أجرى فريق بحثي من علماء "الكلية الملكية" في لندن دراسة جديدة حول تأثير الألوان على جسم الإنسان، أظهرت أن لبعض الألوان قدرة علاجية حقيقية نظرا لارتباطها بغدد معينة في الجسم، وأن هناك مراكز محددة داخل أجسامنا تتأثر بألوان الطيف السبعة المعروفة، بحيث يمكن استخدامها في علاج بعض الأعراض النفسية والعضوية معا.
و"العلاج بالألوان" وسيلة علاجية قديمة يرجع تاريخها لأكثر من 2500 عام، ويعتقد أن المصريين القدماء أول من استعمل "طاقة الألوان" في العلاج، كما انتشرت هذه الوسيلة عند الإغريق، ومن أبرز من استخدم الألوان في علاج المرضى عالم الرياضيات الشهير "فيثاغورث".
وفي العصر الحديث يرجع الفضل للدنماركي "نيلز فينسن" في استخدام الألوان كوسيلة علاجية؛ حيث اكتشف "فينسن" أن طاقة الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن ضوء الشمس لها تأثير قاتل للبكتريا، مما دفعه إلى استخدام الضوء كوسيلة علاجية.
وأثبت العلم الحديث أن الألوان تزود الجسم بالطاقة التي تعمل بدورها على "تصحيح" الاضطرابات الشعورية أو النفسية، بما فيها السلوك السيكوباتي (الذي يصنف بالميول العدوانية وعدم نضوج العاطفة إلى حد بعيد.
الطب البشري
اللون الأبيض كما هو معروف سبعة ألوان هي:
البنفسجي والنيلي والأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر، وهذه الألوان السبعة تشتمل على ثلاثة ألوان رئيسية هي الأحمر والأخضر والأزرق، ومنها تتشكل باقي الألوان بالمزج بين هذه الألوان الثلاثة الرئيسية، وأظهرت الأبحاث أن كل لون من مشتقات اللون الأبيض يحتوي على مجموعة مواد كيميائية ومعادن معينة، وتم تقسيم هذه العناصر بحسب كل لون:
عناصر اللون الأحمر: النيتروجين- الاوكسجين- الباريوم- الزنك- الكادميوم.
عناصر البرتقالي: الكالسيوم- الحديد- النيكل- الروبيديوم- الكوبالت.
عناصر الأصفر: الكربون- النحاس- الباديوم- الكالسيوم.
عناصر الأزرق: الألمونيوم- المنجنيز- الماغنيسوم- النيكل.
عناصر الأخضر: الروبيديوم- التيتانيوم.
وهذه العناصر هي في الواقع أهم مكونات جسم الإنسان، والضوء بألوانه السبعة موجات "كهرومغناطيسية" لها ترددات مختلفة تنتشر بها خلال الوسط المحيط بها.
أما عن علاقة هذه الألوان بأجسامنا فقد أكد علماء "الطب البديل" أن للألوان علاقة وطيدة، بمراكز معينة داخل جسم الإنسان تسمى "تشاكرا"، وهي مراكز غير ملموسة ولكنها متخيلة، وظيفتها تجميع الطاقة، وهي 7 مراكز كل منها يمثل غدة معينة داخل جسم الإنسان، ويتأثر كل مركز من هذه المراكز بلون من ألوان الطيف السبعة، وظيفة هذه المراكز المتخيلة لا تقتصر على كونها متصلة بغدة أو عنصر معين في الجسم، بل يمتد تأثيرها إلى الجانب الشعوري أو الروحاني.
ولأن لكل لون طاقة وبالتالي تأثير معين، فإن مفهوم "العلاج بالألوان" يعتمد في الأساس على تزويد الجسم بما يحتاجه من طاقة هذا اللون، وذلك عن طريق تلك المراكز التي تتأثر بالألوان، مما يحقق حالة من "التوازن الداخلي" في الجسم.
الألوان الناقصة
ثبت أن للألوان تأثيرا ملحوظا وفعالا على مصادر الطاقة في جسم الإنسان، فمثلا اللون الأحمر له تأثير محفز ومثير بينما اللون الأزرق مهدئ وملطف، أما البرتقالي فهو فاتح الشهية، وبالتالي فتأثير الألوان العلاجي هو في الواقع تأثير عضوي وشعوري في الوقت نفسه.
وفي الطب التقليدي لا توجد فحوص خاصة لتشخيص "نقص" لون معين داخل الجسم، وبالتالي فالعلاج بالألوان ليس له قواعد محددة في هذا الطب التقليدي، أما "الطب البديل" فيؤكد أن نقص لون معين في جسم الإنسان يؤدي إلى اضطرابات داخل الجسم، وإلى ظهور "أعراض سلبية" على الإنسان، قد تؤثر في العلاقات الأسرية أو الاجتماعية، نظرا لتأثيرها المباشر في الحالة الشعورية للإنسان، وقد يمتد هذا التأثير إلى القدرة الجنسية؛ وبالتالي فإن تزويد الجسم "باللون الناقص" الذي يحتاجه يساعد في علاج هذه الاضطرابات، وإلى اختفاء هذه الأعراض السلبية فورا!
