[size="5"]سحائب الغفران في زمن العصيان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :-
هذا بحث عن موضوع مهم نحتاجه في كل حياتنا فإن الذنوب لا يسلم منها أحد وقد انتهت العصمة بموت محمد صلى الله عليه وسلم ولكن ماذا بعد الذنب ؟
الاستغفار اعلم أخي أن هذا الزمن هو آخر الزمان وهذه البلايا والفتن هي ما أخبر عنها المصطفى عليه الصلاة والسلام فقال : ستجدون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض أو كما قال عليه الصلاة والسلام فما المخرج وما السبيل في هذا الزمن؟ التمسك بالكتاب والسنة والرجوع إلى الله وتجديد التوبة وأعظم زاد هو ذكر الله قال أحد الصحابة رضوان الله عليهم يا رسول الله إن شرائع قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع قال : لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله أو كما قال عليه الصلاة والسلام ولهذا كتبت هذا البحث الذي أسأل الله أن ينفع به كل قائم بهذا الدين وكل من يريد الثبات عليه والصبر على البلاء والهداية إلى الصراط المستقيم والحمد لله رب العالمين
بين يدي الموضوع
الإنسان ليس معصوما من الخطأ واقتراف الذنب بحكم طبيعته البشرية وأيضا فإن أعداءه كثر منهم النفس التي تسكن بين جنباته وتزين له وتأمره بالسور "إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي" ومنهم الشيطان العدو اللدود الذي يتربص بالإنسان ليورده موارد التهلكة ومنهم الهوى الذي يصد عن سبيل الله ومنهم التعلق بالدنيا بغرورها وزخرفها ومنهم نافخ الكير الذي يعين على المعصية ليحرق ثيابك أو حتى على قسوة قلبك من ريحه الخبيث فالذنب والخطأ حاصل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم وقال أيضا عليه الصلاة والسلام " كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون" ومن المسائل التي لابد من التنبه عليها الاستغفار
المجرد عن التدبر والاستشعار فيكون باللسان فقط قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : الاستغفار بلا إقلاع عن الذنب توبة " الكذابين"
وقال أحد الصالحين : استغفارنا يحتاج الى استغفار
قال الشاعر :
استغفــر الله مــن استغفـــر الله مـن لفظة بدرت خالفت معناها
وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد سددت بالذنب عند الله مجراها
ولأن يستغفر العبد استغفارا واحدا يحس معه بمرارة المعصية وحرقة الذنب وانكسار القلب
خير من ألف استغفار باللسان المجرد عن الاستشعار
الاستغفار مصدر من استغفر يستغفر ومادته "غفر" التي تدل على الستر فالغفر الستر
قال الراغب : "الغفر إلباس ما يصونه عن الدنس
ومنه قيل : اغفر توبة في الدعاء
والغفران والمغفرة من الله هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعل
وقيل اغفروا هذا الأمر بمغفرته أي استروه بما يجب أن يستر به
والغفور والغفار والغافر من أسماء الله الحسنى ومعناها الساتر ومنها الساتر لذنوب عباده
المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم
قال الغزالي: الغفار هو الذي اظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها
بإسبال الستر عليها في الدنيا والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة
وقال الخطابي: الغفار هو الذي يفغر ذنوب عباده مرة بعد مرة كلما تكررت التوبة من الذنب
تكررت المغفرة فكل هذه المعاني مجموعة في الاستغفار ويدل عليها
كيف لو بلغت ذنوبك عنان السماء؟
عن أنس بن مالك رضي الله عنه سمعت رسول الله يقول :
"قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك
ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك
يا ابن آدم انك لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا
لآتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي وقال حديث حسن
هل فعلت الكبائر؟
قال تعالى : {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلمو أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}
قال الإمام السعدي رحمه الله أي صدر منهم أعمال سيئة كبيرة أو ما دون ذلك بادروا إلى الله بالتوبة والاستغفار وذكروا ربهم وما توعد به العاصين ووعد به المتقين فسألوه المغفرة لذنوبهم والستر لعيوبهم مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها
عن عاصم بن رجاء بن حيوة قال : كان عمر بن عبد العزيز يخطب فيقول : أيها الناس من الم بذنب فليستغفر الله وليتب فإن عاد فليستغفر الله وليتب فإن عاد فليستغفر الله وليتب فإنما هي خطايا محرقة في أعناق الرجال وإن الهلاك كل الهلاك في الإصرار عليها
هــــل هـــل هـــل هـــل
تريد الرزق و الولد و المال قال الله تعالى : "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"
ففي الآية يقول القرطبي رحمه الله: دليل على أن الاستغفار ينزل به الرزق والأمطار
ويقول الحافظ بن كثير رحمه الله في تفسيره : أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء وأخرج لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع وأدر لكم الضرع فجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها
وكذلك يمددكم بالمال فيرزقكم المال من حيث لا تحتسبو وكم من فقير أغناه الله بين عشية وضحاها وكذلك هذه رسالة لكل من منع الولد أن يعلم أن الولد من الله فيطلب منه بالاستغفار فإن أعظم وأنجح وأفضل علاج هو الاستغفار مع حسن الظن بالله وقوة التوكل عليه فإذا رزقت الولد فلا تترك الاستغفار
هل تريد قضاء دينك؟
عن معتمر بن سليمان قال : كان على أبي دين فكان يستغفر الله تعالى
فقيل له :سل الله يقضي عنك الدين قال : إذا غفر لي قضى عني الدين .
