تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » شرح أدعية أيام شهر رمضان المبارك في الاسلام

شرح أدعية أيام شهر رمضان المبارك في الاسلام 2024.

شرح أدعية أيام شهر رمضان المبارك

(اَللّـهُمَّ !.. افْتَحْ لي فيهِ أَبْوابَ فَضْلِكَ ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ فيهِ بَرَكاتِكَ ، وَوَفِّقْني فيهِ لِمُوجِباتِ مَرْضاتِكَ ، وَاَسْكِنّي فيهِ بُحْبُوحاتِ جَنّاتِكَ ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ !). لو أن أدعية شهر رمضان كلها تحققت في حياتنا فهل يبقى نقص في سلوكنا اليومي وفي سعادتنا وكمالنا ؟.. لا بأس الإنسان يجدد عهده بهذه الأدعية في غير شهر رمضان ، ليتذكر الطلبات التي طلبها من الله عزوجل.. والاقتراح : أن في شهر رمضان في ليالي القدر ، أو في ساعة من ساعات الالتفات إلى عالم الغيب ورقة القلب وخشوع القلب ، لا بأس الإنسان يقول : يا ربي، لو تستجب لي مضامين أدعية الأيام ، فإنه يكفيني ذلك !.. فلو تستجاب مضامين هذه الأدعية في ليلة القدر ، لكنا من الفائزين حق فوزه !..

– (اَللّـهُمَّ !.. افْتَحْ لي فيهِ أَبْوابَ فَضْلِكَ ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ فيهِ بَرَكاتِكَ…) :

من الملاحظ التعبير بـ(أنزل) للبركات ، و(افتح) للأبواب ؛ ومعنى ذلك أن هنالك بركات ، ولكنها غير منزلة ، وقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين (ع) : (استنزلوا الرزق بالصدقة).. فالرزق مقدر ، ولكنه كالسحاب ، وكالطير في الهواء ، يحتاج إلى أداة لاصطياده.. إن الله عزوجل قدر للإنسان المؤمن بركات كثيرة ، وهناك عدة أوسمة ذهبية ، أوسمة تجعله في مصافّ مقدمي العبادة عند الله عزوجل ، ولكنها أوسمة معلقة على أمور.. فإن الله عزوجل في ليلة القدر ، أو في الحج ، أو في العمرة ، أو في خشوع في صلاة ليل…؛ يعطي الإنسان وسام القرب ، ولكن لو أن الله عزوجل رأى فيه زللاً ، أو رأى فيه غضباً ، أو رأى فيه عدواناً ، أو رأى فيه سوء خلق ، أو رأى فيه حدة في القول أو الفعل ، أو رأى فيه بخلاً ، أو ما شابه ذلك من آفات النفس ؛ فإنه يوقف هذا العطاء..

وعليه، فإن ينبغي للإنسان بدلاً من الإكثار من موجبات الفيض ، أن يفكر في موانع الفيض ، فإنه إذا رفع الموانع فإن المقتضيات كثيرة.. فالله عزوجل -كما في قوله تعالى : {وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِه}- يستحث عباده حثاً ، لأن يشتروا من خزائن فيضه ، فخزائن الله عزوجل لا مشتري لها !.. خزائن عظيمة جداً !.. أين الذين يبحثون عن خزائن الله عزوجل ؟.. قيل للإمام السجاد (ع) : إن الحسن البصري يقول : ليس العجب ممن هلك كيف هلك ، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا.. فرد الإمام (ع) ذلك وقال : (أنا أقول : ليس العجب ممن نجا كيف نجا ، وإنما العجب ممن هلك كيف هلك ، مع سعة رحمة الله).. فالنجاة أمر سهل ، لأن رحمة الله عزوجل غامرة لكل شيء ، ولكن المشكلة في أننا لا نتوصل إلى هذه الخزائن ، كما يشير قوله تعالى : {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} ، فإن فضل الله عزوجل مقدر ، يحتاج إلى موجب واستحقاقية وقابلية ، فإذا رفع الإنسان المؤمن الموانع -موانع الباطن والظاهر- فإنه تنهمر عليه فيوضات الله عزوجل..

ورد عن الرسول (ص) أنه قال : (أخلصْ قلبك يكفك القليل من العمل).. ومن المعلوم في كتاب الكافي أن هناك ما يسمى بباب الاقتصاد في العبادة.. فالمؤمن لا ينبغي أن يرهق نفسه بالعبادات الثقيلة ، بل ينبغي أن يقتصد في العبادة ، وإذا اقتصد في العبادة بقلب سليم ، فتحت له الأبواب.. فالأولياء والصالحون الذين حازوا على رتبة سلامة القلب ، لم يتعبوا أبدانهم كثيراً.. وقد ورد في الحديث المعروف عن الإمام الجواد (ع) : أن (القصد إلى الله بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالأعمال).. فإن العمل الصالح كالبذرة ، والقلب السليم كالأرض الخصبة.. فبذرة واحدة من الورد ، تسقط في أرض خصبة ، تعطي الورود.. وبذور كثيرة ، في أرض سبخة ، لا تنبت شجراً ولا كلأً..

