رمضـــــان قـــــد حضـــركــــم …
أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم – أَيُّهَا النَّاسُ – وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ –
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَومَانِ في عِلمِ اللهِ أَو ثَلاثَةٌ، وَيَكُونُ المُسلِمُونَ في شَهرِ رَمَضَانَ،
ويُعَانِقُونَ بِأَفئِدَتِهِم شَهرَ الصِّيَامِ وَالقُرآنِ، وَتَحضُرُهُم أَيَّامُ التَّبَتُّلِ وَالتَّعَبُّدِ وَالدُّعَاءِ،
وَتَتَوَالى بَينَ أَيدِيهِم لَيَالي القِيَامِ وَالتَّقَرُّبِ وَالرَّجَاءِ،
إِنَّهُ المَوسِمُ الَّذِي يَعظُمُ فِيهِ أَمَلُ المُسلِمِينَ بِرَبِّهِم، فَيَحفَظُونَ جَوَارِحَهُم بِإِقبَالِهِم عَلَى أَنوَاعِ البِرِّ وَالطَّاعَاتِ،
وَيَصُونُونَ حَوَاسَّهُم بالتَّخَفُّفِ مِنَ الأَوزَارِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَلَيتَ شِعرِي مَنِ المُدرِكُ لِذَلِكَ الشَّهرِ العَظِيمِ فَيُهَنَّأَ؟
وَمَن المُوَفَّقُ فِيهِ لأَفضَلِ الأَعمَالِ وَأَزكَاهَا فَيُبَارَكَ لَهُ؟ إِنَّ التَّوفِيقَ لِلعَمَلِ الصَّالحِ في شَهرِ رَمَضَانَ، وَتَسدِيدَ العَبدِ فِيهِ وَفي غَيرِهِ مِنَ المَوَاسِمِ، لَيسَ مُعَادَلَةً صَعبَةً وَلا أُمنِيَّةً مُستَحِيلَةً، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَجعَلَ عَلَى عِبَادِهِ في دِينِهِم حَرَجًا، وَلا يُكَلِّفَهُم مِن أَمرِهِم عُسرًا،
بَل إِنَّ هَذَا الدِّينَ العَظِيمَ في أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَعِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلاتِهِ، قَائِمٌ عَلَى التَّيسِيرِ مَبنيٌّ عَلَى الرِّفقِ، مَحفُوفٌ بِالرَّحمَةِ مُزَيَّنٌ بِالعَفوِ، مُجَمَّلٌ بِالغُفرَانِ بَعِيدٌ عَنِ الحَرَجِ، مُنَافٍ لِلعَنَتِ مُنَاقِضٌ لِلمَشَقَّةِ، التَّيسِيرُ مَقصِدٌ أَسَاسِيٌّ مِن مَقَاصِدِهِ، وَرَفعُ الحَرَجِ سِمَةٌ ظَاهِرَةٌ مِن سِمَاتِهِ، كِتَابُهُ يُسرٌ وَذِكرَى، وَآيَاتُهُ رَحمَةٌ وَبُشرَى، وَنَبِيُّهُ مُبَشِّرٌ وَمُيَسِّرٌ،
قَالَ – تَعَالى -: ﴿ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ ﴾
وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم ﴾
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ ﴾
وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَلَقَد يَسَّرنَا القُرآنَ لِلذِّكرِ فَهَل مِن مُدَّكِرٍ ﴾
وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ ﴾
وَالمُتَأَمِّلُ في عِبَادَاتِهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – وَأَخلاقِهِ وَأَقوَالِهِ وَأَفعَالِهِ، يَجِدُهَا مُعَطَّرَةً بِأَرِيجِ اليُسرِ مُطَيَبَّةً بِشَذَا الرِّفقِ، يُبَشِّرُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – أُمَّتَهُ بِاليُسرِ فَيَقُولُ:
(( إِنَّكُم أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ اليُسرُ)) أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ،
وَيُبَيِّنُ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أَنَّ الدِّينَ الَّذِي اختَارَهُ اللهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ هُوَ دِينُ اليُسرِ وَالسُّهُولَةِ
فَيَقُولُ:
((إِنَّ خَيرَ دِينِكُم أَيسَرُهُ، إِنَّ خَيرَ دِينِكُم أَيسَرُهُ)) أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَيَقُولُ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -:
