حالة الانطوائية المعاينة لدى طفلكم لا تدل بالضرورة على اختلال في نفسيته، أو أنها راجعة إلى شيء غير عادي في التعامل معه؛ حيث إن مثل هذه الظاهرة قد تكون بسبب عوامل وراثية؛ أي راجعة إلى خصائص جسمية جينية تغلب القابلية للانطوائية في مرحلة مبكرة من حياة الطفل، لكنها سرعان ما تتغير إلى انفتاح واسع ومخالطة فاعلة.
وقد يكون السبب المباشر هو زيادة الارتباط بوالديه، وخاصة أمه نتيجة استشعار بعدها عنه لمدة طويلة أو مرات متكررة؛ مما جعله لا يرتاح للانشغال عنها بأي علاقة أخرى، أو حتى باللعب الذي يفقد جاذبيته في ظل التشبث القوي بعلاقة الوالدين، والاحتجاج بشتى أنواع السلوك لأدنى مؤشر على تغيرها.
إن حالة هذا الطفل الذي نحسبه يناضل عن نفسه بما استعرضنا من تصرفاته ليسترجع ما يفقده من قرب أمه بسبب عملها خارج المنزل لن يتحسن حاله في الحضانة إلا إذا كان ما يلقاه فيه من عناية أفضل من حاله عندما تغادره أمه وتتجه إلى عملها.
ولذا فإنني أنصح الأبوين ألا يذهبا به إلى دار الحضانة إلا حين تكون أمه في العمل، وأنه يستحسن تركه بين يدي إحدى قريباته من جهة أمه (جدته، خالته) أو من جهة أبيه (جدته عمته)، وإذا لم يتأت ذلك فلا بد من إخبار الحاضنة بحالته والعمل على أن تراعيها في معاملته.
وختاما فإن ما أنصح به الأبوين هو استغلال وجودهما معه في كثرة مداعبته؛ لأن ذلك خير ما يُرجع له الثقة في متانة العلاقة معه إن كان تغيرها هو السبب الحقيقي وراء انطوائيته.
وفقكم الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [/center]
__________________