إذن، علينا أن نفكر في موجبات انغلاق الأبواب.. فإنه كما ورد عن الإمام الصادق (ع) : (إذا دعوت فظنَّ حاجتك بالباب).. فالحاجة خلف الباب ، ولكن الباب مسدود.. الحاجة في السماء ، ولكنه يحتاج إلى استنزال لهذا الرزق الإلهي..

(يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ !) :

نحن مع الأسف عندما يُقرأ دعاء المضطرين : {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} ، فإنه يتبادر إلى الذهن أن المعني هو الإنسان المبتلى في بدنه أو في ماله.. والحال أن الإنسان المبتلى بالبعد عن ربه ، الذي يريد أن يركز في صلاته فلا يفلح ، الذي يريد أن يستدر دمعة فلا ينجح ، الذي يريد أن يقرأ سورة من كتاب الله عزوجل فينتابه النعاس والتعب ؛ أليس هو إنسان مضطر حقيقةً ، وعليه أن يجأر إلى الله عزوجل ؟!.. لماذا الإنسان المبتلى بالسجن المادي يدعو باضطرار ، وهذا الإنسان المحبوس في سجن المادة والشهوات لا يرى نفسي مضطراً ؟!.. لو عاش الإنسان حقيقة الاضطرار في حرمانه من بركات عالم الغيب ، لتعامل الله عزوجل معه معاملة المضطرين.. ومن المعلوم أنه قسم من الأولياء في التأريخ كانوا في فترة من فترات حياتهم على طريق الضلال والانحراف ، وفي لحظة من اللحظات أصبحت لهم طفرة ونقلة في الحياة.. كذلك اللص الذي كان يترقب ظلام الليل ليتنقل في البيوت من سطح إلى سطح ، فسمع تالي القرآن : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} ، فإذا به يقول : بلى قد آن !.. لحظة من اللحظات انفتحت له الأبواب..

ولهذا يقال أن السير المعنوي أسهل من السير المادي السياحي.. فالسير المادي يحتاج إلى قطع المنازل ، بينما في السير المعنوي هناك ما يسمى باختزال المراحل -باختصار المنازل-.. والمؤمن بإمكانه أن يختصر المنازل في ليلة واحدة ، وما ذلك على الله بعزيز !.. كما أن الله عزوجل يصلح أمر وليه صاحب الأمر (عج) في ليلة واحدة ، كذلك يصلح أمر عباده المؤمنين في ليلة واحدة.. رزقنا الله تلك الليلة ، فتلك ليلة القدر العظمى في حياة الإنسان !..

اللهم اغفر لنا ذنوبنا ، ويسر أمورنا !.. إنك على كل شيء قدير.

للامانه منقول

( اَللّـهُمَّ !.. لا تَخْذُلْني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعْصِيَتِكَ ، وَلا تَضْرِبْني بِسِياطِ نَقِمَتِكَ ، وَزَحْزِحْني فيهِ مِنْ مُوجِباتِ سَخَطِكَ ، بِمَنِّكَ وَأَياديكَ ، يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرّاغِبينَ ! )

بغض النظر عن كون هذا الدعاء صادر من المعصوم أو غير صادر ، فهذا الأمر مبحوث في محله.. ولكن مضامين أدعية الأيام في شهر رمضان هي مضامين مغتنمة ومقدرة ، وعلى المؤمن أن يستوعبها بكل أبعادها..

– ( اَللّـهُمَّ لا تَخْذُلْني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعْصِيَتِكَ…) :

وقع بحث طويل وعريض بين علماء الكلام أنه ما معنى التوفيق الإلهي ، وما معنى الخذلان الإلهي ؟.. وأن التوفيق أمر مستوعب ، وهو أن الله عزوجل يهيئ الأسباب للإنسان الذي يستحق التسديد.. ولكن ما هو الكلام في الخذلان ؟.. كيف الله سبحانه وتعالى يخذل العبد ويوفقه لأن يرتكب الحرام ؟.. وكيف يتناسب هذا مع الرأفة الإلهية والرحمة الإلهية ؟..

الجواب : أن الله عزوجل له أسلوبان في التعامل مع العبد.. الأول : أسلوب التسديد والعناية ، وهو المعروف بالتوفيق.. والثاني : أسلوب الإيكال إلى النفس ، وهو المعروف بالخذلان.. ففي الخذلان الله تعالى لا يوقع العبد في المعصية ، فلو كان الأمر كذلك -أي إذا أوقعه في المعصية- فإنه لا معنى للعقاب والحساب يوم القيامة ، وإنما الله عزوجل يرفع عنه التسديد ، ويخلي بينه وبين نفسه ، فعندئذ هذا العبد لا يرى القبيح قبيحاً ، ولا يرى المنكر منكراً..