((إِنَّ الدِّينَ يُسرٌ، وَلَن يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا، وَاستَعِينُوا بِالغَدوَةِ وَالرَّوحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلجَةِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
عِبَادَ اللهِ…
لَيسَ الانتِظَامُ في سِلكِ العَابِدِينَ صَعبًا وَلا مُستَحِيلاً، وَمَا التَّشَبُّهُ بِالزَّاهِدِينَ طَرِيقًا وَعرًا وَلا طَوِيلاً،
وَإِنَّمَا يَكفِي العَبدَ مِن بِدَايَةِ شَهرِهِ إِخلاصٌ وَنِيَّةٌ حَسَنَةٌ، يَتبَعُهَا عَزِيمَةٌ صَادِقَةٌ وَتَوَكُّلٌ عَلَى اللهِ، ثُمَّ تَحَرٍّ لِلخَيرِ وَتَقَرُّبٌ، وَسَيرٌ إِلى الأَمَامِ وَعَدَمُ التِفَاتٍ أَو تَقَهقُرٍ، مَعَ حِرصٍ عَلَى الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، وَبَدءٍ بِالأُصُولِ وَالمُهِمَّاتِ،
وَبَعدَ ذَلِكَ سَيَجِدُ العَبدُ أَنَّ رَبَّهُ مَعَهُ يُؤَيِّدُهُ وَيَنصُرُهُ، وَيُعِينُهُ وَيُصَبِّرُهُ، وَسَيَرَى الطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ تَأتي إِلَيهِ مُنقَادَةً مُتَتَابِعَةً، آخِذًا بَعضُهَا بِرِقَابِ بَعضٍ، ذَلِكَ أَنَّ فِعلَ الفَرَائِضِ وَحِفظَ الوَاجِبَاتِ، يَهدِي بِهِ اللهُ لِفِعلِ المَندُوبَاتِ، وَيُوَفِّقُ بِبَرَكَتِهِ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ المُستَحَبَّاتُ، وَالحَسَنَةُ تَدعُو لِلحَسَنَةِ، وَالبِرُّ يَدفَعُ لِلبِرِّ
((وَمَن يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعطَهُ، وَمَن يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ))
قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالحُسنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى ﴾
وقَالَ – تَعَالى – في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: (( أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلإٍ ذَكَرتُهُ في مَلإٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَرَوَلَةً)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
نَعَم – أَيُّهَا المُسلِمُونَ –
إِنَّ التَّعَامُلَ مَعَ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – في مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ وَأَوقَاتِ العِبَادَاتِ،
لا يَحتَاجُ مِنَ العَبدِ إِلاَّ أَن يَنطَلِقَ في ذَلِكَ الطَّرِيقِ المَهيَعِ وَالبَحرِ المُتَنَوِّعِ، فَيَأخُذَ مِنَ العِبَادَاتِ مَا يُطِيقُ، وَيَكلَفَ مِنَ الطَّاعَاتِ مَا يَستَطِيعُ، وَيَجِدَّ وَيَجتَهِدَ وَيَصبِرَ وَيُصابِرَ ويُرَابِطَ، فَمَا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد أَلِفَت نَفسُهُ الخَيرَ وَاعتَادَتِ البِرَّ، فَكَسِبَ مَا لم يَكسَبْهُ المُتَكَاسِلُونَ، وَفَازَ بمَا لم يَفُزْ بِهِ المُفَرِّطُونَ،
وَأَمَّا مَا قَد يَجِدُهُ في أَوَّلِ الطَّرِيقِ أو في أَثنَائِهِ مِن أَلَمٍ أو تَعَبٍ أَو نَصَبٍ، فَسَيَذهَبُ وَلا شَكَّ وَيَنتَهِي، وَسَتَبقَى في النَّفسِ بَعدَهُ لَذَّةٌ لا تَعدِلُهَا لَذَّةٌ، في حِينِ يَشعُرُ المُفرِّطُ بِحَسرَةٍ مَا بَعدَهَا حَسرَةٌ،
وَالنَّتِيجَةُ الكُبرَى يَومَ يُبعَثُ الخَلقُ وَيَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ، فَتَجِدُ كُلُّ نَفسٍ مَا عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَرًا، وَمَا عَمِلَت مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا.
غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ عِلَّةً عَظِيمةً وَسَبَبًا كَبِيرًا مِمَّا يُثَبِّطُ العَزَائِمَ عَنِ الخَيرِ، وَيُخذَلُ بِهِ العَبدُ عَنِ الطَّاعَةِ، وَيُحَالُ بِشُؤمِهِ بَينَهُ وَبَينَ البِرِّ، ويُقَيِّدُهُ عَنِ اللَّحَاقِ بِالرَّكبِ وَيُحرَمُ بِسَبَبِهِ التَّوفِيقَ،
وَمَعَ هَذَا فَقَد لا يَتَنَبَّهُ لَهَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ في هَذَا الزَّمَانِ، ذَلِكُم هُوَ تَنَاوُلُ الحَرَامِ أَكلاً وَشُربًا وَمُشَاهَدَةً وَاستِمَاعًا، وَالتَّعَامُلُ بِهِ أَخذًا وَعَطَاءً وَبَيعًا وَشِرَاءً،
فَفِي الحِينِ الَّذِي تَجِدُ مِنَ النَّاسِ التَّسَاهُلَ بِفِعلِ المُحَرَّمَاتِ وَالوُقُوعَ المُتَكَرِّرَ في حِمَى المُشتَبَهَاتِ، تَرَاهُم يَستَنكِرُونَ أَن تَثقُلَ عَلَيهِمُ الطَّاعَاتُ وَلا تُقبِلُ نُفُوسُهُم عَلَى القُرُبَاتِ،
وَتاللهِ مَا ذَاكَ لَدَى المُؤمِنِينَ بِمُستَنكَرٍ، وَلا هُوَ لَدَى أَصحَابِ القُلُوبِ الحَيَّةِ بِمُستَغرَبٍ،
وَأَنَّى لِمَن تُحِيطُ بِهِ المُحَرَّمَاتُ مِن كُلِّ جَانِبٍ وَيَتَنَاوَلُهَا صَبَاحًا وَمَسَاءً، أَنىَّ لَهُ أَن يُهدَى لِمَا هُدِيَ إِلَيهِ عِبَادُ اللهِ الصَّالِحُونَ القَانِتُونَ، وَكَيفَ تَنبَعِثُ نَفسُهُ كَمَا انبَعَثَت نُفُوسُ الرَّاجِينَ الخَائِفِينَ؟!
لا وَاللهِ لا يَكُونُ ذَلِكَ وَهَيهَاتَ هَيهَاتَ، فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ، طَهِّرُوا نُفُوسَكُم وَبُيُوتَكُم قَبلَ دُخُولِ الشَّهرِ الكَرِيمِ، وَأَزِيلُوا مِن طَرِيقِكُم كُلَّ مَانِعٍ وَقَاطِعٍ،
تَخَلَّصُوا مِنَ المُشغِلاتِ وَالمُلهِيَاتِ، وَنَظِّفُوا أَيدِيَكُم مِمَّا لا يَحِلُّ لَكُم وَاتَّقُوا الشُّبُهَاتِ،
تُوبُوا إِلى اللهِ تَوبَةً نَصُوحًا، فَإِنَّ طَاعَةَ اللهِ – تَعَالى – شَرَفٌ كَبِيرٌ، وَالوُقُوفَ بَينَ يَدَيهِ – سُبحَانَهُ – مَنقَبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَاغتِنَامَ مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ تَوفِيقٌ كَبِيرٌ،
وَإِنَّ اللهَ لا يَهَبُ طَاعَتَهُ وَلا يَأذَنُ لأَحَدٍ بِالقُربِ مِنهُ إِلاَّ لِمَنِ أَحَبَّهُ وَرَضِيَ عَنهُ.
كَم تَرَونَ في رَمَضَانَ مِن كُلِّ عَامٍ مِن طَائِعِينَ مُقبِلِينَ، هَذَا يُكثِرُ مِنَ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ،
وَذَاكَ يَحبِسُ نَفسَهُ في المَسجِدِ لِتِلاوَةِ القُرآنِ، وَآخَرُ يُتَابِعُ أَعمَالَ الخَيرِ وَيَرعَى مَشرُوعَاتِ البِرَّ، فَيُجَهِّزُ مَوَائِدَ التَّفطِيرِ لِلصَّائِمِينَ، وَيُعِينُ الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ، وَيُسَاعِدُ الضُّعَفَاءَ وَالمُحتَاجِينَ، وَذَاكَ في أَعمَالِ دَعوَةٍ وَتَوعِيَةٍ لا تَكَادُ تَنقَطِعُ !