هل تريد دخول الجنة؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم " سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهد ووعدك ما استعطت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها في النهار "موقنا بها" فمات من يومه قبل أن يمسي دخل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة" رواه البخاري
هل تريد مغفرة الذنوب ومحو الخطايا؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : "إذا أذنب العبد ذنبا فقال : اللهم اغفر لي
فيقول الله عز وجل : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يأخذ بالذنب ويغفر الذنب عبدي اعمل ما شئت فقد غفرت لك" متفق عليه
قال قتادة رحمه الله : "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما دائكم فالذنوب وأما دواءكم فالاستغفار"
فهو سبب لمغفرة الذنوب ومحو الخطايا وتكفير السيئات
فيتامين الاستغفار
ومن العجيب إذا نظرت إلى الكثير من الأذكار وجدت لها فائدة أو فائدتين أو ثلاث وأما الاستغفار ففيه فوائد كثيرة وعظيمة "أنا لا انتقص من بقية الأذكار" وقد مر معنا بعضها فالمؤمن كلما كان خاليا من الذنوب كان اقرب من ربه وكان الله قريبا منه فإذا دعاه أجابه وإذا دعاه الله أجابه
ومن هذه الفوائد : زيادة القوة
وهي فائدة يشعر بها من جربها كيف لا والله يقول على لسان هود عليه السلام {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين} فقوم هود كانوا أقوياء أشداء ولكن هذه القوة لم تنفعهم عندما جاء أمر ربك {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآيتنا يجحدون} فلو أنهم استغفروا من كفرهم وعنادهم لزادهم الله قوة إلى قوتهم ولكنهم جحدوا وكذبوا فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ففي هذه الآية أطلق الله لفظ القوة فهي تدل على قوة الإيمان وقوة الجسم والبدن وقوة العقل والإدراك وقوة الحفظ وقوة الفهم وقوة الصدع بالحق وقوة الثبات عليه ويعطي العبد قوة ونشاطا في أداء العبادات وتحمل شدتها والله تعالى اعلم
أحوال وأوقات يستحب فيها الاستغفار
الاستغفار مشروع في كل وقت ويستحب في أحوال وأوقات مخصوصة
يكون للاستغفار فيها مزيد فضل
*بعد الفراغ من العبادة :
قال الله تعالى : {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله أن الله غفور رحيم}
وكان النبي إذا سلم من صلاة قال استغفر الله "ثلاثا"
فالاستغفار بعد العبادة سد للخلل ورأب للصدع ورقع للخرق
*الاستغفار في السحر :
قال الله تعالى : {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}
وهذا ثناء من الله لمن اتصف بهذه الصفات
وقال الله عز وجل : {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون}
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قول الله تعالى عن يعقوب عليه السلام : {قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم} أنه أخر الاستغفار إلى وقت السحر والسبب فضيلة هذا الوقت عند الله فإن الغالب في هذا الوقت الغفلة عنه
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فاغفر له؟´رواه البخاري ومسلم واللفظ له
فال الغزالي في إحياء علوم الدين : وعن خالد بن معدان : "يقول الله عز وجل أن أحب عبادي إلي المتحابون بحبي المتعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرين بالأسحار"
*في ختم المجالس :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما كان رسول الله يقوم من مجلسه إلا قال : "سبحانك اللهم ربي وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك ربي وأتوب إليك" فقلت يا رسول الله ما أكثر ما تقول هؤلاء الكلمات إذا قمت قال : :لا يقولهن من أحد حين يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان منه في ذلك المجلس" رواه الحاكم وقال حديث صحيح ووافقه الذهبي
واليوم صارت المجالس في غير ذكر الله إلا من رحم ولا حول قوة إلا بالله
*الاستغفار للميت :
كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال : "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل" رواه أبو داود
وهذا الموقف الذي شهدته لإخوانك سيشهده غيرك لكن سيكون عليك فاجتهد لإخوانك حتى يجتهد إخوانك لك
أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام بالاستغفار فقال : {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}
وقال سبحانه وتعالى : {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم}
عن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه أن رسول الله قال : "إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم
ومعنى ليغان على قلبي قال القاضي عياض: المراد بذلك فترات الفتور عن الذكر الذي من شانه المداومة عليه فإذا فتر عنه لأمر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر الله منه عليه الصلاة والسلام. اهـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : "والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" رواه البخاري
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : "إن كنا لنعد لرسول الله في المجلس الواحد مائة مرة "رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح
وعن ثوبان رضي الله عنه قال : كان رسول الله إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا رواه مسلم
وكان إذا انصرف من مجلسه قال : "سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت اعلم به مني اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت اعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شي قدير"
متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه واللفظ لمسلم
من ألفاظ وصيغ الاستغفار
*رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" رواه البخاري
"استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه"
رواه أبو داود وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم
"استغفر الله وأتوب إليه" متفق عليه
سيد الاستغفار
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت
أعوذ بك من شر ما صنعتك وأبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي
فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" رواه مسلم
عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي قال : "سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها في أول النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة" رواه البخاري
من أقوال السلف في الاستغفار
قالت عائشة رضي الله عنها : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا
قال لقمان لابنه : يا بني إن لله ساعات لا يرد فيها سائلا فأكثر من الاستغفار
قال علي رضي الله عنه : العجب ممن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي ؟ قال : الاستغفار
وقال علي رضي الله عنه أيضا : ما الهم الله سبحانه وتعالى عبدا الاستغفار وهو يريد أن يعذبه
وقال أحد الصالحين : العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الحمد والاستغفار
قال بكر بن عبد الله المزني : أنتم تكثرون من الذنوب فأكثروا من الاستغفار فإن الرجل إذا وجد في صحيفته بين كل سطرين استغفارا سره مكان ذلك
قال عبد الله بن أبي زكريا : ما من أمة يكون فيهم خمسة عشر رجلا يستغفرون الله في كل يوم خمسا وعشرين مرة فتعذب تلك الأمة واقرؤوا إن شئتم "فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين"
وسئل سهل عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال : "أول الاستغفار الاستجابة ثم الإنابة ثم التوبة فالاستجابة أعمال الجوارح والإنابة أعمال القلوب والتوبة إقبال على مولاه بأن يترك الذنب ثم يستغفر الله من تقصيره الذي فيه" التوبة للغزالي
قال ابن الجوزي : إن إبليس قال أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار وبـ "لا إله إلا الله" فلما رأيت منهم ذلك ثبت فيهم الأهواء يذنبون ولا يستغفرون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
وكان أعرابي يقول : من أراد أن يجاورنا في أرضنا فليكثر من الاستغفار فإن الاستغفار القطار القطار : السحاب العظيم القطر
قال ابن تيمية رحمه الله : إنه ليقف خاطري في المسألة التي تشكل علي فاستغفر الله ألف مرة حتى ينشرح في الصدر وينحل إشكال ما أشكل وقد أكون في السوق أو المسجد أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي
هل تريد دفع العقوبة والعذاب قبل وقوعهما؟
قال الحسن البصري رحمه الله : يا ابن آدم تركك الذنب أهون من طلبك التوبة
ومن ثمرات الاستغفار أن الله عز وجل جعله سببا في رفع العذاب ودفع العقوبة
قال الله تعالى : {وما كان الله معذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : كان لنا أمانان من العذاب ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا وبقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا فالاستغفار أمان من الله لعباده
عن أبي هريرة رضي الله قال : قال رسول الله : "إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها فإن زاد زادت حتى تغلق قلبه فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل في كتابه {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}
هل تريد تفريج الهموم والكروب؟
قال رسول الله : "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أحمد في المسند واللفظ له وابن ماجه والحاكم في المستدرك وصحح إسناده وصححه الشيخ أحمد شاكر
الدنيا لا تخلو من بلاء وكدر ولذلك قال الله تعالى : {لقد خلقنا الإنسان في كبد} أي شدة وبلاء وضيق ويستعان عليها بذكر الله وخاصة الاستغفار فهو مفتاح الفرج وفيه الخلاص والنجاة والاستغفار الذي يذهب الهموم والغموم هو المصحوب بإيمان وتصديق بما أخبر به النبي فلا يكون باللسان المجرد كما سبق وما أكثر هذه المصائب اليوم وما أقل من نجى منها
بشرى للنساء
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه قال : "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار" قالت امرأة منهن مالنا أكثر أهل النار؟ قال : "تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت ما نقصان العقل والدين؟ قال : "شهادة امرأتين بشهادة رجل وتمكث الأيام لا تصلي" رواه مسلم
فالصدقة والاستغفار دليل على النجاة من النار وبها تكفر السيئات فلتحرص المرأة المسلمة على هذين الأمرين حتى تنجو من عذاب الله سبحانه وتعالى
العشير : أي الزوج
لذي لب : أي عقل
واختم بقصة
ذكرها الأمام القرطبي عن ابن صبيح قال : شكا رجل إلى الحسن البصري الجدوبة فقال له : استغفر الله وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني الولد فقال له : استغفر الله وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له : استغفر الله فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار فقال : ما قلت من عندي شيئا إن الله عز وجل يقول في سورة نوح {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} قال الرجل للحسن رحمه الله : أما يستحي أحدنا من ربه؟ نفعل الذنب ثم نستغفره ثم نفعله ثم نستغفره وهكذا فقال له : الحسن : ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا لا تتركوا الاستغفار أبدا
وأخيرا
فإن كان من خلل وتقصير فمني وأسأل الله الرحيم أن يغفر لي
وإن كان من توفيق فمن الله وحده أسأل الله أن ينفعنا بهذا القول
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وجعله في ميزان حسناتك يارب