( ما أقسى انتقام القلوب )
حين تنطلق سيمفونية الأحزان تبدأ الدموع بالرقص، إنها رقصة بلا بداية أو نهاية
ها هو اليوم يبدأ ثم يقارب الظهيرة لتمتطي الشمس جواد الرياح وتنثر حرارتها في كل مكان ..
هاهو يرجع على غير عادته ..قبل موعده بساعتين ..يرتشف كوب ماء تقدمه له زوجته ..يرجع رأسه إلى الوراء لعله يرمي ثقل العمل على بقايا الكنبة المتروكة في الصالة ..
يسير إلى غرفة وحيدته .. يستغرب عدم ذهابها إلى المدرسة .. يطلق صيحاته إلى زوجته يتحرى بها سبب غياب وحيدته .. لا يجد سوى الذهاب إلى غرفتها ..
الضوء مسجون خلف الستائر ورائحة النوم ما زالت تحوم في أرجاء الغرفة والساعة المنبة مرمية وسط الغرفة .
يحرر الضوء من سجنه ؛ لكن وحيدته تسحب البطانية بذكاء لتغطي وجهها ..
يقترب منها ويلاطفها لأول مرة في حياته .تضحك بدورها وتبتعد عن سريرها باستنكار ..
يبدأ بالتقاط أنفاسه ويرى الكثير من أوراق المناديل مرميه في السلة، يتطلع إلى عيني ابنته الحمراوين، يخمن أنها كانت تبكي طوال كل الساعات السابقة .
يغمض عينيه ويفكر في سبب غيابها عن المدرسة .. لماذا غابت ؟.. لماذا ؟..
يبحث في الأدراج وفي الدولاب عله يجد السبب ..
لم يبق سوى حقيبة المدرسة فقد يعثر على أوراق اختباراتها، التي تؤكد رسوبها ..
لكن المفاجأة كانت أكبر من أن يتحملها .. فقد شده صوت غريب ورعشة مخيفة لا يصل إلى منبعها .. لم يجد سوى تنهداته تتسارع وهوى يرى ورقة مطوية ..
فتحها فإذا كبل ذكرياته تطل من بين كلماتها ..
كانوا يسمونه فارس الأوراق .. وها هي الكلمات نفسها والأشعار نفسها يجدها بخط آخر في حقيبة وحيدته ..إنها نفس الكلمات، التي كانت تسبب ذرف دموع الفتيات .. وهي تعود اليوم لتعذب ابنته .. من كتبها لها ؟..من؟
أوراقه تعود ..والعذاب الذي سببه للفتيات يراه مرسوما على وجه وحيدته .
أسرع إلى تلفونها المحمول ..
لم يستغرب ما قرأه على شاشة المكالمات المكتوبة :(إما أن تقابليني .. وإما أن أخبر أهلك بكل شيء..)
دموعه تسيل وتحتقره ..
يردد ولا تسمعه ابنته : ما أقسى انتقام القلوب
وصحيح كما تدين تدان
عسى الله يحمانا وياكم