الشجار الزوجي كيف يفهمه الأبناء ؟! -لحياة سعيدة 2024.

كيف يفهمه الأبناء ؟!

يحدث كثيراً أن يتشاجر الزوجان لأسباب مختلفة، تفرضها طبيعة التباين في الاتجاهات، والانفعالات، والميول، والقدرة على التفاعل مع الواقع، ويحدث أن يكون هذا الشجار صامتاً، كما يمكن أن يكون مسموعاً ممن هم أقرب مكاناً وأكثر حاجة إلى الوفاق والتفاهم والانسجام بين الأم والأب تحت هذا السقف المرفوع بقوة الترابط بينهما، إنهم الأبناء، الفئة الأكثر إصغاءً، والأقوى تأثراً بما يدور بين الزوجين، ولا يمكن إهمال الفضول الذي ينتاب الأبناء والتساؤلات العميقة التي تتملكهم في هذه الحالة.

بينما يتعامل بعض الآباء والأمهات مع الأطفال كجمادات لا تعي ما يدور حولها، تؤكد الدراسات على أن الأطفال من أكثر المخلوقات حساسية، وأكثرها استشعاراً لما يدور حولها، كونهم يتمتعون بحواس نقية وأحاسيس فطرية لم تلوثها النوايا والردود الانفعالية المزدوجة بهشاشة الاستيعاب والعجز عن الفهم ، وعدم القدرة على التعبير ، وانتقاء المواقف المحايدة، ومن الضروري أن لا ندفع بالطفل إلى اتخاذ مواقف عدائية تجاه أحد الأبوين، وهذا تحديداً ما يحدث حين يكون الشجار مسموعاً ومرئياً وعلى درجة عالية من الحدة التي يقع على إثرها أحد الزوجين بين فكي الآخر لفظياً ومعنوياً، وربما جسدياً أيضاً .

حيرة وتوهان

تتملك الطفل حالة من الحيرة وتوهان المشاعر ، ويحدث لديه ارتباك في مستوى تقبل الواقع، ومن هنا تحديداً يبدأ حدوث حالات الاضطراب السلوكي، وترتفع نسبة المصابين بالاكتئاب بينهم، ولكي نتجنب حدوث مثل هذه المضاعفات المترتبة على شجار الزوجين يجب علينا مراعاة الآتي :

1ـ احترام وجود الطفل، ومراعاة سنه التي لا تسمح له بتوضيح المواقف وردود الأفعال.

2ـ عدم إغفال تساؤله في حال كانت له رغبة في فهم ما يدور بين الوالدين .

3ـ تجنب كبت مشاعره إذا أراد التعبير عما يحدث أمامه من شجار، كأن يتخذ البكاء أو الانطواء طريقة للتعبير عن تلك المشاعر، والحل يكمن في التوقف عن توبيخه والصراخ في وجهه، لأن هذا يقوده للدخول في دوامة نفسية سيئة للغاية .

حلول مُمكنة !!

والآن ـ وكما أسلفنا ـ فإن منزلاً ما لا يخلو من حدوث نقاش حاد ، أو شجار زوجي محتدم بين الزوجين ، كما أنه لا يوجد أطفال بمنأى عن تلك الخلافات، خاصة حين نأخذ بعين الاعتبار البنية التحتية لمنزل الأسرة ( صغر حجم المنزل)، وعدم الحصول على الوعي الكافي من قبل الأبوين أثناء فترة التنشئة على تجنيب الطفل مثل هذه الاختناقات، والحل يكمن في :

1ـ إشعار الطفل – بطريقة أو بأخرى- أن هذه الشجارات مؤقتة وغير دائمة، وتشبه تماماً شجار الأصدقاء في المدرسة والنادي والحارة ، وهكذا نكون قد خفّفنا كثيراً من خوف الطفل الدائم من تجدد هذه الشجارات واستمرارها.

2ـ ينبغي أن يدرك الطفل ـ عن طريق التوضيح ـ جزءا من سبب الخلافات بين الوالدين، لأنه إن لم يدركها بطريقة مبسطة وواضحة سيحاول البحث عنها بطريقة غير لائقة فيما بعد .

3ـ عند شرح سبب الخلاف يجب إظهار الجزء السهل من الموضوع، والذي يستطيع الطفل إدراكه بسهولة، وهذا بالطبع سيرفع من معنوياته، ويمنحه الثقة في الحصول على الاستشارة العائلية التي تمنح وجوده وزناً ومعنى .

4ـ العنف، والتأنيب، وغلق أبواب النقاش أمام براءة الفضول الذي يميز سنوات الطفولة، هذا كله يؤدي إلى ظهور اضطرابات سلوكية سيئة، قد يصعب علاجها فيما بعد، مع العلم أن هذه الاضطرابات تنشأ بشكل تراكمي إذا لم يتم السيطرة عليها أولاً بأول .

مراعاة .. لابد منها

• هناك أمور يجب أن يراعيها الأبوان أثناء حدوث خلافات زوجية بينهما مثل:

1ـ تحجيم عامل المكان : كأن يتم إغلاق باب الحجرة التي يجلس فيها الزوجان أثناء حديثهما المتوتر ، مع العلم أن ذلك قد يمنحهما فرصة قوية لفض النزاع بطريقة رومانسية قد لا يمكن التوصل إليها لو استمر الشجار أمام الأبناء .

2ـ تحجيم عامل الزمن : بأن يكون أحد الزوجين ذكياً بما يكفي للسيطرة على الوقت، والوصول إلى نتائج وحلول سريعة دون الدخول في تفاصيل حدثت في الماضي قد تؤجج الخلاف وتوسع دائرته .

3ـ عدم اللجوء لرفع الصوت: لأن هذا سيؤدي إلى اضطرار الطرف الآخر للصراخ أكثر، لأنه يظن أن الآخر لن يفهمه إلا بهذه الطريقة !

4ـ إيمان الزوجين بإيجابية الخلاف : فكما اجتمعا بحب ، عليهما أن يختلفا بحب أيضاً ، وليدركا أن من المستحيل أن يصبح أعداء النهار أحباباً في الليل .

منقول