عُمـركَ الحقيقيُّ ليس هو المكتوبُ في شهادةِ ميلادِكَ ، أو في بِطاقتِكَ الشخصية .
إنَّ عُمـركَ الحقيقيَّ يبـدأُ منذُ أنْ عرفتَ طريقَ اللهِ جلَّ وعلا ، منذُ أنْ رفعتَ يديكَ إلى السَّماءِ تطلبُ مغفرةَ ذنوبِكَ ، وتوجَّهتَ إلى خالِقِكَ بتوبةٍ صادقة ، منذُ أنْ عَفَّرتَ جبهتَكَ في التُّرابِ طلبًا لرِضا اللهِ عَزَّ وجلّ ، منذُ أنْ علِمتَ أنَّ الدُّنيا مهما عَظُمَت فهيَ حقيرة ، وأنَّ الحياةَ مهما طالَت فهيَ قصيرة ، فاجتهدتَ في الطَّاعة .
قـد يكونُ عُمـركَ سنواتٍ أو شهورًا أو أسابيعَ أو أيَّامًا أو ساعاتٍ أو حتى ثوانٍ .
أعمارُنا تختلِف ، وكُلَّما ازددنا طاعةً للهِ عَزَّ وجلّ وقُـربًا منه ، زادت أعمارُنا واستطعنا حِسابَها .
وكُلَّما قلَّت العِبادةُ ، وانغمسنا في الدُّنيا وشهواتِها ، نقصت أعمارُنا ، وهـذا ما لا نُحِبُّه ولا نرجوه .
فإذا أردتَ أنْ تحِسبَ عُمـركَ ، اجلس وحاسِب نفسَكَ على ما مضى .. :
– كم مرَّةٍ تركتُ الصلاةَ مع الجماعة ..؟
– كم مرةٍ فعلتُ المعاصي ، وسترها اللهُ علَىَّ ولم يفضحني أمام خَلْقِهِ ..؟
– كم مرةٍ عققتُ والِدَيَّ ..؟
– كم مرةٍ فعلتُ ذنبًا ، وتُبتُ بعـدها ، وندِمتُ على ما فعلتُ ..؟
– كم مرةٍ خشعتُ في صلاتي ..؟
– ماذا قدَّمتُ للهِ جَلَّ وعلا ..؟
– كم مرةٍ تصدَّقتُ فيها ولم أبخل بمالي ..؟
– كم مرةٍ قرأتُ القُرآنَ ، وتأثَّرتُ بآياتِه ..؟
حاسِب نفسَـكَ _ أخي في اللهِ _ على كُلِّ صغيرةٍ وكبيرة ؛ على الخيرِ والشَّرِّ ، على الطاعةِ والمعصيةِ ، ثُمَّ اجمع أوقات طاعاتِكَ ، وحينَها ستعرِفُ عُمـركَ الحقيقيَّ ، حينها ستُقرِّرُ الاستمرارَ على ما أنتَ فيه أو الرجوعَ عنه ، ستُقرِّرُ إذا ما كُنتَ تسيرُ في الطريق الصحيح ، أم أنَّكَ ستُغيِّرُ طريقَكَ .
فهـذه دعـوةٌ لنا جميعًا لنبـدأ صفحـةً جديـدةً مُشرِقـةً من حياتنا ،
صفحـةً مليئـةً بما يكونُ في موازين حسناتِنا ،
صفحـةً بيضاءَ نقِيَّـةً صافيـة .
ولنبـدأ بعـدها في حِساب أعمارِنا ، ولنحـذر التزويرَ في ذلك ، فهو ليس في صالِحنا .
وبعـد معرفـةِ أعمارِنا ، علينا أنْ نتوجَّـه إلى اللهِ عَزَّ وجلَّ بتوبـةٍ صادِقـةٍ ، مع العَـزمِ على عـدمِ العـودةِ لمعصيتِـهِ سُبحانه وتعالى مرةً أُخرى ، وليكُن لِسانُ حالِنا : ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ طه/84 .
أسألُ اللهَ جلَّ وعلا أن يهدينا جميعًا لصِراطِهِ المُستقيم ، وأن يجعلَ أعمارَنا في طاعتِه .
صدقتِ يا حبيبة .. فلا حياة للمسلم بدون تقربه من الله
حيث قربنا منه سبحانه يشعرنا بالأمان
وأعمارنا تبدأ بمحاسبتنا لأنفسنا منذ توبتنا إلى الله
أسألُ اللهَ جلَّ وعلا أن يهدينا جميعًا لصِراطِهِ المُستقيم
وأن يجعلَ أعمارَنا في طاعتِه .
جزاكِ الله خير الجزاء وكتب أجرك مضاعف بكل حرف