حطــــــــمي قيـــــــــودك !!!
كلُّنا يتمنى أن يكونَ كما يحبُّ الله عز وجل ويرضى..
نعملُ للآخرة أسرعَ وأكثر من عملنا للدنيا..
نسارعُ في الخيرات.. نتسابقُ إلى الطاعات..
نحافظُ على أداء الصلوات الخمس في جماعة بالمسجد.. نستيقظُ لصلاة الفجر..
نسارعُ إلى الإنفاق في سبيل الله.. نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر..
نزهَد في الدنيا ولا نتعلقُ بشهَواتها وملذاتها.. نخشعُ في صلاتنا..
نصِلُ أرحامَنا.. نُحسن إلى جيراننا.. نصل مَن قطعنا..
نعطي مَن حرمنا.. نعفو عمن ظلمنا..
نحرِص على قراءة القرآن وتدبره بقلوبنا قبل ألسنتنا..
نترك المعاصي والسيئات.. نهجر الكذب والغيبة والنميمة
والفحش وبذاءة اللسان و..و.. إلخ.
نعم كلنا يتمنى أن يكون كذلك..
ولكننا لا نستطيع..كلنا يتمنى فعلَ أشياءَ كثيرة ولكن لا نستطيع فعلها..
كلنا يخاف من الله.. يخاف من عاقبة ذنوبه..
من الموت وسكراته.. من القبر ووحشته..
من القيامة وأهوالها.. من الوقوف بين يَدَيِ الله ومناقشة الحساب..
ولكنه خوفٌ عارض؛ يهز المشاعرَ.. ويُرسِلُ الدموعَ ثم يمضي إلى حال سبيله..
فنعودُ إلى ما كنا عليه من نومٍ وغفلة، وهذا حال الكثير منا؛ عندما
يستمع إلى موعظة أو يسير في جنازة أو يرى حادثةً أليمة أمامه..
نعترف دائمًا بتقصيرنا في حق الله..
ونشكو من قلة استعدادنا للقائه.. ومع ذلك لا يتغير سلوكُنا..
وكأنّ هناك قيودًا تَمنعُنا من الحركة..
وتَحولُ بيننا وبين فعلِ ما نريد..
في الحقيقة هناك قيود وأثقال تمنعنا من فعل ما يُرضي الله عز وجل..
قيودٌ محلها القلبُ.. فالقلب بمثابة الملِك والجوارحُ جنودُه..
فعندما يكبَّل القلبُ بالقيود والأثقال تصبح الجوارحُ عاجزة لا تستطيع الحركة..
ما طبيعة هذه القيود؟
إن هذه القيود هي:
حبُّ الدنيا، والرضى بها، ودوامُ الانشغال بملذاتها.. تَعصِف بنا أمواجُ شهواتنا وأهواؤها
( (المال.. البنون.. النساء.. الأراضي.. العقارات.. السيارات )..
كلها جواذبُ تجذب الإنسانَ إلى الأرض..
فتجعلُ قلبَه متعلقًا بالدنيا.. قال تعالى :
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) [آل عمران: 14].
لماذا التسابقُ إلى حطام الدنيا والركونُ إليها والتباغضُ والتشاحن من أجل ملذاتها وشهواتها؟
لماذا تستغرقُ الدنيا كلَّ تفكيرنا.. كل أوقاتنا.. كل سعينا؟..
لماذا تضاءل نصيبُ الآخرة أمامَ نصيبِ الدنيا؟
ألم يُحذرْنا الله -عز وجل- من حب الدنيا :
(إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ) [يونس: 7 – 8].
إنَّ مَرجِعَ ذلك كله هو جهلُنا بمعرفة حقيقة الدنيا..
هذا الجهلُ جعَلَنا نتعامل معها بطريقة خاطئة.. فبدلاً من الزهد فيها وعدمِ الركون إليها..
أحببناها وحرَصنا عليها، فجعلنا كل همِّنا في جمع حطامها الفاني..
والانشغالِ بزينتها وزخارفها الزائلة.
إذن لو عرفنا الدنيا على حقيقتها وتيقنّا أنها قصيرةٌ مهما طالت.. زائلةٌ مهما استقرت..
