1- لأنه إذا كانت عقيدة المسلم متينة وسليمة وصحيحة، فإنَّ كلَّ شيء بعدها في سمات الشخصية سيكون متينًا وسليمًا وصحيحًا؛ فما بُني على حق كان حقًّا، وما بُني على باطل، كان زهوقًا.
2- لأنه إذا ساور العبدَ شكٌّ في الوحدانية، وأن لا إلهَ إلا الله، لخرج بذلك الشكِّ من الملة، وصار بذلك من سُكنى جهنم.
3- لأنَّ ما قد نراه في كثير من تصرُّفات شباب اليوم من تقليد الغير في مُعتقداتٍ مشبوهة هو في حقيقته مصيبة وكارثة كبرى، تَحتاج تصحيحًا لمعتقداتهم، وإرشادًا وتنويرًا لعقولهم قبل أن يأتي الموت، فيموتوا على عقيدة باطلة.
4- لأنه إذا صَلَحَت العقيدة وسَلِم فهمها، فإن العائد على صاحبها سيكون حتمًا صلاحًا في الظاهر والباطن.
5- لأن العقيدة هي المنطلق الأساسي في الإسلام, فينبني عليها، والمحور الرئيس للإيمان، فلا يتحقق إلا بها.
6- لأنَّ العقيدةَ المشوَّشة هي ما أنتجت لنا أفكَارًا شاذة تنادي بأنْ لا عَلاقَةَ للدين بالدنيا، وأن كلاهما منفصلٌ، ولا داعيَ للدمج بينهما، أو إقحام الدين – على حَدِّ قولهم – في مجريات الدنيا، فهذه نقرة، وتلك نقرة، ولا جمع بينهما.
7- لأنَّ جمالَ إسلامنا، وروعةَ شريعتنا، وحُبَّ خالقنا، واتِّباعَ سنة حبيبنا – لن يتحقَّق إلا بعقيدة سليمة متينة، لا شك فيها ولا انحراف.
8- لأَنَّ العقيدةَ هي رأسُ أمر المحور الإيماني التعبُّدي، الذي يختص بخالق الكون، ومُسبِّب الأسباب، ومُجري السحاب، وصاحب الأحدية، والمتفرد بالربوبية، والخالق للبشر والكون بالكلية، ومالك الدنيا، ورحمن الآخرة ورحيمها.
نحو عقيدة ربانية:
1- احذر أن يساورَك الشك أو تنجرف إلى فلسفات أو نظريات، يكون من شأنها زعزعةٌ في عقيدتك أو إغضابٌ لخالقك.
2- سدَّ سَمْعَك عن عَلمانيات التفكير ونظريات الفارغين هنا وهناك، وقل لهم: ارحمونا يرحمكم الله.
3- ليتدرب كل منَّا على القراءة المستفيضة في الإسلام، وليأخذ علوم العقيدة من علمائها الثِّقات؛ ليتصحح المفهوم، ويتَّزن العقل، وتنصلح الدنيا، وتستقر الأوضاع، ويحل الأمن محل الفوضى والغوغائية.
4- لِيفتِّش المرءُ دائمًا في عقيدته، فلربما يفاجأ بأنَّها تحمل بين طياتها – دون أن يدري – ما ينقص من سلامة عقيدته أو متانتها، أو على الأقل يُشوِّش علاقته بربه وخالقه.
5- الثقة الكاملة في أن عقيدةَ الإسلام هي الراسخةُ غيرُ المشوبة ولا المعيبة، المتصلة – أولاً وأبدًا، وماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً، وحتى تقوم الساعة – بربٍّ عظيم خَلَقَ فسوَّى، وقدَّر فهدى، ومنع وأعطى، وهو اللطيف الخبير.
6- متانة العقيدة تستلزم حُبَّ الله وتنزيهه عن كل شيء؛ فليس كمثله شيء؛ ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103].
7- متانة العقيدة تستلزم الاعتقاد الجازم بأن الربَّ واحد، وأن الكون قبضته بيمينه، وأنه لا إله إلا هو، وإليه تُرجع الأمور.
8- مَتِّنْ عقيدتك بالاعتقاد الراسخ أن رزقك وما توعد إنَّما هو في السماء؛ ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 22 – 23]، فتتحقق الثقة بربك، وتتلاشى ثقتك بخلقه الذين يظنون أنَّ الرزق بأيديهم يَمنعونه منك وعنك وقتما شاؤوا وكيفما أرادوا.
