بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع التقدم بالعمر يصبح للحديث عن تناول الدهون أهمية خاصة لارتباطها بحدوث تصلب الشرايين والجلطات القلبية والدماغية هذه المشكلات الصحية التي نتعرض لها أصلا وبشكل طبيعي كلما تقدم بنا العمر خصوصا إذا كنا قليلو الحركة والنشاط ولا نمارس النشاطات الرياضية ولو القليل منها مثل المشي والهرولة ولو نصف ساعة يوم بعد يوم .
ماهي الدهون ؟
هي عنصر غذائي أساسي لا غنى عنه رغم اتهامه بالتسبب في حدوث أضرار صحية ، فبدون الدهون هذه لا نستطيع الحياة لأنها تؤدي لنا فوائد حيوية أساسية ناهيك عن أنها تكسب الطعام مذاقا لذيذا وكما يقال بالعامية بدك تزكيه كثر دهنه.
الدهون التي نستخدمها إما دهون حيوانية مثل السمن البلدي والقشدة ودهن اللحوم والزبد ودهون الحليب ومشتقاته ودهون نباتية مثل الموجودة باللوز والجوز والفول السوداني والزيوت النباتية بأنواعها وأشهرها زيت الزيتون وزيت عباد الشمس وزيت فول الصويا .
تعتبر الدهون مصدرا مركزا للطاقة والسعرات الحرارية اللازمة لقيام الجسم بمهامه كما هو البنزين وقود للسيارة ، حيث يزودنا كل ا غم من الدهون بحوالي 9 سعرات حرارية علما بأن جسمك إذا كنت ذو نشاط عادي بحاجة إلى سعرات حرارية تقدر بـوزن جسمك بالكيلو غرامات مضروبا بـ 30 وما زاد عن ذلك يخزن بالجسم على شكل نشا حيواني ودهون مؤديا للسمنة وزيادة الوزن.
إن وجود الدهون في غذائنا اليومي يعتبر ضروريا لامتصاص بعض الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون وهي ( A,D,E,K ) .
يحتاج الجسم من الدهون بمعدل حوالي 50-60 غم يوميا علما بأن الوجبات السريعة تزودك بثلاثة أضعاف احتياجك اليومي هذا ، لذا لا بد من التحذير بل وتثقيف الأطفال بثقافة الوجبات السريعة هذه ، وما ينتج عنها من أضرار سواء لكثرة ما تحتويه من الدهون وملح الطعام أيضا .
تقسم الدهون التي نستخدمها يوميا إلى :
1- دهون مشبعة ( أو الضارة )
حيث تعمل على رفع كولسترول الدم وتترسب داخل الأوعية الدموية لتعمل على تصلبها وما ينتج عن ذلك من ارتفاع بضغط الدم وجلطات سواء دماغية أو قلبية
وتوجد مثل هذه الدهون الضارة في زيت جوز الهند وزيت النخيل واللحوم ومنتجات الألبان والسمنة والزبدة والقشدة علما بأن لحم الطيور والأسماك لا تحتوي إلا على نسب ضئيلة من هذه الدهون .
وإذا كان لا بد من استهلاك منتجات الألبان والحليب فيفضل استعمال المنتجات الخالية أو قليلة الدسم .
2- دهون متعددة غير مشبعة
تعمل مثل هذه الدهون على خفض الكولسترول المفيد والجيد ( HDL ) والضروري للجسم والذي يجب أن لا تقل نسبته عن 45ملغ/100 س س دم ،حيث أن نسبة الكولسترول السيئ ( LDL ) ستزيد حتما إذا قلت نسبة الكولسترول المفيد في الدم .
ومن هذه الدهون المتعددة الغير مشبعة زيت بذور عباد الشمس وزيت الذرة وزيت القطن وزيت فول الصويا ومن أكثرها شيوعا وذو فائدة طبية أكيدة لصحة القلب والشرايين هي الدهون المسماه أوميغا 3 حيث تعتبر الأسماك وخصوصا الطازجة منها هي المصدر الرئيسي لمثل هذه الدهون وتتواجد بشكل مستحضرات صيدلانية وتوصف لصحة الشرايين والقلب كما وتعمل على خفض نسبة الدهون الثلاثية بالدم وعند شراؤها يفضل شراء مستحضرات الشركات العالمية المعروفة بأبحاثها وسمعتها الطيبة في الأسواق الدوائية حتى ولو كانت مكلفة ماديا نوعا ما .
دهون أوميغا 3 عبارة عن حامض دهني أساسي لا يتكون في الجسم ، حيث لا بد من الحصول عليه من مصادر خارجية وأغنى هذه المصادر هي سمك السلمون والسردين والتونة ، وزيت الكتان أو كما يسميه المصريين الزيت الحار ويضيفونه للفول المدمس ثم زيت اللوز وزيت كبد الحوت وزيت الكانولا وزيت فول الصويا .
