تطاوين
مدينة الأربعة و الستين قصرا…ضاربة في التاريخ…شامخة في السما
شامخة بشواهدها الحضارية الصامدة …هناك في أعماق الجريد التونسي… حين يحدثونك عنها أو تسمع أخبارها ترتسم في المخيلة ، معالم خاصة بها تحفظ تاريخها،و تفخر به لتصبح قبلة هامة خلال سنوات طويلة،لأنها تشهد على فترات هامة من التاريخ،تاريخ الفتح الإسلامي، و تاريخ البربر،في أواسط القرن الحادي عشر، في الحل و الترحال،داخل القصور و خارجها… التاريخ فيها يمتد إلى آلاف السنين مثلما اكتشفه المؤرخون….
أنشئت تطاوين سنة 1912 لإيواء الجيش الأجنبي ،و تحولت من قرية صغيرة إلى مدينة تجارية بها سوقان كبيران أسبوعيان،و بها حوانيت عديدة و مساكن تحت الأرض على شكل كهوف…
أقام فيها الرومان منشآت ذات صبغة دفاعية مثل الحصون،حصن «تلالت»و «رمادة» تحصنت بها عديد القبائل فبرزت حولها قرى جبلية و قلاع في قمم الجبال مثل «شنني» «الدويرات»…و شيئا فشيئا و مع الاستقرار الذي حققه الفتح الإسلامي ،أنشئت في مرحلة أولى القصور الجبلية ثم القصور السهلية،للاحتماء و التحصين ،لكنها ما لبثت أن تحولت إلى أماكن لتخزين المنتوجات الفلاحية المختلفة …
بها أكثر من 64 قصرا من مجموع حوالي 06 قصرا بالجنوب التونسي ،لكل واحد خصوصياته الفريدة و قد لعبت كلها أدوارا هامة في حياة المتساكنين من مختلف الحضارات التي تعاقبت على المنطقة على امتداد العصور..
و القصور مثلما قال عنها الدكتور محمد نجيب بوطالب هي:
«ظاهرة معمارية يتميز بها أقصى الجنوب التونسي،وهي رمز ومعلم حضاري هام يدل على عمق تاريخ المنطقة،دلت عبر القرون على مدى قدرة الإنسان على التأقلم ، وقد عرفت هذه المعالم تطورات عديدة منذ العصر القديم إلى الآن. لكن هذه المعالم ليست معزولة عن تقاليد معمارية انتشرت في منطقة المغرب العربي من الأراضي الليبية المتاخمة عبر مسالك جبال نفوسة وصولا إلى المنطقة الجنوبية من سلسلة الأطلس المغربية مرورا بجبال مطماطة التونسية ومنطقة المراب الجزائرية، وترتكز القصور في الشرق التونسي بولايتي مدنين وتطاوين إذ تجاوز عددها 051 قصرا،ويحتوي الواحد منها أكثر من 003 غرفة وتشتمل على عدة طوابق تصل إلى الخمسة. لقد لعبت القصور عبر التاريخ دورا مركزيا في حياة سكان المنطقة كمظهر من مظاهرالاستقرار ،مثلما مثلت الخيمة مظهرا من مظاهر الترحال والانتجاع .إن التعمق في وظائف القصر المتعددة كفيل بإبراز هذا التداخل الذي كان قائما بين أصناف المعيشة والقدرة على التأقلم مع مناخ شبه صحراوي. ولعل هذا التكامل بين الخيمة والقصر مثل خصوصية الحياة البدوية في المنطقة الجنوبية بما يجعلها تتميز في بعض خصائصها عن أنماط البداوة في مجتمعات أخرى. فالقصر يقوم بوظيفة تخزين المنتوجات الفلاحية المحلية ،وهذا يدل على الماضي الفلاحي التقليدي ومعاصر الزيت وبقايا مطامير الحبوب وروايات الشيوخ عنها تدل على ذلك.فالوظيفة الأساسية ليست السكنى كما يتبادر إلى الذهن بل إن القصر يمثل مخزنا جماعيا تملكه القبيلة والعشيرة,أما الغرفة فتملكها العائلات والأفراد بينما يتم السكن زمن الاستقرار حول القصر.
وللقصر وظائف أخرى ثانوية تقوى وتضعف بحسب المواسم والظروف الأمنية مثل تأمين الأنشطة التربوية والدينية والتجارية.
تتكثف الإقامة حول القصر والتواجد به مؤقتا في حالة التهديدات الأمنية وأثناء الجفاف,أما في فترات الرخاء فتتميز حياة المجتمعات بالتنقل والانتشار في الأراضي السهلة .
ويتألف القصر من أجزاء
السقيفة: وهي عبارة عن مدخل القصر، تخصص للمجلس القبلي
الصحن : الساحة الداخلية للقصر ويستخدم لحماية الحيوانات
الغرف: تمثل الغرفة الوحدة الأساسية للقصر وتستعمل للخزن ولها هندسة خاصة تراعي شروط حفظ المحاصيل الزراعية والحيوانية لمدة طويلة…..منفتح الغرف على بعضها بواسطة مدارج،أو سلسلة من الأعمدة الخشبية المغروسة في الحائط الذي يمثل الجبس المحلي أحد أهم موارده
المسجد: يقوم بوظيفتي التعبد والتعليم ومن الأجزاء المتممة بشكل يتفاوت بين قصر وآخر حسب الموقع وتاريخ القصر وحسب قوة وتعدد أفراد القبيلة.
تطاوين قبلة الزوار،يغري تاريخها العريق الضارب في القدم ،السائحين و الباحثين عن الأصالة ،و الصفاء،و الهدوء،و كل المرادفات التي ترتقي بالمكان ليقترب من الأسطورة ،من اللانهاية،مدينة القصور الصامدة أمام الزمن و تقلباته .
منقول
و تونس بلد معروفة بالجمال و الحلا
و اهلها مررررررره عسل
الله يحفظها يارب
سبحان الله