قاعدة نافعة عاصمة من الشيطان لابن القيم رحمه الله
من درر ابن القيم رحمه الله تعالى
فما يعتصم به العبد من الشيطان ويستدفع به شره ويحترز منه وذلك في عشرة أسباب :
(الحرز الأول)
الإستعاذة بالله من الشيطان أحدهما الإستعاذة بالله من الشيطان قال تعالى وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم … وفي موضع آخر (إنه هو سميع عليم) وقد تقدم أن السمع المراد به هاهنا سمع الإجابة لا مجرد السمع التام …
وتأمل سر القرآن الكريم كيف أكد الوصف بالسميع العليم بذكر صيغة (هو) الدال على تأكيد النسبة واختصاصها وعرف الوصف بالألف واللام في سورة حم لاقتضاء المقام لهذا التأكيد وتركه في سورة الأعراف لاستغناء المقام عنه فإن الأمر بالإستعاذة في سورة حم وقع بعد الأمر بأشق الأشياء على النفس وهو مقابلة إساءة المسيء بالإحسان إليه وهذا أمر لا يقدر عليه إلا الصابرون ولا يلقاه إلا ذو حظ عظيم …
والشيطان لا يدع العبد يفعل هذا بل يريه أن هذا ذل وعجز ويسلط عليه عدوه فيدعوه إلى الإنتقام ويزينه له فإن عجز عنه دعاه إلى الإعراض عنه وأن لا يسيء إليه ولا يحسن فلا يؤثر الإحسان إلى المسيء إلا من خالفه وآثر الله تعالى وما عنده على حظه العاجل فكان المقام مقام تأكيد
وتحريض فقال فيه وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم
(الحرز الثاني)
قراءة هاتين السورتين—الفلق-والناس- فإن لهما تأثيرا عجيبا في الإستعاذة بالله تعالى من شره ودفعه والتحصن منه ولهذا قال النبي ما تعوذ المتعوذون بمثلهما وقد تقدم أنه كان يعوذ بهما كل ليلة عند النوم وأمر عقبة أن يقرأ بهما دبر كل صلاة
(الحرز الثالث)
قراءة أية الكرسي ففي الصحيح من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال وكلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان فأتى آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله فذكر الحديث فقال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي صدقك وهو كذوب ذاك الشيطان . رواه البخاري .
(الحرز الرابع)
قراءة سورة البقرة ففي الصحيح من حديث سهل عن عبدالله عن أبي هريرة أن رسول الله قال لا تجعلوا بيوتكم قبورا وأن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان. رواه مسلم والترمذي …
الحرز الخامس قراءة خاتمة سورة البقرة فقد ثبت في الصحيح من حديث أبي موسى الأنصاري قال قال رسول الله من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه …رواه البخاري ومسلم
(الحرز السادس)
أول سورة حم المؤمن إلى قوله تعالى( إليه المصير) مع آية الكرسي ففي الترمذي من حديث عبدالرحمن بن أبي بكر عن ابن أبي مليكة عن زرارة بن مصعب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله من قرأ حم المؤمن إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح // ضعيف …لكن له شواهد…
تاااااااااااااااااااابع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير….
ففي الصحيحين من حديث سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشرة رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك ..رواه البخاري ومسلم . فهذا حرز عظيم النفع جليل الفائدة يسير سهل على من يسره الله تعالى عليه
(الحرز الثامن)
كثرة ذكر الله وهو من أنفع الحروز من الشيطان ففي الترمذي من حديث الحارث الأشعري أن النبي قال إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها وأنه كاد يبطيء بها فقال عيسى إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم فقال يحيى أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذب فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ وقعدوا على الشرف فقال إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وأمركم أن تعملوا بهن.
أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال هذه داري وهذا عملي فاعمل وأد إلي فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ؟
وإن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت .
وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجب أو بعجبه ريحها وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال أنا أفديه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم .
وأمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من حثاء جهنم فقال رجل يا رسول الله:وإن صلى وصام؟ فقال : وإن صلى وصام.فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله.
(الحرز التاسع)
الوضوء والصلاة وهذا من أعظم ما يتحرز به منه ولا سيما عند توارد قوة الغضب والشهوة فإنها نار تغلي في قلب ابن آدم كما في الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق بالأرض. صحيح .
(الحرز العاشر )
إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة .
فإن فضول النظر يدعو إلى الإستحسان ووقوع صورة المنظور إليه في القلب والإشتغال به والفكرة في الظفر به فمبدأ الفتنة من فضول النظر…
إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
بدائع الفوائد …2/490 مكتبة نزار مصطفى…
منقوووووووووووووووووول