السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
دبت الحماسة في قلبي عندما رأيت وسام التميز ، ودفعتني إلى كتابة هذه القصة قبل أن أغيب عن المنتدى مع بداية شعبان …
حسنا والآن مع القصة
(( الروح الجميلة ))
وقف الأمير إدوارد على شرفة قصره .. ناظرا إلى مدينته الصغيرة بعينيه السماويتين قائلا إلى والده الذي كان بجانبه :
– آهٍ يا والدي لكم أتمنى أن يسود الأمن والأمان هذه البلاد … وقبل ذلك أتمنى أن يغلفها العدل بغلافه الدافئ .
فقال له والده :
– هي مدينتك يا بني … تستطيع أن تجعلها كذلك ، فإذا ما تفقدت أحوال الرعية دائما سينصهر حبك في قلوبهم … وإذا ما أحبك الشعب ، فستصبح المدينة كالعروس مزهوة بفستان الحب الأبدي الذي لن يبلى .
وما إن أكمل الوالد كلامه حتى سمع كلاهما صوت صراخ الأرض نتيجة ضرب حوافر الفرس عليها ضربا عنيفا … ثم يسمعان صوت جون وهو يقول مناديا
– سيدي الأمير … سيدي الأميييير
الأمير : ما الأمر جون ؟؟!
جون : هناك بعض الجلبة في حي ( إيڤ )
الأمير : ولماذا ؟!!
جون : يقولون أنها بسبب أسرة فقيرة لم تسدد إيجار المنزل .
الأمير : حسنا أنا قادم .
الوالد : لا داعي لأن تذهب يا إدوارد … فقط أرسل النقوذ مع جون .
الأمير : كلا يا أبي …. أليستْ هذه فرصة ذهبية لأصل إلى قلب شعبي..!
وانطلق بعدها إدوارد وجون كل منهما على فرسه .
في تلك الأثناء كانت صاحبة الروح الجميلة ( ساندرا ) تسير هي وصديقتها ( مارشا ) في شوارع المدينة كعادتهما بعد أن يرجعا من السوق .
كانت ساندرا على عكس مارشا تماما … جريئة … قوية … تقول الحق ولو كلفها ذلك حياتها فقد كانت دقات قلبها تنبض قائلة :
( الحق سينتصر عاجلا أم آجلا )
وفي أثناء سيرهما وحديثهما سمعا كلتاهما … صوت امرأة طاعنة في السن تكاد تخنقها العبرات … فهرولا بسرعة نحو الصوت ، فوجدا المرأة وبجانبها رجل ثري يكاد الغضب يمزق أوداجه ، يجر بيده صبيا لم يتجاوز الحادية عشرة وهو يقول بصوت عال ٍ :
– سآخذه عوضا عن مبلغ المال .
في حين ماتقول العجوز والغيث يهطل من سماء عينيها الذابلتين :
– ليس لي أحد سواه ، أرجوك يا سيدي اترك حفيدي وأنسي الوحيد .
الرجل الثري : لن أفعل .. ولتكوني عبرة لكل من يتأخر في تسديد المال الذي عليه .
تركض العجوز ببطئ ممسكة بكفيها يد الرجل الثري قائلة برجاء و ضعف:
– أرجوك لا تأخذه فلا حياة لي بعده .
ولكنه يدفعها بقوة إلى الوراء فتسقط باكية .
وفي حين ماتحركت حوافر فرس أبلق … في حين ما تحركت شفاه ساندرا قائلة :
– ألم تحرك عبراتها .. الرحمة في قلبك !!
عندئذ نظر إليها الرجل بتعال ثم قال :
– ومن أنتِ ؟!
ساندرا : أنا فتاة تحركت الرحمة في .
فانفجر الرجل ضاحكا بسخرية :
– وهل تظنين أن تلك الرحمة .. تكفي لإطلاق سراحه ..( يقصد الصبي )
فأجابته ساندرا بكل ثقة :
– بالطبع لا ، ولكنها لربما تكفي لإطلاق سراح الرحمة المقيدة في قلبك .. بقيود القسوة والطمع الهالك .
فصرخ الرجل :
– اصمتي فلا شأن لك .
