه حين يتحدث عن اهتماماته يجد تجاهل تام من الطرف الآخر وقطع لكلامه على أساس أنه كلام غير مهم والانتقال للمشاكل هو الشئ الوحيد المشترك فعلا بينهما ويمكن للطرفان لتحمس له.
..
الطرفان لا يريدان التنازل والانصات للآخر
..
ستقول الزوجة هو أصلا لا يتكلم عن عمله حتى يشركني فيه
سأرد بأنه هو اكتشف منذ زمن أنكِ غير مهتمة أصلا بهذا الموضوع وأنه سيسمع ما لا يريد فآثر الصمت .. وكذلك العكس صحيح ..
والحل في أن يتنازل كلا الطرفين ويخلقان لأنفسهما اهتمامات مشتركة أخرى
وكم من موضوعات واهتمامات قد تثري ما بين الزوجين بل قد تفتح آفاق جديدة لهما وقد تحدثت عن ذلك في موضوع آخر وهو
"فاضية زهقت مش عارفة اعمل ايه"
هناك زوجة تقول أنها أصبحت تهتم بالكورة لتجذب زوجها تجاهها فنجحت في ذلك وأصبحت كصديقة له .. وأخرى اهتمت بمجال عمل زوجها وأصبحت جهة من الجهات التي يرجع اليها في المشورة وفي تطوير عمله .. وقد ترى أخرى أن الرياضة من اهتمامات زوجها فتخرج معه لتشجيعه ومشاركته وحث الأبناء على الاقتداء به،
احدى الزوجات كانت تشتكي ، تقول أظل اتحدث في موضوعات عدة، وزوجي ينظر إلى شاشة التليفزيون ولا يرد بكلمة واحدة أو حتى بحركات تدل أنه يسمع، فقلت له:"ما ترد؟ إنت باصص للتليفزيون ومش سامعني خالص؟ خلاص مش حأتكلم. فيرد عليها قائلا: لأ انا سامعك كويس تحبي أسمعلك اللي انت قلتيه.
وهذه مشكلة يتسبب فيها عدم قدرة أحد الأطراف أو كلاهما على حسن الاستماع للآخر، وحسن الاستماع ليس بمجرد ترديد ما تم قوله من أحد الأطراف، "احنا مش في مدرسة"، ولكن حسن الاستماع يبدأ بالنظر في العينين، في السؤال عن بعض النقاط في الموضوع، اعطاء الاهتمام في شكل تقييم للموقف الذي تم التحدث بشأنه أو بمجرد بعض الايماءات بالوجه، وهذا حق لكل طرف على الآخر، وحين يفعله طرف مع الآخر هو يضع ذلك نظاما سيفعله الآخر معه حين يحتاجه.
وأهمية هذا الموضوع تأتي من أنه إذا لم يجد احدهما شريكه الآخر ليسمعه فسيجد من يسمعه خارج البيت الكثير، وكم من زملاء عمل زين لهم الشيطان أعمالهم فقاموا بهذا الدور على سبيل واجب الزمالة، وكان ذلك هو الدافع الرقيق اللين الذي دفع بهذا البيت إلى كارثة محققة تهدد تماسكه وأمنه بخيانة أحد الأطراف للآخر، أو بزواج الرجل من أخرى.
سلبية أحد الأطراف أيضا عامل مهم في التواصل الزوجي وهو أن يؤْثر أحد الأطراف الموقف السلبي في رأيه اعتقادا منه أنه يرضي الآخر فتجد أحدهم كل ردوده كالآتي (للرجل أو للمرأة):"زي ما تحب، لو انت عايز كدة، شوف اللي يعجبك، اللي تشوفه…."،
فيشعر الآخر أنه يسمع صدى صوته وليس له شريك يفكر معه ويتجاذب معه أطراف الحديث.
هناك شئ آخر مؤثر على الحوار بين الطرفين وهو اختيار التوقيت المناسب لكل موضوع، وهو شئ كثير من الزوجات تتجاهله ولا تستطيع التحكم في نفسها فتجدها تتحدث عن مشاكل الأسرة على الأكل أو عند رجوع زوجها مجهد من عمله أو في لحظة رومانسية، وتجدها تطلب منه الخروج والتنزه في أوقات عمله أو أعباء واجبات عائلية وهكذا…
سيقول البعض "حنعمل الكلام ده بعد عشرة ولا عشرين سنة جواز"، ولكن ما هي المشكلة، إن الحياة الزوجية تحتاج إلى تجديد دائم، فما بالكم إذا كان تصحيحا لخطأ، خطأ تجاهل انسانية شريك حياتي واحتياجه لي في أبسط نواحي حياته، احتياجه أن يسمعه أحد، احتياجه للاهتمام ولو بنظرة عين حنونة من زوج على زوجته أو من زوجة لزوجها.
قد يقول احدكم هذه تفاهة، هل ممكن أن تخرب البيوت لذلك، لكن المشكلة هنا مشكلة احتواء، هذه التفاهات تشعر طرف أن الآخر يحتويه، وبالمعنى الرباني يدخل الاحتواء في حيز "السكن" الذي هو أحد صفات هذه العلاقة كما وصفه الله عز وجل بسكن ومودة ورحمة.
كما أن خراب البيوت ليست بتفككها بالطلاق فقط، ولكن هناك كم من البيوت الخربة التي يعيش فيها أزواج تحت سقف واحد ولكن يحول بينهما حواجز خرسانية بُنيت بسنوات الاهمال والتسليم للأمر الواقع.