وأنها دار ممر وليست دار مستقر.. وأنها مليئةٌ بالأحزان والهموم والأكدار..
فالأفراحُ تلاحقها الأحزان.. والعافيةُ يُطارِدُها المرضُ..
والقوة يَتبعُها الضعفُ.. لا يجتمعُ فيها شملُ الأحبة، وإن اجتمعوا فلا بد من فراق..
إذا تيقنّا من ذلك كله.. تعامَلْنا معها تعامُلَ الغريبِ أو المسافرِ؛
كما قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام:
(كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل) [صحيح البخاري].
تعاملنا معها كما يريد الله عز وجل :
(وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) [العنكبوت: 64].
إذن.. فالدنيا حقيرة.. ضئيلة.. لا قيمة لها..
فهي كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(لو كانت الدنيا تَعدِلُ عند الله جناحَ بعوضةٍ ما سقى الكافرَ منها شربةَ ماء ).
تخيلي معي.. أن هذه الدنيا بكل ما فيها.. بشهواتِها.. وملذَّاتِها..
وزينتِها لا تُساوي عند الله جناحَ بعوضة
هل بعد ذلك كله نجعلُ الدنيا أكبرَ همنا.. تأسِرُ قلوبَنا..
تتصارعُ من أجلها.. ننشغلُ بها عن الآخرة..؟
ألم نسمع قول الله عز وجل:
(مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ) [الإسراء: 18].
إذن السبب الرئيسي لحب الدنيا هو الجهل بمعرفة حقيقتها..
أما السبب الثاني :
فهو الجهل بالآخرة وضعف اليقين فيها.. فعلى الرغم من أن الآخرةَ هي دار القرار:
( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )
[الأعلى: 17]
.. وأن الجنة والنار هما نهايةُ المطاف..
وأن الجنة فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلبِ بشَر..
وأن النار فيها من صُور العذاب ما لا يتحمله بشر..
إلا أننا نَزهَد في الجنة وفي كل ما يقرِّب إليها،
وكذلك لا نخاف من النار أو نعمل على الهرَب منها..
وهذا بلا شك ناتجٌ عن الجهل بحقيقتها..
____ يتبـــــــــــــــــــــع _____
كيف نوقن بالآخرة؟
إذا علمت أن الوظيفة الأساسية التي خلقنا الله من أجلها هي عبوديته
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )
[الذاريات: 56]
… وأن العبودية المطلوبة من العبد لربه هي خضوعه واستسلامه وانقياده التام والمطلق له في كل أمور حياته
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ )
[الأنعام: 162]
… وأن الدنيا دار امتحان واختبار
(إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )
[الكهف: 7]
، وأن هذا الامتحان يبدأ من البلوغ وحتى بلوغ الأجل..
وأن الرقابة على الامتحان يتولاها الله عز وجل بنفسه
( إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
النساء: 1]
، وأن هذا الامتحان يمكن أن ينتهي في أي وقت.. وأن الموت قادم لا محالة
(كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة )ِ
[آل عمران: 185]
، وأنه بعد الموت.. قبر.. وبعث.. وحساب.. ثم جنة أو نار..
وأن النجاة من النار والفوز العظيم هو الفوز بالجنة
( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور )ِ )
[آل عمران: 185]
.. إذا تيقنت من ذلك فستعمل جاهدًا على الفوز بالجنة،
وستبحث عن الأسباب المؤدية لذلك.
مما سبق..
علمنا أن حب الدنيا وإيثارها على الآخرة هو السبب الرئيس للقيود والسلاسل
التي تقيد قلوبنا، وأن حب الدنيا هو القفص الذي سجنا أنفسنا فيه..
وأن حب الدنيا يعوقنا عن المسارعة إلى الخيرات والتنافس في الطاعات.
آن الأوان إذن لكي نسأل..