9- لا تكن ممن يطوف بالضريح، وإذا أردت طوافًا، فلا تجعله إلا بالبيت العتيق؛ فإن هذا مما يُبعدك عن إطار فهم الدين والاعتقاد الصحيح في الله، وهو دليلٌ على التعلق بغير الله العلي القدير، صاحب العطاء، وسامع الدعاء القريب المجيب.
10- عَلِّق نفسك بالله وحده، واستمسك بالعروة الوُثقى لا انفصام لها، ولا تنطرح بجبينك إلا لله، ولا تسألْ أحدًا سواه، تَهْدَأْ بالاً، وتَرْتَحْ نفسًا، وتقوَ عقيدتُك.
11- لا تتأثر بنعرات العلمانية الداعية بقوة ليلَ نَهارَ إلى أفكار ومعتقدات أقسمنا ثلاثًا أنَّها لن تزحزحنا عن عقيدتنا، ولو قيدَ شعرة؛ فإسلامنا دين، ودنيا، وثقافة، وعلم، وتربية، وأخلاق، وآداب، وعمل، وإنتاج، ونهضة، وصلاة، وصوم، ودين شامل لكل الحياة، ولن نتأثر بأبواق أو مصطلحات ظاهرها الرحمة، وباطنها من قبله العذاب.
12- إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا اعتمدت فلا يكن إلا على الله، واركن له لا لغيره، واعبُدْه لا تشرك به شيئًا.
13- لا تكن إمَّعة تعتقد ما يعتقده بعض الناس في الأفهام الخاطئة والمعتقدات الزائفة، وكن مميزًا بعقيدة صافية لا يشوبها شكٌّ ولا ريب، تنل بحقها راحةَ نفسك، ورضا ربِّك، وحُبَّ نبيك.
14- متِّن علاقتك بالسماء، واطلُب حاجاتك ممن يسمع الدُّعاء، ويُغيث الملهوف، ويُحِبُّ الإلحاح والرجاء.
15- بقدر ما تكون مُوحِّدًا لله صادقًا متقربًا إليه وعليه متوكلاً، بقدر ما تكون ربانيًّا في عقيدتك، محببًا إلى الله – عَزَّ وجَلَّ – ونبيه وملائكته والناس أجمعين؛ فالتوحيدُ الخالص لله، والاعتقادُ الذي لا يشوبُه شك، حتمًا سيشرق وجهُ صاحبه ضياءً، وتسعد الأرض بأقدامه عندما يطأ عليها؛ فهو الموحِّد، وهو الذي في الله وبالله يؤمن ويعتقد.
16- إياك والتشبُّهَ بأفعال الكافرين؛ فلا قصَّات شعرٍ فيها تُجاريهم، ولا حظّاظات في اليد بها تُقلِّدهم، ولا بنطلون على الوسط يتزحزح ويسرع الحركة نحو كشفٍ لعورةٍ أمر الله بسترها؛ فمن تشبَّه بقوم كاد يكون مثلهم، وخير لك أن تتشبه بالرِّجال الصالحين من أبناء دينك وعقيدتك، وكن في الرجولة والكرامة يشار إليك بالبنان.
17- على الله وحْدَه كن متوكلاً، واتْرُك الأمور له، وكن إليه مُتوسلاً، وخرَّ بجبينك وروحك وعقلك على الأرض ساجدًا لله، متعلقًا به، منيبًا إليه, وقتها أَعِدُك بأنك ستكون قد نلت، ولله قد صعدت.
18- أَكْثِر من قول: "لا إلهَ إلا الله"، و"قل هو الله أحد"، تسلم في عقيدتك، وتخْلص لله في نيتك.
خاتمة:
اللهم ارزقنا سلامةً في عقيدتنا، وصفاءً في علاقتنا بك يا الله.
اللهم إنا نعوذ بك من الشرك والشك، ونسألك إيمانًا صادقًا، وقلبًا بالاعتقاد بربوبيتك ينبض واثقًا، ولسانًا لا يَكلُّ ولا يَمَلُّ من توحيدك وتنزيهك وتسبيحك وتكبيرك.
اللهم من أراد بنا سوءًا في عقيدتنا، فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، وسلِّمنا والمسلمين من شَرِّه، ولا تجعل لأحد علينا سبيلاً.
اللهم ارزقنا صحةً في العبادة، وسلامةً في العقيدة، وحُسنًا في الخُلُق، وإذا أردت بخلقك فتنة، فاقبضنا إليك مُوحِّدين، وبك مؤمنين، وبألوهيتك شاهدين، وبقدرتك على الخلق والجنة والنار مؤمنين معتقدين واثقين.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد، معلم الناس الخير، والهادي إلى صراطك المستقيم.
بقلم نبيل جلهوم