أما عن كيفية تزويد الجسم بتلك "الألوان الناقصة" التي يحتاجها، فإن ذلك يتم عن طريق ممارسة بعض وسائل الطب البديل، مثل "اليوجا" و"التصور"و"التأمل" ولكل منها أسلوب مختلف.
"اليوجا": هي واحدة من الرياضات الروحانية في مجال "الطب البديل" والتي تتيح لمن يمارسها فرصة كبيرة للتأمل، ويكتسب الشخص من خلال ممارسته لرياضة "اليوجا" مهارات عديدة منها السيطرة على النفس والعقل، وذلك من خلال التركيز الذهني على شيء معين، وممارسة اليوجا تتطلب الجلوس في وضع مستقيم مع تركيز النظر لهدف محدد وهو اللون الناقص من الجسم، كما يراعى الالتزام بطريقة التنفس المنتظم والعميق، واختيار المكان الهادئ.
"التصور": والمقصود به هو تخيل الإنسان أنه موجود في مكان ممتلئ بطاقة اللون الذي يحتاجه جسمه، والتي يتم العلاج بها، وهي قدرة غير عادية بطبيعة الحال.
التأمل: هو التعمق في التصور، وعند حدوث هذا التعمق يسري الاسترخاء في أنحاء الجسم، وهذا النوع من التمارين الذهنية له تأثير فعال في طرد الإحساس بالإحباط والحزن والسلبية ليحل محلها التفاؤل والأمل.
وحتى يتم "العلاج بالألوان" بصورة صحيحة وسريعة يجب أن يتوافر اللون المستخدم في عملية العلاج في غذاء الشخص اليومي، مع الأخذ في الاعتبار القيمة الغذائية لهذا الغذاء والتي لا يمكن إهمالها، ومن أمثلة الأغذية المحتوية على اللون الواحد: البنجر والطماطم والبطيخ، وكلها يتوافر بها اللون الأحمر، أما اللون البرتقالي فنجده في الجزر والبرتقال والمانجو، فيما يحتوي التوت والعنب على اللون البنفسجي.
الحالة المزاجية
يقول الدكتور "محمد المهدي" أستاذ الطب النفسي عن الألوان واستخدامها في مجال الطب النفسي: "في الطب التقليدي لا يوجد مقياس ثابت ومحدد عن علاقة الألوان بالعلاج النفسي؛ فتأثير الألوان يختلف من حالة إلى أخرى، إلا أنه لا يمكن إهمال دور الألوان الفعال في التأثير على نفسية الإنسان وتغيير حالته المزاجية، بشكل لافت".
وحول اختلاف رؤية الأشخاص للألوان يقول د. المهدي: "هناك بعض الأشخاص يرون اللون الأبيض على أنه لونا مريحا ومهدئا، فيما يراه البعض الأخر لونا ليس له معنى، وبالتالي فمن الصعب وضع قواعد نفسية مؤكدة "للعلاج بالألوان".
ولكن هناك خطوطا عامة وأساسية مأخوذ بها وهي أن بعض الألوان لها تأثير شبه متساو في معظم الأشخاص، فمثلا الأحمر والأسود والبنفسجي ألوان تثير التوتر، وتبعث على الإثارة، وبالتالي هي ألوان محظورة تقريبا داخل مستشفيات الصحة النفسية، ويفضل استخدام الألوان التي تبعث على الهدوء والاسترخاء مثل النيلي أو الأخضر الفاتح. وفي الأماكن الحكومية المزدحمة يجب استعمال الألوان البعثة على البهجة مثل الأخضر، للتخفيف من حدة التوتر الناتج عن الازدحام، كذلك في أماكن الملاهي والأماكن المفتوحة نجد أن الألوان الشائعة من الألوان المثيرة للنشاط، مثل الأصفر الفاقع وهكذا.
وقديما كانت الألوان الهادئة والمتجانسة هي الأكثر شيوعا داخل البيوت، مما يعطي إحساس بالملل والفتور مع مرور الوقت، أما حديثا فقد أكد اختصاصيو الصحة النفسية على ضرورة أن تتنوع الألوان داخل البيت وحتى الغرفة الواحدة، فلا يجب أن يغلب عليها لون معين لأنه مع الوقت قد يسبب الإحساس بالاكتئاب، وكثرة الألوان وتنوعها بين الهادئة والمثيرة داخل البيت الواحد يعطي إحساسا بالبهجة والتفاؤل.
ومن الممكن تقسيم الألوان داخل المنزل بحسب المكان، فيستخدم اللون الأحمر في المدخل ليعطي إحساسا بالحيوية، إما في حجرة المعيشة فاللون الأزرق يعطي الإحساس بالدفء والترابط، وفي مكان تناول الطعام ينبغي وجود مساحات من اللون البرتقالي تحفز الشهية، أما في حجرة النوم فيستخدم الأخضر الفاتح للمساعدة على الاسترخاء والخلود للنوم.
منقول
اتمنى ان الموضوع يعجبكم