لتقريب المعنى نضرب هذا المثال في عالم التكوين :

الملاحظ أن بعض الناس يعيش حالة التقزز الشديد والانصراف النفسي ، عندما يرى بعض الحشرات القبيحة أو المزعجة ، فهو لا يطيق مجرد النظر إليها فضلاً عن التعامل معها.. إن الإنسان المؤمن يصل إلى درجة من الاشمئزاز واستقذار الحرام ، بحيث أنه إذا وقع نظره على حرام فإنه لا يطيق النظر إليه ، وكأنه رأى منظراً مقززاً من حشرة لا يطاق النظر إليها.. ولهذا فإن القرآن الكريم في قوله تعالى : {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} ؛ يعتبر من صور المنة الإلهية على العبد المؤمن ، أنه يحبب الإيمان في قلبه ، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان..

وإذا الإنسان وصل مرحلة تكريه الفسوق وتحبيب الإيمان ، فإن هذه نوع من أنواع العصمة المصغرة.. لأن الإنسان العادل لا يرتكب الحرام ويقوم بالواجب ، وقد يكون في نفسه ميل للحرام ، وميل إلى ترك الواجب ، ولكن هو خوفاً من العقاب ، أو طمعاً في الثواب فإنه يلتزم بالشريعة.. ولكن هذا الإنسان المؤمن الخاص يصل إلى درجة أنه يتأقلم وينسجم مع ما هو مطلوب منه شرعاً ، فلا يحتاج إلى معاناة كثيرة في ترك المنكر وفي أداء الواجب.

ولهذا فلو أن الله عزوجل يخلي بين العبد وبين نفسه ، فإنه عندئذ يرتكب الحرام ، من دون أن يرى أي حزازة أو قذارة في الحرام المرتكب.

– (وَلا تَضْرِبْني بِسِياطِ نَقِمَتِكَ…) :

ورد عن الإمام الباقر (ع) : (إنّ لله عقوبات في القلوب والأبدان : ضنك في المعيشة ، ووهن في العبادة ، وما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب).. يفهم من هذا الحديث : أن لله عزوجل عقوبات في الأبدان : كالمرض والعطب والألم… ، وفي غيره ، ولكن أشد العقوبات على الإنسان هي قسوة القلب.. فالإنسان الذي لا يخشع قلبه ، ولا يرق قلبه ، فإنه إنسان ميت ، يعني ميت الأحياء.. وهو ونباتات الطبيعة وحيوانات الطبيعة وجمادات الطبيعة ، على حد سواء.. فإذا كان هو ينمو فالوردة تنمو ، إذا كان يأكل فالحيوان يأكل ، إذا كان يسبح فالبطة تسبح ، إذا كان يحمل الأثقال فالفيل يحمل الأثقال ، إذا كان يركض فالغزال يركض.. إذن، الذي يميز الإنسان عن غيره من الحيوان والنبات ، ليس هو النمو ، وليس هو التكاثر ، وليس هو عملية الطعام والشراب ، وإنما الذي يميزه دركه لملكوت الوجود وباطن الحياة ، ولهذا قيل بأن الإنسان حيوان ناطق ، أي مفكر ، فعندما ينطق ينطق عن تفكير ، لا كالببغاء.. إذن، من عقوبات الله تعالى على عبده ، أن يضربه بسياط النقمة ، فلا يفقه قلبه ، أي لا يعقل ، كما في قوله تعالى : {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}..

– (وَزَحْزِحْني فيهِ مِنْ مُوجِباتِ سَخَطِكَ ، بِمَنِّكَ وَأَياديكَ ، يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرّاغِبينَ ! ) :

وفي شهر رمضان من المناسب جداً للمؤمن أن يطلب من ربه بالإضافة إلى المغفرة ، أن يرفع عنه أثر المعصية ، فقد يغفر الله عزوجل للعبد ، فيرتفع عنه عذاب جهنم والمؤاخذة في القبر ، ولكن يبقى أثر المعصية الذي هو ظلمة الفؤاد واسوداد الباطن.. أي يطلب من الله عزوجل الأمرين في آن واحد ، الأمر الأول : أن يرفع عنه العقوبة ، والأمر الآخر: أن يبدل الجو النفسي الذي أوجدته المعصية ؛ حتى يعيش جو الإقبال على الله تعالى.. وإذا الإنسان لم يقبل في شهر رمضان ، فمتى يقبل ؟.. إذا الإنسان دخل ضيافة الملك ، والملك لم يستقبله استقبال الراضين عنه ، فهل يتوقع أن يعامله معاملة جيدة ، إذا خرج من القصر ، وإذا لم يكن في ضيافته ؟.. أبداً..

وقد صرح القرآن الكريم بحقيقة ضعف الإنسان ، حيث يقول تعالى : {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا }.. فلولا العناية الإلهية ، ما زكى منا أحد أبداً ، فكل ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى.. لأن طبيعة الحياة المليئة بالشهوات والغفلات ، طبيعة لا تسمح للإنسان أن يتقدم إلى الله تعالى بما لديه من رصيد ، ومن هنا لابد من وجود قوة أخرى وجهة أخرى متفضلة ، وهي التي تجعل البركة في ما يقوم به المؤمن.

وفقنا الله تعالى وإياكم ، لأن نكون من عباده الصالحين !.. إن شاء الله تعالى.
منقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.