بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
– قال ربنا: { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) } [طه:115] فقول الله جل وعلا :{ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا }
دلالة على ضعف يسير في آدم داخلي,
وإبليس كان شيئاً خارجياً, فأيُّ أحدٍ في الناس يمضي يأتيه مؤثرٌ خارجي, نزغات الشيطان, أخبار الأصدقاء,
أشياءٌ ممن حوله يزينون له الباطل, لكنه إن كان قوياً
لم يرضخ لهم ولم يأبه أن يسير سيرهم, وإن كان ضعيفاً اجتمع الأمران عليه,
لكن ينبغي أن يُعلم , ليس من الأدب ولا من الدين أن يقال:
إن آدم عاصٍ, مع أن الله قال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } [طه:121]
لكني أقول: حديث الرب عن عبده ليس كحديثنا عن أبينا, حديث الرب جل جلاله عن عبده ليس كحديثنا عن أبينا,
فآدم أبونا إذا تحدثنا عنه نتحدث بأدب على أنه نبي ونسبنا الله جل وعلا إليه, أما رب العالمين جل جلاله فكل الخلق خلقه…..
.الأمر أمره والملك ملكه والفضل فضله يقدم من يشاء بفضله
ويؤخر من يشاء بعدله, ولا يسأله مخلوقٌ عن علة فعله كما لا يعترض عليه ذو عقلٍ بعقله.
– شكر الله جل وعلا منزلةٌ عظيمة, يتنافس فيها المتنافسون ويتسابق فيها المتسابقون, وتكون بالجوارح والقلب واللسان :
أفادتكم النعماء مني ثلاثـــــــةٌ
يدي ولساني والضمير المحجبا
– أخبرنا تبارك وتعالى بكيده وسعيه(أي إبليس) لأن يضل بني آدم كما قال: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)
ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) } [الأعراف:16-17]
ولم يستطع أبليس أن يقول آتيهم من فوقهم, فما كان من جانب الله فهو محفوظ, حفظنا الله وإياكم بحفظه.
– الله جل وعلا أثنى على ذاته العلية بأنه الخلاق العليم, ويجب أن لا يشغلك أيها المبارك معرفة النكت العلمية,
والمعارف الأدبية, والإطلالات التاريخية على أن تفقه أن المراد الحق من العلم خشية الله, فالله جل وعلى أثنى
على ذاته العلية لأنه خالق الخلق, فلما كثُر في القرآن الحديث عن خلق
آدم, إنما هذا بيان لإقامة الحجة على العباد, حتى يتبين لهم أنه لا خالق إلا الله, وفي هذا دليل بتوحيد الربوبية على توحيد الإلوهية,
والمعنى إذا كنتم تقرون أنه لا خالق إلا الله فوجب ألا تعبدوا أحداً مع الله.
…. والمرء يستحي من ربه أن يكون الله جل وعلا خلقه,
خلق أباه أولاً آدم ثم خلقه ومع ذلك يقع منه أن يكفر بربه ويجحد نعمته.
– آدم وإن كان عليه السلام أبا البشر ورفيع المقام,
إلا أنه قد يوجد أحياناً في الولد ما يكون
أعظم من الوالد بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قطعاً من ذرية آدم أفضل من آدم عليه السلام.
– الحياء عظيم بالنسبة لبني آدم, وأن الإنسان عياذاً بالله أول مزالقه أن يفقد خصلة الحياة, ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:
" الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق, والحياء شعبة من الإيمان
" فالإنسان إذا كان حيياً يكون أقرب إلى الطاعة,
وإذا أراد الأعداء من هذه الأُمة أن يفقدوا
طاعتهم لربهم جل وعلا جاءوا إليهم من باب الحياء, كما جاء أبليس إلى أبينا آدم من باب الحياء,
قال الله جل وعلا:{ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا }[الأعراف:27]
ولهذا قال الله قبل ذلك: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ }[الأعراف:26], فمن أراد الله له المضي والبقاء على الدين والثبات على الهدي, ألبسه الله جل وعلا لباس الحياء.
من
صلوا على الحبيب
طرح رائع
جـــزاك الله خـــير