وأخذ بعدها بالتحرك نحو عربته … فقالت ساندرا :
– وماذا عن ضميرك يا سيدي … ألا تسمع لهمساته الطاهرة ؟! … أم أنه يحتاج إلى إنعاش هو الآخر ؟!!
ويستمر الرجل بالتقدم نحو عربته و.. تستمر هي بالتحدث :
– إن حكمت على الرحمة التي في قلبك بالسجن المؤبد … وإن تركت ضميرك هكذا من دون صعق كهربائي … فاعلم أنك مت كإنسان … فإما أن تكون مجرد شبح ظالم … وإما أن تكون أدنى من البهائم .
فثار الرجل وخطى بخطى هائجة نحوها ثم رفع يده ليصفعها … ولكن تشل يده
حين يتخلل إلى مسامعه صوت الأمير :
– لاتفعل سيد دان .
ينظر السيد دان إلى الأمير قائلا بارتباك ملحوظ ودهشة عارمة :
– سيدي إدوارد …!!!
وتنظر ساندرا هي الأخرى نحوه لترى شابا في مقتبل العمر تعلوه وضاءة الشباب … يمتطي فرسا أبلقا … حديث السن هو الآخر .
في حين مايقول إدوارد :
– أنا سأعطيك مبلغ المال التي لم تسدده السيدة .
السيد دان : حسنا شكرا لك سيدي .
ومضى بعدها مغادرا في حين ما اقترب الفرس الأبلق من ساندرا وتحركت شفاه إدوارد سائلة :
– هل تقرب السيدة لك ؟
ساندرا : أبدا عدا أخوة الإسلام .
الأمير : أما كنت تخافين منه ؟
ساندرا : ربما خفت قليلا ولكني لم أستطع السكوت .
وبعد أن أطرق إدوارد رأسه قليلا … رفعه مجددا وسألها :
– من أنت ؟!!
فقالت ساندرا :
– ساندرا شادريك .
فيمد إدوارد يده لها مصافحا و هو يقول :
– يسرني التعرف عليك. آنستي فلديك روح قلما توجد .
فابتسمت ساندرا مردفة :
– هي أرواحنا يا سيدي نستطيع أن نجعلها كما نشاء… فإن أطربنا مسامعنا بكلام الخير … واستنشقنا من نفس نسمات الغير. … وجعلنا قلوبنا كأفئدة الطير … فأنعم بها من ارواح .. وأنعم به من سير .
فافتر ثغر الأمير باسما ثم صعد على فرسه وقال ل ساندرا :
– هل لي بأن أعرف أمنيتك ؟
قصتك رائعة
ابدع قلمك كعادتك
فى تميز دائما ان شاء الله
تم التقييم لعيون قلمك
دمت رائعة بنت اليمن الغالي على قلبي
تقبلي مروري المتواضع
وامضائي الرقيق
احترامي عبير بابل
– أتمنى أن لا يطالب أحد الفقراء بدفع الإيجار … أتمنى أن لا أرى دمعة تهراق على خد أحد من الفقراء ، لتلتهمها بعد ذلك شفاههم المرتعشة من شدة البكاء .
وتتسع عينا الأمير إلى آخرهما كأنهما بحر ممتد حين تكمل ساندرا :
– أتمنى أن يهتم الأمير بشعبه .
ثم ترفع رأسها ناظرة إليه و هو غارق في بحر صمته … ثوان … وتقول :
– ما الأمر سيدي ؟!!
فكأنما ينتشله سؤالها من دوامة الصمت التي كان فيها ليعيده إلى الواقع فيقول بعد أن ظهرت عليه بعض قطرات العرق الباردة على جبينه المضيئ :
– لم لا تذهبي لتطرحي شكواكِ للأمير ؟
ساندرا : أوَ تظن أني سأجد عنده آذانا صاغية ؟!!
الأمير : لا تسيئي الظن به فأنتِ لم تريه حتى مرة واحدة !
فنظرت ساندرا نحوه باستغراب :
– كيف تعرف أني لم أرَ الأمير أبدا ؟!!!
فارتبك الأمير داخليا فيما حافظ على ثباته الخارجي وهو يقول في نفسه ( يالَ سذاجتي )… ثم قال لها :
– فقط مجرد إحساس ليس إلا .
