في موسم الصمت البذيء
——————————————————————————–
لَمْلـمْ فضولـكَ واغــربْ أيـهـا القـلـمُ = ففـي ضجيـج المآسـي تخـرس الكلـمُ
سيكـتـبُ الجـسـدُ الـــداوي مـفـاخـره = ووجنـة القـدسِ طِـرْسٌ ، والمِـدادُ دمُ
يا مُرقِـصَ المجـد والتاريـخُ فـي يـده = مُـكَـوَّمٌ ، وضـلـوع الـكــون تـحـتـدمُ
عجِّـلْ لـنـا قِطَّـنـا ، إنــا عـلـى سـفـرٍ = لا نستـقـرُّ وفــي أضـلاعـنـا ضََـــرم
سرنـا نشـاطـرُ وجــهَ اللـيـل فحْمـتَـه = وحـولـنـا أفُــــقٌ بـالـرعــب مُـلـتـثـم
والفجرُ في محضِِِـن الأوهـام ملتهـب = جمـراً ، تَرَشَّـفُـه الـرؤيـا فتضـطـرم
نــــراه لـكـنــه يــنـــأى ، فيُـثْـخِـنـنـا = يـأسٌ ، ويطـفـو عـلـى أحداقـنـا نــدم
فاعـبـرْ إليـنـا نـديـمَ الخُـلـد ، إن بـنـا = وجـداً علـى عُصبـة بالحتـف تحتـزم
صاغوا من الهمم البيضـاء صبحَهـمُ = لا يُشرقُ النصر حتـى تشـرقَ الهِمـم
من نبضِ تلك الصحارى جاء أولهـم = وخـلـفَ آخـرهــم يستـفـحـلُ الـعــدَم
الآخــذون زِمــامَ الأفْــق مــا فـتـئـوا = يستعـذبـون فحـيـحَ الـمـوت حولَـهـم
لـمــا تـرجَّـلــت الـظـلْـمـاءُ بـاغـيــةً = تفجّروا في عيون الظلم واضطرموا
واسترسلـوا عاصـفـاً دوَّتْ ملاحـمـه = فـي حقـلـه تنـبـت الأشــلاءُ والـرِّمَـم
توحَّدوا في غبـار التيـه ، واجتـرؤوا = علـى الفنـاءِ ، وجمـرُ البغـي يحتطـم
فأنبتـوا فـي ضمـيـر الفـخـر ذاكــرةً = أعيـا علـى نبضهـا القرطـاسُ والقلـم
ويل امِّهم ، موقـدو مجـدٍ، لـو اتَّقـدتْ = لـهـم رجــالٌ ، ولـكـنَّ الـرجـالَ هــم
…
…
يــا حــارسَ اللهب القُـدسـيِّ مـعـذِرةً = فقـد تمـطَّـى عـلـى أسماعـنـا صـمـم
أمطـرتَ صوتـاً، فمـا لانـتْ لقطرتـه =أذْنٌ ، ولا رفَّ فـــي أنـدائــه نــسَــم
لا تسألَـنْ عُصَـبَ الأعـراب نخوتَهـم=فهـمْ مـن النخـوة اللخنـاء قـد سئمـوا
هــذي بيـادرُهـمْ، صـفــراءَ خـاويــةً = ولـيـس تضـحـك فــي آفـاقـهـا دِيَـــم
مـخَــدَّرون، فــــلا رأيٌ ولا رشَــــدٌ = مـحـيَّـرون ، فـــلا هـــادٍ ولا عــلــم
أخجلـتَ بالخطبـة الحمـراء منبـرَهـم = وفــوقَــه زَبــــدُ الأفــــواهِ يــزدحــم
تبـنـي فتنـهـدم الآمــال، ثـــم تـــرى =ومـيــضَ فـــألٍ ، فتبنـيـهـا فـتـنـهـدم
بـدءاً وعَـوْداً، تَسَامَـى عـن لَجاجِـهـمُ = إذا طغـى السيـلُ لـم تعبـأ بــه القـمـم
مـا ثَـمَّ مــن ألــمٍ إلا اصطـفـى أمــلاً=ولـيـس مــن أمــلٍ مـــا عـاقــه ألـــم
…
…
يـا سيـدَ الأرضِ ، لـم تنكـرْ ملامحـه = فـي وجهـه مـن فُيُـوضٍ ثــرَّةٍ حُــزَم
انظرْ حواليكَ ، إن الربْـع قـد دَجَنـتْ = صـقـورُه، فتـداعـى الـبـومُ والـرخَـم
وقـد شبعـنـا ضجيـجـاً فابتـعـثْ لـغـةً = ما لاكها – في اليَباس السامـريِّ- فـم
الحُلـمُ عنـدكَ قــد صِيـغـتْ روامــزه =وكـــم تـكــرَّر فـــي مأسـاتـنـا حُـلُــم
هــذي سبِيَّـتُُـكَ الـعـذراءُ ، ضـارعـةً = وأنت – إذْ صِيـحَ: واذُلاه – معتصـم
…
…
يا حـارسَ اللهب القدسـيّ، كـن أجـلاً =يفري اليهـودَ ، فيفنـى الـداء والـورم
كن مهجةَ الرعد واستمطرْ لهم حُمماً=تبـارك الرعـدُ تهـمـي تحـتـه الحُـمـم
لا يقذفنَّـك صـوتُ الذعـر فـي وهــن = فلـن يزرْكـشَ وجـهَ الخـوف منهـزم
واجمع شظاياك / فتيانـاً قـد احترفـوا = مـوتــاً، رفـاتـهـمُ لـلـضــوء يـبـتـسـم
القـادمـون رحـيـقـاً/ سـلْــوةً / أمـــلاً = آجالُهـم فــي سِـجِـل المـجـد تـزدحـم
…
…
يا راقمي شهَقـاتِ البـرق ، مـا فتئـت = حروفكم في المدى المحمـوم ترتسـم
تبقون شُهْبـاً علـى الأضـداد راصـدةً = إذْ غيرُكـم ينـزوي مصباحـه الـهَـرِم
تبقـون نـاراً علـى الباغـيـن جاحـمـةً = وتصنـعـون الــذي تعـيـا بــه الأمــم
…
…
إن الجـداولَ تجـري وهْــي موجِـسـةٌ = قـربَ الفنـاء ، ويبقـى البحـرُ يلتـطـم
عبدالله بن سليم الرشيد*شاعر وناقد سعودي
نوور القسم
الله يسلمك
تشرّفت بمرورك
اعتذر عن تأخري بالرد
تقبلي الحب والتقدير