كيف نحطم هذه القيود؟
كيف نخرج من هذا السجن؟
كيف يمكن تحرير القلب من أسر الشهوات؟
هل يمكن أن نتخلص من جواذب الأرض وشواغلها؟
كيف نحطم هذه القيود؟
علمنا مما سبق أنه لا بديل عن تحطيم القيود التي تكبلنا وتمنعنا من الانطلاق إلى الله والمسارعة إلى ما يحبه ويرضاه .. وقلنا إن هذه القيود محلها القلب.. وإن السبب الرئيس لها هو حب الدنيا.. لذلك فتحرير القلب من هذه القيود هو الهدف الذي نتطلع إليه ونتمنى تحقيقه.. ولكن كيف يمكن ذلك وحب الدنيا قد تمكن من قلوبنا؟
إن العلاج يقوم على محاور ثلاثة:
1- الخوف من الله:
إن البداية الصحيحة لتحرير القلب من قيوده لِيستطيعَ السير إلى الله تحتاج إلى يقظة لتنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين.. وهذه اليقظة لا بد لها من وجود مؤثر ضخم.. وهذا المؤثر هو الخوف من الله.. خوف يملأ القلوب.. خوف يدفع إلى العمل والانتباه.. لا خوفٌ يهز المشاعر ويرسل الدموع ثم يمضي إلى حال سبيله.. خوف مبعثه الإجلال والتعظيم والمهابة لله عز وجل.
الخوف من عاقبة المعاصي والذنوب :
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )
﴾ [الجاثية: 21].
خوف من الشعور بالتقصير في حق العبودية.. خوف من سوء الخاتمة.. من سكرات الموت وظلمة القبر.. خوف من أهوال يوم القيامة
( يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا )
[المزمل: 17].
إذا استطعنا أن نفكر بصورة مستمرة في أسباب الخوف من الله كان ذلك البداية الحقيقية لسير القلب إلى الله
(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)
﴾[النازعات: 40].
والوسائل العلمية لاستجلاب الخوف كثيرة:
منها التفكر في عظمة الله عز وجل وقدرته…. وكثرة ذكر الموت.. والاستماع إلى المواعظ والقراءة في كتب الرقائق.. وإحصاء الذنوب.. وتذكر أهوال القيامة…
_____ يتبــــــــــــــع _____
2- إصلاح القلب وتطهيره:-
علمنا مما سبق أنه إذا نجحنا في استخدام سياط الخوف من الله في إيقاظ القلب من غفلته فإن الخطوة التالية هي تطهير القلب من آفاته وتحريره من شهواته وأهوائه ورغباته..
فالقلب هو مجمع الأهواء والشهوات والمشاعر،
فهو محل الإرادة واتخاذ القرار لقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(ألا إن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسدُ كله، وإذا فسَدت فسَد الجسدُ كله، إلا وهي القلب).
فإذا أردنا أن نبحث عن سموم القلب وآفاته فسنجد أن المعاصي والذنوب هي العامل الأساسي فيها.. فالمعاصي سبب في ظلام القلب وضيق الرزق وسواد الوجه والشعور بوحشة بين العبد وربه.. وهي سبب في حرمان الطاعة والتمادي في المعصية.. وهي سبب لهوان العبد على ربه.. وهي سبب في غضب الله ومقته.. وهي سبب في ضعف السير إلى الله وإلى الدار الآخرة..
ويمكن تقسيم المعاصي إلى:
1- معاصي الجوارح:
معاصي اللسان :
(غيبة – نميمة – كذب – فحش في القول…)، معاصي العين (النظرة الحرام)، معاصي الأذن (الاستماع إلى الحرام)، معاصي اليدين والقدمين (السير إلى معصية الله).
2- معاصي القلوب:-
الكبر، الحقد والحسد، الإعجاب بالنفس والغرور، الشح، الرياء، حب المال والجاه.
إيانا والإصرار على الذنوب، ولنعلم أننا قد نحاول ترك الذنب فنقع فيه مرة أخرى، فلا نيأس ونبادر بالتوبة والاستغفار
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )
[آل عمران: 135].
3- العودة الحقيقية إلى القرآن:
مما لا شك فيه أنه بعد تطهير القلب من المعاصي والسيئات وتحريره من أسر الشهوات سنحتاج إلى شغل قلوبنا بالقرآن.
