يعتقد الكثير من الآباء أن تلقينهم للطفل القيم التربوية كفيل بتحقيقهم للنجاح في المستقبل، و عند فشله يزعمون بان الطفل هو السبب في ذلك، لأنه لم ينقد إلى القيم والأشياء التي لقنوه إياها، متناسين بأنهم لم يحرصوا على توطيد العلاقة بينهم و بين ابنهم…
أين يكمن الخلل الحقيقي، أيكمن في الآباء، أم في الأبناء؟ أم يكمن في الوسط الاجتماعي الذي نعيش فيه؟
و باختصار شديد، كيف يمكننا أن ننشئ الطفل تنشئة سليمة يستجيب من خلالها إلى القيم التربوية بأقل تكلفة ممكنة.
على الآباء في البداية أن يجعلوا من تربيتهم لأبنائهم متعة حقيقية، و أن يجعلوا أطفالهم أكثر طمأنينة و سعادة، دون أن يخلوا بالمبادئ التي يريدون أن ينشئوهم عليها، و أن يجعلوا العلاقة بينهم تتسم بالألفة و الحميمية.
على الوالدين أن يفهما عالم الطفل، عالمه الحقيقي، و أن يتقبلوا الفكرة، بأنهم ليسوا آباء خارقين للعادة، لكن عليهم فقط التكيف مع أبنائهم و التطورات التي يتعرضون لها أثناء نموهم، فلا يوجد على سطح الكرة الأرضية لا أب كامل و لا أم كاملة.
يمكننا تصنيف الآباء إلى صنفين، صنف يعتبر عالم الطفل نسخة مصغرة عن عالم الكبار، و بذالك يسقط خلفيات الكبار على الصغار، و هذا أمر خاطئ.
و هناك الصنف الثاني، الذي يعتبر عالم الطفل، عالما مليئا بالألغاز التي يجهل حلها، فيعجز عن التعامل معه.
يجب على الآباء أن يدركوا أن عالم الطفل ليس نسخة مصغرة عن عالمهم، و لا عالما مليئا بالألغاز، إنما هو عالم له خصوصياته المتعلقة به، هذه الخصوصيات المبنية على مجموعة من المفاتيح البسيطة، التي من خلالها سيتمكن الآباء من فهم سلوكيات أبنائهم و خلفياتها، و سيتمكنون من فهم طريقة التعامل الإيجابي مع الأبناء.
لا يدخل عالم الطفل هذا إلا من امتلك هذه المفاتيح، هذه المفاتيح التي تكمن في الأشياء التالية:
يجب على الآباء أن يدركوا بان الطفل، كيان إنساني سليم و ليس في حالة تربوية منحرفة، و أن يدركوا بان الطفل لن ينصاع أبدا إلى أوامرهم إذا عاملوه بقسوة، لان الواجب يتحقق عند الطفل باللذة و ليس بالألم.
عليهم أن يفهموا بأن هذا الزمن عند الطفل هو زمن نفسي و ليس زمنا اجتماعيا، كما يضنون.
يشكوا الكثير من الآباء من عناد أطفالهم، هذا العناد الذي يجهلونه و يجهلون سببه، الذي يكمن في اختيار الطفل للاستقلالية و ليس في مخالفة الأوامر.
على الآباء أن يدركوا بان كل طلبات و رغبات الطفل و حتى تساؤلاتهم مشروعة، لأنه لم يكمل نموه بعد، و مازال يجهل الكثير من الأمور التي يصتعصي عليه فهمها. وأن كل اضطراب في سلوك الطفل ناتج عن عدم إشباع حاجياته النفسية و التربوية.