وَكَم تَرَونَ في المُقَابِلِ مَن لَيلُهُم سَهرٌ طَوِيلٌ فِيمَا لا يَنفَعُهُم، وَنَهَارُهُم نَومٌ عَمِيقٌ عَمَّا يُقَرِّبُهُم، وُجُوهُهُم عَابِسَةٌ، وَصُدُورُهُم ضَائِقَةٌ، وَنُفُوسُهُم بِالخَيرِ شَحِيحَةٌ، وَأَيدِيهِم عَنِ البَذلِ مُمسِكَةٌ مَقبُوضَةٌ،
فَمَنِ الَّذِي قَرَّبَ قَومًا وَهَيَّأَ لهمُ الفُرَصَ وَوَفَّقَهُم لاغتِنَامِهَا، وَخَذَلَ آخَرِينَ لِيُمضُوا شَهرَهُم بَينَ لَعِبٍ وَبَطَالَةٍ؟ إِنَّهُ اللهُ مُوَفِّقُ المُقبِلِينَ المُخبِتِينَ، وَخَاذِلُ المُعرِضِينَ المُستَنكِفِينَ، مَن تَعَامَلَ مَعَهُ قَبِلَهُ وَرَضِيَهُ، وَمَن أَعرَضَ عَنهُ رَدَّهُ ونَسِيَهُ،
قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدًى وَآتَاهُم تَقوَاهُم﴾
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم ﴾
وَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لا يَرجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَاطمَأَنُّوا بها وَالَّذِينَ هُم عَن آيَاتِنَا غَافِلُونَ. أُولَئِكَ مَأوَاهُمُ النَّارُ بما كَانُوا يَكسِبُونَ. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبُّهُم بِإِيمَانِهِم تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ. دَعوَاهُم فِيهَا سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُم فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعوَاهُم أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ ﴾.
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا ﴾.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مِن أَكبَرِ أَسبَابِ التَّوفِيقِ في الشَّهرِ الكَرِيمِ وَفي غَيرِهِ مِن مَوَاسِمِ الخَيرِ، أَن يَحرِصَ العَبدُ أَوَّلَ مَا يَحرِصُ عَلَى المُحَافَظَةِ عَلَى الفَرَائِضِ وَالابتِعَادِ عَنِ المُحَرَّمَاتِ،
وَآكَدُ مَا يَجِبُ عَلَى المُسلِمِ في رَمَضَانَ وَغَيرِهِ الصَّلَوَاتُ الخَمسُ، الَّتي أَوجَبَ اللهُ أَدَاءَهَا مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسَاجِدِ، فَمَن أَرَادَ تَوفِيقًا لِلخَيرِ في شَهرِ رَمَضَانَ،
فَلْيَقطَعْ عَلَى نَفسِهِ عَهدًا بِالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا جَمَاعَةً مِن أَوَّلِ لَيلَةٍ مِن لَيَالي رَمَضَانَ، وَلْيُحَاسِبْ نَفسَهُ في ذَلِكَ مُحَاسَبَةً دَقِيقَةً،
فَوَاللهِ إِنَّهَا لَمِيزَانٌ كَبِيرٌ وَمِقيَاسٌ دَقِيقٌ لِلفَوزِ أَوِ الخَسَارَةِ، مَن حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَن ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضيَعُ. وَبَعدَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ لَلمَرءِ عَزِيمَةٌ عَلَى الإِكثَارِ مِنَ النَّوَافِلِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَلْيَأخُذْ بِحَظِّهِ مِن صَلاةِ التَّرَوايِحِ مَعَ الجَمَاعَةِ وَلْيَحذَرِ التَّكَاسُلَ،
وَلْيَعزِمْ عَلَى خَتمِ القُرآنِ وَتَأَمُّلِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالانتِفَاعِ بِعِظَاتِهِ، وَلْيَتَذَكَّرْ أَنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ، وَأَنَّ عُمرَةً في رَمَضَانَ تَعدِلُ حَجَّةً، وَمَن فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثلُ أَجرِهِ،
(وَأَنَّ مَن عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ ﴾
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لما وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالحِينَ،
رَبَّنَا أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَينَا، وَانصُرْنَا وَلا تَنصُرْ عَلَينَا،
وَامكُرْ لَنَا وَلا تَمكُرْ عَلَينَا، وَاهدِنَا وَيَسِّرْ هُدَانَا إِلَينَا.
خطبة للشيـخ : عبدالله بن محمد البصري
جزاكـ الله خيرآ عزيزتي
وباركـ الله تعالى لكـ ..
كل الشكر لكـِ
شكرآآآ لك اختي لتواجدك هنااا
وجزاك الله كل خير لطيب ردك
دمت في حفظ الرحمن