إن رقة القلب ، والصلة بالخالق سبحانه في الرخاء والشدة وفي المنشط والمكره راحة للمؤمن وسند له في هذه الحياة وأعظم صلة بين المخلوق والخالق هي الدعاء الخالص له سبحانه في لحظة من لحظات المرء.
( فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) الأنعام : 43
( قل ما يعبأ بكم ربيّ لولا دعاؤكم .. ) الفرقان : 77
وقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم : ( أفضل العبادة الدعاء ).
ولكن للدعاء آداب يجب أن يراعيها المؤمن ويحافظ عليها منها :
ـ أن يترصد الأوقات الشريفة لدعائه
كيوم عرفة من السنة ، ورمضان من الأشهر ، ويوم الجمعة من الأسبوع ، ووقت السحر من ساعات الليل ، بل ويغتنم الأوقات والأحوال التي يستجاب الدعاء فيها كوقت التنزل الإلهي وفي السجود وعند الآذان وما بين الآذان والإقامة وعند نزول المطر وآخر ساعة من نهار الجمعة ودعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب ودعوة المسافر ودعوة الصائم ودعوة الوالد لولده.
… ومن آداب الدعاء أن يدعو مستقبلا القبلة ولا يتكلف السجع وأن يتضرع ويخشع في دعائه وأن يخفض الصوت .
وأن يفتتح الدعاء بالثناء على الله ويختمه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وعلى الداعي ربه أن يجزم بدعائه ويوقن بالإجابة ، ويصدق رجاءه فيه ( ادعوا وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافل لاه ) رواه الترمذي والحاكم .
وعليه أن يلح في دعائه ثلاثا وأن يعظم المسألة لأن النبي ( ص ) يقول : ( اذا سأل أحدكم فليكثر فانما يسأل ربه ).
ـ وعلى المؤمن اذا دعا أن يسأل الله باسمه الأعظم لأن النبي الكريم سمع رجلا يدعو : ( اللهم اني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا اله الا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) فقال ( لقد سألت الله بالاسم الذي اذا سئل به أعطى واذا دعي به أجاب ) .
ومن آداب المسلم في الدعاء أن يدعو بالأدعية الواردة في القرآن الكريم ( ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ) البقرة.
( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) البقرة
( ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب ) آل عمران
ـ وأيضاً ما ورد عن النبي ( ص ) من أدعية منها لما علّم أبا بكر أن يقول في كل صلاته : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك أنت الغفور الرحيم ) البخاري ومسلم .
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( ألظّوا بيا ذا الجلال والإكرام) أي الزموها وداوموا عليها.
ان اجابة الدعاء عند الله بإذنه مضمونه،
ـ ألم يستجب رب العباد لكليمه لما سأله أن ينجيه من القوم الظالمين فأنجاه
ـ ألم يعط سبحانه النبوة لأخيه هارون عندما سأل الكليم ربه ( واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي .. ) فقال ربنا ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً ) مريم.
ـ ألم نر العلاء الحضرمي الصحابي الجليل يدعو ربه فيسير بجيش المسلمين بأكمله على صفحة الماء. وأن يخفى على الأعداء مكان قبره فكان له ما سأل .
ـ ألم يكن البراء بن مالك مجاب الدعوة عندما سأل ربه النصر للمسلمين ولنفسه الشهادة .
ـ ألم تتعجب حفصة من أبيها الفاروق عمر لما كان يدعو الله بالشهادة في سبيله ووفاة ببلد نبيه وكان يقول : يأتي الله به اذا شاء وقد كان .
ـ ألم يكن عبد الملك بن مروان في قمة الرجاء عندما كان يدعو (اللهم ان ذنوبي عظام وهي صغار في جنب عفوك يا كريم فاغفرها لي ) .
ـ ألم يكن مطرف بن عبد الله مهذباً مؤدباً في دعائه (اللهم ارض عنا فان لم ترض عنا فاعف عنا فان المولى قد يعفو عن عبده وهو عنه غير راض)
ـ أما سمعنا بلاغة الدعاء وأدبه عن بكر بن عبد الله المزني يقول : (اللهم افتح لنا من خزائن رحمتك رحمة لا تعذبنا بعدها أبداً في الدنيا والآخرة ومن فضلك الواسع رزقاً حلالاً طيباً لا تفقرنا بعده إلى أحد سواك أبداً تزيدنا بهما شكراً وإليك فاقة وفقراً وبك عمن سواك غنىً وتعففاً).
ـ ولقد كان زيد بن أسلم يقول سمعت علي بن الحسين رضي الله عنهما يقول : (اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها و لاتكلني إلى المخلوقين فيضيعوني).
لماذا ننسى أن ندعو الله في كل وقت عسى أن يوافق دعاؤنا أبواباً مفتحة في السماوات وهي لاتغلق أبداً بفضل الله .
اللهم إني أسألك علم الخائفين منك وخوف العالمين بك ويقين المتوكلين عليك وتوكل الموقنين بك وإنابة المخبتين إليك وشكر الصابرين لك وصبر الشاكرين لك ولحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك.
يارب عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك يا أهل التقوى وأهل المغفرة .
يارب عبدك يحب اجتناب سخطك فأعنه على ذلك بمنك يا منان ..
مولاي عبدك عظيم الرجاء لخيرك فلا تقطع رجاءه يوم يفرح الفائزون ..
أنت الكريم يارب الذي لايخيب لديك أمل الآملين إن عفوت فمن أولى منك بذلك
وان عدلت فمن أعدل منك هنالك
أنك لم تزل براً بي أيام حياتي فلا تقطع برك بي بعد مماتي
ان كانت ذنوبي قد أخافتني فإن محبتي لك قد أجارتني
فتول من أمري ما أنت أهله وعد بفضلك على من غرّه جهله .
يارب إنا أطعناك في أحب الأشياء إليك ان تطاع فيه الايمان بك والاقرار بك
ولم نعصك في أبغض الأشياء ان تعصى فيه الكفر والجحد لك ،
اللهم فاغفر لنا ما بينهما انك قلت وقولك الحق (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لايبعث الله من يموت) النحل
فى انتظار جديدك المميز
سلمت اناملك
يعطيك العافية