حياة تستمر أو تتعثر، وأيام تمضي بكشف مزيد من تفاصيل لم تكن معلنة. كل منهما يكتشف الآخر أكثر من أي وقت مضى. تتكون الحياة ومعها تنشأ الأسرار الزوجية وتزداد أكثر من ذي قبل. وتبقى المهمة الأصعب كيفية الحفاظ على هذه الأسرار.
أزواج وزوجات نجحوا في الحفاظ عليها، فكان ذلك عموداً أساسياً في بيت يسكنه النجاح والسعادة. وآخرون فرّطوا بما يملكون من أسرار فحلّ عليهم "خراب البيوت". بدلاً من الثقة والأمان.
ولعل المثل الشعبي القائل"البيوت أسرار" مدخل إيجابي لهذا التقرير الذي حاورنا فيه أزواجاً وزوجات كانت نهايتهم الطلاق بسبب "إفشاء الأسرار الزوجية". وتحدثنا مع آخرين حافظوا على أسرارهم فكان البناء الناجح لحياة أسرية سعيدة.
نهاية سريعة
إبراهيم وأمل لم يمض على زواجهما سوى عام واحد. وكانت نهاية هذا الزواج هي الطلاق.
التقينا إبراهيم وتحدثنا إليه عن تفاصيل كثيرة في ذاك العام الذي عاشه مع زوجته. يتحدث بمرارة: "كانت نهايتنا الطلاق". نسأله بشكل مختصر "لماذا؟"، يجيب: لم تكن زوجتي تحفظ الأسرار، كنت أشعر أن كل أهل الحي، وربما المدينة يعرفون تفاصيل حياتي، حاولت دائماً أن أرشدها، وأخبرتها مراراً أنه لا يجوز أن تتحدث بأمور بيتنا خارج المنزل لكن دون جدوى".
ويتابع إبراهيم:" ذات مرة التقيت أنا وأحد جيراننا في الشارع، وقال لي إن زوجته تحدثه دوماً عن الخلافات الذي تحدث بيني وبين زوجتي، طالباً مني أن أوصي زوجتي بعدم الحديث عما يدور بيننا للجارات، وبعدما ذهبت إلى البيت راجعت زوجتي بالموضوع، وما كان منها إلاّ أن ذهبت إلى زوجة جارنا الذي التقيت به، ونشبت خلافات بين الاثنتين، وحاولت أن أخفف من التوتر بإجبار زوجتي على الذهاب إلى المنزل".
ويتابع إبراهيم: "كانت تلك مجرد بداية لمعرفتي بنقل زوجتي لأسرارنا الداخلية، وتوالت بعد ذلك إلي المعلومات حول الأسرار التي تنقلها زوجتي إلى خارج المنزل، وعندما أراجعها في هذا الموضوع تنفي ذلك، إلاّ أن الحقائق كانت تثبت العكس؛ فالكل كان يحدثني بما يحدث بيني وبين زوجتي".
يوضح إبراهيم أن زوجته كانت تنقل حتى الحديث الذي يدور بينه وبينها إلى الخارج، ويعلم به الجميع، ويختم حديثه قائلاً: "لم يكن أمامي سوى خيار الطلاق.. كان خياراً صعباً لكنني كنت مجبراً عليه".
زوجة شاكية باكية
محمود لم يعد يحتمل تصرفات زوجته التي يصفها بأنها "شاكية باكية" ويقول: "زوجتي لا تكفّ عن الشكوى نهائياً، ولا تتفهم طبيعة الظروف الصعبة التي أمر بها، وعلى الرغم من أنني أسعى جاهداً للقيام بكل واجبات البيت إلاّ أنه لا يعجبها ذلك، ولا تكتفي بعدم الإعجاب فقط، وإنما تذهب لوالدتها ولأخواتها لتشتكي دوماً عن ظروف حياتها، دون أن تقدر شيئاً من الظروف الصعبة التي أعيشها".
ويضيف: "كنت دائماً أوجه لها النصيحة، وأذكرها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحض على حفظ أسرار البيت لكن دون جدوى. وأصبحت تدخلات أهلها في حياتنا بشكل مستمر، وباتوا يعلمون بكل شيء يحدث في حياتنا وبأدق التفاصيل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل باتت والدتهم تراجعني، وتشتكي من منعي لزوجتي من نقل ما يحدث بيننا، طلقتها وكان ذلك خياراً نهائياً أمامي".
زوج يُشهر بزوجته
إذا كان المثال السابق عن تجربة مريرة قامت بها الزوجة بنقل أسرار بيتها إلى الخارج فإن الزوج أيضاً مارس هذا الدور، وإن كانت المحطة التي ينقل إليها الأسرار هذه المرة هي عائلته وليس الجيران.
فتعاني "م.س" من كثرة استغابة زوجها لها، وتقول:" كلما يذهب سعد إلى بيت أهله يتحدث عني بقسوة. يتهمني بعدم النظافة، وعدم ترتيب البيت وعدم إجادة طهي الطعام. فكان الأولى بزوجي إذا لاحظ خللاً ما أن يراجعني به لكي أصلحه لا أن ينقله إلى خارج المنزل. على الرغم من أنني متأكدة من قيامي بكل شيء على ما يرام، لكن لا أعلم لماذا كان يتصرف بهذا الشكل".
وتضيف "م.س": "الأمور وصلت إلى مرحلة صعبة جداً، فإذا ما ذهبت إلى السوق يخبر أهله، وأحياناً أهلي أني ذهبت إلى السوق، حتى إنني فوجئت ذات مرة بأنه ينقل أخباراً لوالدته عما يحدث بيننا في فراش الزوجية. ووقعت معرفتي بهذا الأمر مثل الصاعقة عليّ، وما كان مني إلاّ أن طلبت الطلاق وأنا متوترة، إلاّ أنه لم يتردّد في تنفيذ طلبي، وطلقني على الفور".
أسرار محصنة
تلك التجارب السلبية لا يمكن اعتبارها حالة عامة تشهدها البيوت العربية كافة، وإنما هي أزمة تمر بها بعض البيوت. وفي المقابل هناك أزواج وزوجات حافظوا على أسرارهم فأقاموا بيوتهم بنجاح وسعادة.
محمد الذي يعمل مدرساً للغة العربية: "يؤكد أن أساس سعادته مع زوجته هو حفظها لأسراره".
يقول محمد: "أحمد الله دوماً أنني رُزقت بزوجة تحفظ سري وسر بيتي، ولا تفشه لأي شخص كان، حتى إنني أستغرب أحياناً من قدرتها الفائقة على حفظ أسراري، مما يجعلني أدعو الله بأن يرزق شباب المسلمين بزوجات مثل زوجتي".
ويضيف محمد: "لا يمكن لي أن أتخيل قيام زوجتي بنقل أسرار البيت إلى أهلها وإلى الجيران، فلا أعتقد أنني سأتحمل مثل هذا الأمر".
هذه تجربة ناجحة يعيشها محمد بكل تفاصيلها، و تلك تجارب سابقة عن الإخفاق والوصول إلى نهاية مؤلمة تحدثنا عنها في التقرير، وكل ذلك أساسه "الأسرار الزوجية".
منقول
في انتظار جديدك
دمتي في رعاية الله