) هو طريق الله
فطريق السعادة هو طريق الله ووصيته لعباده ـ وهو أعلم بما يُصلحهم ـ ولا شك أن الشقي هو الذي يترك طريق الله، ويرجو السعادة في طُرق البشر المختلفة؛ فلا سعادة بحال في غير طريق الله والإيمان به فالسعادة لمن سلك الطريق واتبع الهدى، والضنك (أي: الضيق والشقاء في الدنيا والآخرة) لمن تولى وأعرض وإن ظهر أنه من المشاهير أو النجوم المشار إليهم.
1) طريق جَمع بين سعادة الروح وسعادة الجسد
فالإنسان مكون من روح وجسد، ولكلٍّ غذاؤه، وبعض الطرق والفلسفات الضحلة اهتمت بالروح وأنكرت مطالب الجسد؛ فكانت الانتكاسة، والمادية الحديثة على العكس طمست الروح، وأعطت الجسد كل ما يشتهي؛ فحولت قطاعًا كبيرًا من الإنسانية إلى حيوانية اللذات والشهوات! أو إلى آلات عقيمة، أما طريق الإسلام فقد غذَّى الروح بأنوار السماء، وحافظ على الجسد، وأشبع حاجاته وشهواته بدليل ما ورد في القرآن {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك} [القصص: 77]
؛ وقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم ما قاله سلمان الفارسي رضي الله عنه" إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فاعْطِ كل ذي حق حقه" [أخرجه البخاري]
2) طريق سعادة وشجاعة
مَن ذاق حلاوة الإيمان لا يقدر أن يفارقها أبدًا حتى لو كان السيف على رقبته، انظر إلى سحرة فرعون لما آمنوا وسلكوا طريق السعادة هدَّدهم فرعون بالعذاب الأليم والقتل، ولكنهم لم يستجيبوا له بعدما ذاقوا حلاوة الإيمان وكانوا أكثر ثباتاً واطمئناناً بعدما سلكوا طريق السعادة.
3) السعادة هي سكينة وطمأنينة في القلب
لا سعادة بلا سكينة واطمئنان، ولا سكينة واطمئنان بلا إيمان، فالإيمان يمنح السعادة من جهتين؛ الأولى: أنه يمنع من الانزلاق في مستنقعات الفجور والجريمة، وهي أخطر أسباب التعاسة والشقاء، فلا شيء يضمن للمرء أن لا تجرّه شهواته ورغباته إلى الموبقات إذا كان قلبه فارغًا من الإيمان بربه، والثانية: أنه يعطي أهم شرط من شروط السعادة، وهو السكينة والاطمئنان؛ ففي بحر المشاكل والأزمات لا مرساة للنجاة سوى الإيمان، فمن دون الإيمان تزداد عوامل الخوف والقلق، أما مع الإيمان فلا شيء يستحق الخوف سوى مقام الله سبحانه وتعالى، والقلب المؤمن يستهين بكل الصعاب؛ لأنه يتوكل على الله، والقلب الفارغ من الإيمان يكون كورقة مقطوعة من غصنها، تتلاعب بها الرياح الهوجاء، تُرى أي شيء يُخيف الإنسان أكثر من الموت والرحيل عن هذه الحياة؟! إنه عند المؤمن ليس عامل خوف، بل عامل اطمئنان أيضًا فما أنفع الموت لمن امتلأ قلبه بالإيمان والتقوى!!
إن الإيمان يبث الشعور بالأمن والطمأنينة في كيان الإنسان؛ فالإنسان المؤمن يسير في طريق الله آمنًا مطمئنًا؛ لأن إيمانه الصادق يمده دائمًا بالأمل والرجاء في عون الله ورعايته وحمايته في كل الأوقات، وهو يشعر على الدوام بأن الله عز وجل معه في كل لحظة، فمهما قابل المؤمن من مشاكل، ومهما واجهته من محن فإن كتاب الله وكلماته المشرقة بأنوار الهدى كفيلة بأن تزيل ما في نفسه من وساوس، وما في جسده من آلام وأوجاع، ويتبدل خوفه إلى أمن وسلام، وشقاؤه إلى سعادة وهناء، ولذلك يرشده إلى تحقيق الأمن النفسي والسعادة الروحية التي لا تقابلها أي سعادة أخرى ولو ملك كنوز الدنيا وما فيها.
4) رحلة السعادة من الدنيا إلى جنة النعيم
من المعلوم أن حياة الناس ثلاث مراحل: الأولى في الدنيا، والثانية في القبر بعد الموت، والثالثة يوم القيامة، وطريق السعادة يمر بهذه المراحل كلها؛ ففي الدنيا، أي فلنحيينه في الدنيا حياة سعيدة مطمئنة ولو كان قليل المال؛ وذلك بإمتاع النفس ورضاها وغبطتها وراحتها الداخلية الروحية والنفسية وطمأنينتها ويقينها بالله تعالى وسكونها إليه وثقتها به سبحانه، وأما سعادة المؤمن في قبره ؛فإن المؤمن في قبره لفي روضة خضراء، ويرحب ـ أي يفسح ـ له في قبره سبعين ذراعًا، ويُنَوَّر له كالقمر ليلة البدر.
وعن سعادته في الآخرة ففي الجنة يكون من الخالدين
فالإسلام إذن قد جاء بالسعادة الأبدية؛ سعادة الإنسان في الحياة التي يحياها الآن، والسعادة في الدار الآخرة، وما عند الله خير وأبقى، بل جعل الله سعادة الدنيا والآخرة قرينتان مترابطتان، بلا نزاع بينهما وبلا صراع، فهذه الدنيا ما هي إلا طريق للآخرة وللسعادة العظمى يوم القيامة.