حياة الصالحين هي الحياة الحقيقية ..
فعبادة الله.. هي الحياة التي خلقت لأجلها ..
وأوجدك الله لها .. فأي لذة للحياة .. إذا كنتتشعر في كل لحظة منها .. أنك
عدوٌ لله .. متتبع للشهوات .. واقع في المحرمات .. وربك الذي يطعمك
ويسقيك .. وإذا مرضت فهو يشفيك .. وهو الذي يميتك ثم يحييك .. بل ..
كل شعرة من شعراتك .. وذرة من ذراتك .. لا تتحرك إلا بإذنه .. ومن صدق لله فيتوبته ..
تحول بعدها إلى جندي من جنود هذا الدين .. يأمر بالمعروف وينهى عنالمنكر ..
ويحمل همَّ الإسلام ..
ولقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليهوسلم يبسط أحدهم يده فيبايع محمداً صلى الله عليه وسلم ..
ثم يستشعر أنه بهذهالبيعة أصبح جندياً يعمل لهذا الدين ..
ذكر ابن إسحاق وأصل القصة في البخاري ..
أن النبي صلى الله عليه وسلم .. لما تمكن في المدينة ..
بدأ يبعث أصحابهإلى ما حوله من القرى والوديان .. يدعون الناس إلى الإسلام ..
فبعث أحد الصحابةإلى وادي نعمان قرب الطائف ..
فلما وصل ذلك الصحابي إليهم .. فإذا أعراب فيبواديهم .. لا يعقلون من الحياة إلا إبلهم وغنمهم ..
فدعاهم إلى الله .. وأبانلهم الدين .. فأعرضوا ..
فانطلق رجل منهم إلى المدينة .. لينظر في خبر هذا النبي ..
انطلق الرجل على ناقته .. حتى وصل إلى المدينة ..
ثم دخلها .. وأقبل يصيحبين الناس : أين ابن عبد المطلب .. أين ابن عبد المطلب ..
فدله رجل على المسجد .. فتوجه إليه ..
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً مع أصحابه يوماً .. إذ أقبل الأعرابي الجلد ..
وقد جعل شعره جديلتين ..
فأناخ بعيره على بابالمسجد .. فعقله .. ثم دخل المسجد .. وقال :
وصاح بالناس : أيكم ابن عبد المطلب؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أنا ابن عبد المطلب ”
..
فقال : محمد ؟ فقال :” نعم ” ..
فقال : يا ابن عبد المطلب ! إني سائلك .. ومغلظ عليكفي المسألة .. فلا تجدن في نفسك علي .. فقال صلى الله عليه وسلم : ” لا أجد في نفسيفسل عما بدا لك ” ..
فقال : من رفع السماء ؟ قال : الله .. قال : فمن بسط الأرض؟ قال : الله ..
قال : فمن نصب الجبال ؟ قال : الله .. قال : فأسألك بالذي رفعالسماء ..
وبسط الأرض .. ونصب الجبال .. آلله بعثك إلينا رسولاً ؟قال : ” اللهم نعم ” .. قال : فأنشدك الله .. آلله أمرك أن نعبده لا نشرك به شيئاً ..
وأننخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون ؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اللهم نعم ” .. ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة ..
فريضة : آلله أمرك أن نصليخمس صلوات ؟ آلله أمرك أن نزكي أموالنا ؟آلله أمرك أن نصوم ؟ ويعدد فرائضالإسلام .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم نعم ..
حتى إذا فرغ قال :
فأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني بكر بن سعد .. وإني أشهد أن لا إلـه إلا الله .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. وسأؤدي هذه الفرائض .. وأجتنب ما نهيتني عنه .. لاأزيد ولا أنقص ..
ثم انصرف خارجاً من المسجد .. راجعاً إلى بعيره ..
فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى : ” إن يصدق ذو العقيصتين .. يدخل الجنة ”
ثم أتى بعيره .. فأطلق عقاله .. وانطلق عليه حتى قدم على قومه ..
فاجتمعواعليه .. فكان أول ما تكلم به أن قال : بئست اللات والعزى ..
فقالوا : مه ياضمام .. اتق البرص .. والجنون .. والجذام ..
قال : ويلكم .. إنهما ما يضران ولاينفعان .. إن الله قد بعث رسولاً .. وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه .. وإني أشهد أن لا إلـه إلا الله .. وأن محمداً عبده ورسوله .. وإني قد جئتكم من عندهبما أمركم به ونهاكم عنه ..
فما زال بقومه .. يدعوهم .. ويستنقذهم من النار ..
حتى ما غابت الشمس ذلك اليوم .. وفي قومه أحد كافر ..
* * * * * * * * *
فهل نجد عند التائبين اليوم .. مثل هذا الحماس .. في نشر الدين .. ومناصرة عنالمؤمنين ..
كم من تائب كان في جاهليته رأساً في المنكرات .. والدعوة إلىالشهوات ..
لكنه بعد توبته .. وصلاحه واستقامته .. أصبح ذيلاً بعد أن كان رأساً ..
راجلاً بعد أن كان فارساً .. عجباً !! جبار في الجاهلية خوار في الإسلام؟!!
لا ينفع الإسلام ولا المسلمين .. لا في دعوة .. ولا إصلاح ..ولا تعليم جاهل ..
أو نصح غافل!!!..
د.محمد العريفي
م///ن