صيام الجوارح فى رمضان ( 5- صيام القلب )
صيام الجوارح فى رمضان ( 5- صيام القلب )
صـيام الـعارفين لـه حـنين .. إلـى الـرحمن رب العالمينا
تصوم قلوبهم في كل وقت .. وبـالأسحار هـم يستغفرونا
– يقول الله تبارك وتعالى:
﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾
التغابن: من الآية11.
– وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمر
ورأس كل فعل.
– صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،
وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب )
رواه البخاري ومسلم.
– فصلاح قلبك سعادتك في الدنيا والآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم
مداه إلا الله عز وجل. يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾
قّ:37.
– ولكل مخلوق قلب. ولكنهما قلبان ، قلب حي نابض بالنور مشرق بالإيمان
ممتلئ باليقين عامر بالتقوى ، وقلب ميت مندثر سقيم فيه
كل خراب ودمار.
– يقول سبحانه وتعالى عن قلوب المعرضين اللاهين:
﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ﴾
البقرة: من الآية10.
وقال تعالى:
﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ﴾
البقرة8.
وقال سبحانه:
﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
محمد:24.
وقال عنهم:
﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ﴾
فصلت: من الآية5.
– فالقلوب تمرض ويطبع عليها ، وتقفل وتموت.
– إن قلوب أعداء الله عز وجل معهم في صدورهم ،
ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها ،
لذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام كما صح عنه:
( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )
رواه الترمذي.
– قلب المؤمن يصوم في رمضان وغيره وصيام القلب يكون تفريغه من
المادة الفاسدة من شركيات مهلكة ، من اعتقاد باطل ، ومن وساوس سيئة،
ومن نوايا خبيثة ، ومن خطرات موحشة.
– قلب المؤمن عامر بحب الله ، يعرف ربه بأسمائه وصفاته ،
كما وصف الله سبحانه وتعالى لنفسه ،
فهذا القلب يطالع بعين البصيرة سطور الأسماء والصفات ،
وصفحات صنع الله في الكائنات ، ودفاتر إبداع الله في المخلوقات.
وكـتـاب الـفضاء اقـرأ فـيه صورا ما قرأتها في كتابي
– قلب المؤمن فيه نور وهاج لا تبقي معه ظلمة ، نور الرسالة الخالدة ،
والتعاليم السماوية ، والتشريع الرباني ، يضاف هذا إلى نور الفطرة التي
فطر الله عليها العبد ، فيجتمع نوران عظيمان
﴿ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ
وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
النور: من الآية35.
– قلب المؤمن يزهر كالمصباح ، ويضئ كالشمس ، ويلمع كالفجر ،
يزداد قلب المؤمن من سماع الآيات إيمانا ، ومن التفكر يقينا ،
ومن الاعتبار هداية.
– قلب المؤمن يصوم عن الكبر لأنه يفطر القلب ، فلا يسكن الكبر قلب
المؤمن لأنه الحرام ، والكبر خيمته ورواقه ، ومنزله في القلب ،
فإذا سكن الكبر في القلب أصبح صاحب هذا القلب مريضا سفيها ،
وسقيما أحمق ، ومعتوها لعابا.
– يقول سبحانه كما في صحيح الحديث القدسي:
( الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، من نازعني فيهما عذبته )
رواه أحمد وغيره وهو عند مسلم بلفظ آخر.
– وقلب المؤمن يصوم عن العجب ، والعجب تصور الإنسان كمال نفسه ،
وأنه أفضل من غيره ، وأن عنده من المحاسن ما ليس عند الآخرين ،
وهذا هو الهلاك بعينه. صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ، وثلاث كفارات ، وثلاث درجات .
فأما المهلكات: فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه .. )
صحيح الجامع.
– ودواء هذا العجب النظر إلى عيب النفس ، وكثرة التقصير ،
وآلاف السيئات والخطايا التي فعلها العبد ، واقترفها ثم نسيها ،
وعلمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.
– وقلب المؤمن يصوم عن الحسد ، لان الحسد يحبط الأعمال الصالحة ،
ويطفئ نور القلب ، ويعطل سيره إلى الله تعالى.
– يقول سبحانه:
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾
النساء: من الآية54.
– ويقول صلى الله عليه وسلم:
( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضكم
على بيع بعض )
رواه مسلم.
* أخبر عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات عن رجل من أصحابه أنه من
أهل الجنة
(رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم)
فلما سئل ذاك الرجل بم تدخل الجنة ؟
قال: لا أنام وفي قلبي حسدا أو حقد أو غش على مسلم.
فهل من قلب يصوم صيام العارفين.
اللهم أهد قلوبنا إلى صراطك المستقيم ،
وثبتها على الإيمان يا رب العالمين.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
م/ن