المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
السؤال:
ما مدى صحة نسبةهذا الدعاء الذي قيل إن جبريل أتى به النبي وكان من ضمن ما قاله له في سياق الترغيب فيه:-
يامحمد ما من عبد يدعو بهذا الدعاء وتكون خطاياه مثل أمواج البحر وعدد أوراق الشجر وقطر الأمطار وبوزن السموات والأراضين إلا غفر الله له ذلك.
يا محمد هذا الدعاء مكتوب حول العرش ومكتوب على حيطان الجنة وأبوابها وجميع ما فيها، يا محمد أنزل الوحي ببركة هذا الدعاء وأصعد به …
وأول هذا الدعاء الطويل هو : لا إله إلاَّ الله الملك الحق المبين لا إله إلا الله العدل اليقين لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين سبحانك إني كنت من الظالمين…..إلى آخره
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الدعاء الطويل لم نقف عليه في شيء من كتب السنة، وما فيه من الركاكة والمبالغة والخطأ دليل واضح على أنه حديث مكذوب مخترع.
وأعظم ما فيه الجرأة على الله تعالى، والإخبار بأنه دعاء مكتوب حول العرش وعلى حيطان الجنة وأبوابها وجميع ما فيها، وأن جبريل ينزل ببركته وبه تفتح أبواب الجنة.
وهذا كذب ظاهر، وافتراء على الله عز وجل، ومافيه من الأدعية المتفرقة لا تصلح للجنة، ولا يناسب ذكرها فيها قطعاً. ومما اشتمل عليه من الباطل:
1- قوله: اللهم إني أسألك بمحمد وإبراهيم وموسى إلخ ،
ومنه قوله: أغننا بجاه محمد فهذا توسل مبتدع لم يثبت عن النبي ولا عن أحد من الصحابة، فضلاً عن أن يكون مكتوباً حول العرش أو على أبواب الجنة وكل ما فيها.
ولم يكتف هذا المخترع بالتوسل بذوات الأنبياء، بل تعدى ذلك إلى التوسل بكل حي وسائل وغني وخالي!!!
2- قوله: وأسألك بمقاعد العز من عرشك، وهذا مختلف في الدعاء به قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول: بمعاقد العز من عرشك وبحق خلقك .
ويقال: مقاعد العز، قال في الهداية: ولا ريب في كراهية الثانية لأنه من العقود، وكذا الأولى.
3- قوله: و عزرائيل، ولم يثبت تسمية ملك الموت بعزرائيل في شيء من الأحاديث الصحيحة
4- ما فيه من سوء الأدب مع الله ، كقوله: أنت الحليم فلا تعجل وأنت الجواد فلا تبخل، سواء كانت (لا) ناهية يراد بها السؤال هنا، أو كانت نافية، على جهة الإخبار عن الله بذلك، فإن نهج القرآن الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات، وليس من الأدب أن يقال عن الله تعالى: إنه لا يعجل ولا يبخل ولا يذل ولا يرام ولا يضام ولا ولا… إلى آخره من النقائص المنفية، بل يقال:هو القدوس السلام الحليم الكريم العزيز سبحانه وتعالى.
5- ما فيه من سوء الأدب مع الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، والزعم أنه نسي القرآن مراراً كثيرة، وهذا مما لا يصح نسبته إلى هذا الصحابي الكبير بهذا الدعاء المخترع.
والحاصل أن هذا الدعاء ملفق من مجموع أدعية ثابتة وأخرى مخترعة لا حرج في الدعاء بها، وفيه ما هو مشتمل على محذور كما سبق، ومنه ما هو ثناء يستعمله المؤلفون في كتب العقائد وغيرها.
فالحذر الحذر من نسبة ذلك إلى النبي أو جبريل عليه السلام، أو التصديق بما فيه من الوعود والأماني والأعطيات المبالغ فيها .
ونسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شر هؤلاء الكذابين الأفاكين الذين يصرفون الناس عما هو ثابت من الأدعية والأذكار إلى ماهو محدث مخترع، ينسبونه إلى الله كذباً وزوراً .
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
من الملحوظات على هذا الدعاء :
1 – قوله : ( قال لي جبريل : يا محمد ، من قرأ هذا الدعاء بإخلاص قلب ونية على جبل لزال من موضعه أو على قبر لا يعذب الله تعالى ذلك الميت في قبره ولو كانت ذنوبه بالغة ما بلغت )
وهذا لا يُمكن أن يكون ؛ لأنه يتنافى مع قضاء الله وقدره الشرعي والكوني .2
2– تسمية ملك الموت عزرائيل ، وهذا لم يثبت عن النبي .
بل إن الله سماه ( ملك الموت ) .
3 – السؤال بالأنبياء والكتب السماوية : ( اللهم إني أسألك بمحمد نبيك ، وإبراهيم خليلك ، وموسى كليمك ، وعيسى نجيك وروحك ، وبتوراة موسي ، وإنجيل عيسي ، وزبور داود ، وفرقان محمد ( ) ، وبكل حي أوحيته )
4 – السؤال بالقضاء وبالمخلوقين : ( أو قضاء قضيته ، أو سائل أعطيته ، أو غني أغنيته ، أو ضال هديته ، أسألك باسمك الطهر الطاهر الأحد الصمد المتر ) .
ولا أدري ما المقصود بـ ( المتر ) فهي هكذا وردت في المنشور !
5 – السؤال بجاه النبي ، وهذا من الأدعية البدعية .
( يا غياث المستغيثين أغثنا بجاه محمد ( يا خير الراحمين يا رحمن يا رحيم ا إله إلا أنت بجاه محمد ( ) ارزقنا. فإنك خير الرازقين لا إله إلا أنت بجاه محمد ( ) استرنا. يا خير الساترين لا إله إلا أنت بجاه محمد ( ) أيقظنا. يا خير من أيقظ الغافلين لا إله إلا أنت بجاه محمد ( ) أصلحنا ) .
فلا يجوز السؤال بجاه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولا بحقّ السائلين .
وإنما يُدعى رب العزة سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وبصفاته العُلى ، ويُتوسّل إليه بالأعمال الصالحة .
6 – قوله في آخره في وصف النبي : ( وكاشف الغمة ) ، وهذا إطراء وغلو لا يرضاه عليه الصلاة والسلام .
فقد قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله . رواه البخاري .
والإطراء هو لمدح بالباطل ، بأن يُضاف على الممدوح بعض صفات الله عز وجل .
مع أن هذا الدعاء بطوله يُنسي الداعي أنه يدعو ، فهو لن يُحفظ بل سوف يُقرأ قراءة .
مع ما فيه من ملحوظات ومبالغات .
فليحذر من ينقل هذا الدعاء أو من يُرسله عبر البريد أو من يُنشئ له صفحات خاصة على الشبكة أن يكون ممن كذب على رسول الله بنسبته هذا الدعاء إليه .
وقد قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ حدّث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبَيْن . رواه مسلم في المقدمة .
وضُبطت ( يَرى ) و ( يُرى )
و (الكاذِبَيْن ) و ( الكاذِبِين )
وتواتر عنه أنه قال : من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار .
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
كتبه /عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
منقول من صيد الفوائد
ادام الله عليك و زادك من علمه و فضله
فطرحك قيم و مفيد
جزاك الله عنا خيرا
و جعله فى ميزان حسناتكم
و شاهدا لكم لا عليكم
ارق تحياتى
جزاك الله خيرا
دمتي بوود