فالقرآن وسيلة لزيادة الإيمان
( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا )
[الأنفال: 2]
، وهو العلاج الناجع لأمراض القلوب ( يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) [يونس: 57]
، وهو أفضل وسيلة للتغيير والتقويم
(إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء: 9]
، فهو لو استقبلته الجبال لتصدعت ولأصبحت رمادًا من قوة تأثيره
﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [الحشر: 21]
، فالقرآن يعظم قدر الله داخل النفس… ويعرف الإنسان بحقيقة الدنيا ومداخل النفس ومصايد الشيطان، وهو كذلك يزهد في الدنيا… ويحطم داخلَنا جدارَ الخوف… الخوف على الرزق.. المستقبل.. الأولاد.. إلخ.
وخلاصة القول:-
القرآن هو الوسيلة الأكيدة لإيقاظ الفرد من غفلته وجعله في حالة دائمة من الانتباه، فيسهل عليه بعد ذلك أداءُ ما هو مطلوب منه في رحلته إلى ربه.
ولعلك تقولين :
ولكنني أقرأ القرآن وأختمه مرات ومرات، بل وأحفظ بعضه وأستمع إليه ليل نهار،
ومع ذلك لا أشعر بتغيير.. لا أجد همةً ولا روحًا تدفعني إلى الآخرة..
لا أزال أشعر بثقل القيود في قلبي.
_____ يتبــــــــــــــــــع _____
اختي الفاضلة :
إن هذا ناتج عن تعاملنا الخاطئ مع القرآن..
فنحن نتعامل معه كمصدر للأجر والثواب واستجلاب البركة فقط دون تدبر لآياته وتفكر في معاينة.. فأصبح هدفنا هو الوصول إلى نهاية السورة والتسابق في عدد الختمات أو مقدار الحفظ..
لذلك: لا بد أن نعيد النظر في تعاملنا مع القرآن..
لا بد أن نجعل الهدف الأساسي من القراءة هو التدبر والتأثر
(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) [ص: 29].
ولكي نصل إلى هذا الهدف.. يمكننا اتباع هذه الوسائل:
1- الانشغال اليومي بالقرآن والمداومة على قراءته ولكن بفهم وتدبر وليكن شعارنا في ذلك: متى أتأثر.. متى أخشع.. ولا يكن همنا الوصول إلى آخر السورة… ويمكنك الاستعانة بكتب التفسير
(تفسير ابن كثير مثلا…) وهذا يجعلنا نتعامل مع القرآن زمنًا لا قدرًا، بمعنى أن تكون القراءة لمدة ساعة يوميًّا على سبيل المثال دون التقيد بعدد معين من السور أو الأجزاء.
2- التهيئة الذهنية والقلبية… بمعنى أن يكون اللقاء مع القرآن في مكان هادئ بعيد عن الشواغل أو الضوضاء أما التهيئة القلبية فتعني تهيئة المشاعر لاستقبال القرآن،
وأفضل وسيلة لذلك تذكر الموت قبل القراءة ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )
[ق: 45].
3- سلامة النطق والقراءة الهادئة بترتيل وصوت مسموع..
فالقرآن كتاب موجز، والآية الواحدة فيها معانٍ كثيرة.
4- التجاوب مع القرآن:- بمعنى أن نتعامل مع القرآن على أنه رسالة من الله عز وجل إليك فانظر كيف ستستقبل هذه الرسالة.. فاحرص على التركيز في القراءة وعدم الانشغال.
5- ترديد الآية التي تؤثر في القلب: وهذا سيأتي إن شاء الله مع المداومة على القراءة واتباع الوسائل السابقة.
أختي الفاضلة:
أفيقي من غفلتك قبل أن ينادى عليك بالرحيل..
حطمي قيودك وحرري قلبك من أسر الدنيا فمتاعها قليل..
وتزودي بالقرآن فإن السفر طويل..
واعلمي أن لقاء الله قريب، وإنك ستقفين أمامه فيسألك عن كل صغيرة وكبيرة..
فأعدّي للسؤال جوابًا،
وللجواب صوابًا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تسلمى يا قمر على موضوعكـ القيم
بوركـ فيكـ غالتى وجزيتى الجنة
تقييم+نجـــــــــــــــــــــــــــــــوم
ودى