ما دور أحماض أوميغا 3 في تقليل مخاطر أمراض القلب والصحة العامة ؟
أشارت دراسة حديثة إلى أن السمك المشوي أو المحمص هو فقط الذي يحمي الإنسان من أمراض القلب ويعتقد العلماء أن معظم أنواع السمك المقلي تحتوي على كميات قليلة من الأحماض الدهنية من نوع أوميغا 3 المادة الفعالة لصحة القلب والشرايين في السمك .
إن دور هذا الحامض لصحة القلب والشرايين يتلخص في أن هذه الأحماض :
تمنع حدوث الجلطة وتصلب الشرايين .
مضادة للالتهابات وتقلل ضغط الدم
من أفضل الأدوية للتقليل من نسبة الدهون الثلاثية بالدم T.G .
لقد ثبت أن الجرعات الكبيرة من هذه الأحماض تقلل من تجمع الصفائح الدموية مما يساهم في تمييع وسيولة الدم .
ثبت أن هذه الأحماض تقلل من الالتهابات ومن ثم تحمي من الإصابة بأمراض القلب .
بالنسبة للسرطان لقد وجدت الدراسات أن إضافة الزيوت الغنية بأحماض أوميغا 3 لوجبات الفئران أدت لتقليل تكاثر ونمو الخلايا السرطانية ، كما وجد أن كفاءة العلاج الكيميائي في علاج السرطان يكون أفضل وأعلى بين المرضى الذين يتناولون جرعت كبيرة من أوميغا 3 .
مركب اوميغا 3
وأخيرا أوضح علماء في مجلة الكيمياء الحيوية التغذوية أن الأحماض الدهنية أوميغا 3 تترافق مع مؤشرات عظمية أفضل في الدم وأعلى كثافة معدنية للعظم في غياب هرمون الأستروجين مشيرين إلى أن الاستهلاك الأكبر من أحماض أوميغا 6 يؤدي لزيادة إنتاج المركبات المسئولة عن خسارة العظام وترقرقها .
3- الدهون الأحادية الغير مشبعة
ومن أهمها زيت الزيتون الذي تشتهر به مائدة سكان البحر الأبيض المتوسط والتي تعتبر مائدة صحية خصوصا إذا لم يتبعها الحلويات العربية الكثيرة والمشهورة والغنية بالدهون على أنواعها والسكريات الضارة حتما بالجسم للصغار والكبار على حد سواء ، تساعد مثل هذه الدهون الأحادية غير المشبعة على خفض الكولسترول الضار ( LDL ) دون خفض الكولسترول الضروري والجيد (HDL) لذا ينصح بتناول ملعقة كبيرة من زيت الزيتون يوميا ويفضل على معدة فارغة مع الانتباه إلى عدم الإكثار من تناوله حيث أن كثرة أكله خصوصا مع الخبز الساخن والزعتر البلدي يؤدي حتما لزيادة الوزن حيث أن كل غم من زيت الزيتون يزودك بـ 9 سعرات حرارية ، ويعتبر زيت الكنولا وزيوت المكسرات من الزيوت الأحادية الغير مشبعة أيضا وهي عادة ما يكثر استعمالها في القارة الهندية ومصر وأفريقيا بشكل عام .
4- الدهون المتحولة ( العبورية ) Trans Fats
تعتبر دهون متعددة غير مشبعة مهدرجة جامدة في درجة حرارة الغرفة مثل السمن الصناعي والزبدة حيث ثبت أنها أكثر ضررا على القلب والشرايين من الدهون المشبعة وهي تعمل على خفض الكولسترول الجيد الضروري وترفع نسبة الكولسترول السيئ الضار فحذار من استعمالها إلا القليل القليل لأن ضررها تراكمي ويزيد يوما بعد يوم مع كثرة استعمالها حيث تفاجئك بنسب كولسترول عالية أو بذبحة صدرية وأمراض قلبية أخرى .
على كل حال ينصح بأن لا يستمد الشخص أكثر من 25 % من سعراته الحرارية اليومية من الدهون ويفضل أن يكون مصدرها دهون أحادية غير مشبعة الموجودة أصلا بكثرة بزيت الزيتون التي تشتهر به منطقتنا والحمد لله بالأنواع الجيدة والصحية خصوصا إذا ما تم تناولها كما هي ( بدون اللجوء للقلي بها ) لأن تعرضها للحرارة العالية ولمدة طويلة كما هو الحال في تحضير وقلي الفلافل مثلا تزداد بها نسبة المؤكسدات الضار بالجسم والمعجلة بشيخوخة الإنسان وأجهزته عامة .