ثم قال على عجل :
– لقد تأخرت … إلى اللقاء آنستي .
فلوحت ساندرا بيدها له مودعة .
وما إن غاب الفرس عن عينيها حتى هرولت مارشا نحوها مسرعة تقول وهي تلهث :
– أهنئك على سذاجتك التي ليس لها مثيل …! ( ثم أمسكت على قلبها متابعة ) آه كم أنت حمقاء عزيزتي ..!!
فقطبت ساندرا حاجبيها قائلة :
– ما بالك مارشا ، أكل هذا فقط لأنني صرخت في وجه أحد من النبلاء !!!
فقهقهت مارشا ضاحكة :
– كلا يا عزيزتي … كل هذا لأنك إلى الآن لم تعرفي أنك كنت قبل دقائق تتحدثين مع الأمير وجها لوجه .
وصعقت المفاجأة ساندرا لتصرخ عاليا :
– ماذاااا ….. !!!!!!!!!
في حين ما كان الأمير على فرسه الغمر يستقبل نسمات الهواء الباردة بابتسامته المشرقة وهو يهمس محدثا كيانه :
– مدينة تحتضن روحا كروح ساندرا .. يشرفني أن أكون أميرها .
**************
وفي صباح اليوم التالي ….. قرعات مخيفة على باب يكاد يهوي تارة من شدة تهالكه وقدمه وتارة من شدة تلك الطرقات العنيفة ، يركض إيان أخ ساندرا الصغير وقلبه يخفق خوفا و وجلا ويفتح الباب وهو يحك عيناه اللتان للتو أفاقتا من النوم ليتفاجأ برجل عملاق يقف بجانب الباب يرتدي زي الحرس وبجانبه رجل آخر ، فيفغر فاه ناظرا لهما دونما حراك … فيقول له الحارس بغضب :
– أين ساندرا شادريك ؟
فيركض إيان مسرعا إلى الداخل و هو يصرخ :
– اسيقظووووا …. ساندرا … أمي …. أبي
فقالت ساندرا بعد أن أفاقوا جميعا :
– ما الأمر إيان ؟! … ألا زلت كما أنت أحمقا !!
إيان : حسنا ماذا عنك يا ساندرا … حرس الأمير في انتظارك عند باب المنزل ..!!!
فانتفضت ساندرا فزعة ثم ذهبت تنظر لهما خلسة ثم قالت بصوت عالٍ :
– إنتظرا قليلا … سأمشط شعري … وأنظف وجهي و فمي .
فابتسم الحارسان لبعضهما ثم أعادا قناع الغضب على وجههما مرة أخرى ، في حين ما قال إيان ل ساندرا :
– ساندرا ….!
ساندرا : نعم
إيان : هل علمتِ اليوم من أين تعلمتُ الحماقة ؟!!
وتمتلأ الغرفة بعدها بضحكات الجميع ساعدتهم الحيطان بترديد الضحكات عبر الصدى .
وقفت ساندرا أمام الحارسين وقالت :
– ما الأمر ماذا هناك ؟!
فقال الحارس غاضبا :
– جئنا للقبض عليك ِ .
ساندرا : بتهمة …؟!
الحارس : بتهمة روح جميلة تسكنك ِ … ( وتتعدل ملامح وجه الحارس حينها )
فتنظر ساندرا له متعجبة ثم تنظر إلى والديها ثم تقول :
– أوَ هذه تهمة …!!؟
فيبتسم الحارسان ثم يقول أحدهما :
– كلا … في الحقيقة لقد أرسلنا الأمير لأنه يود مكافئتك على جمال روحك ، ولكنه طلب منا أن نفزعك قليلا في بادئ الأمر .
فابتسم الجميع باطمئنان ثم قالت ساندرا :
– سامح الله الأمير فقد أيقظني من حلم جميل ..
ليقول الحارس بعدها :
– ألا ترغبين بمعرفة المكافئة ؟
ساندرا بشغف : بلى
الحارس : حسنا إنها تحقيق أمنيتك .
فأشرقت عينا ساندرا فيما تهلل ثغرها مبتسما :
– أحقا … ماتقوله !!!
فبسط الحارس ورقة نحوها مكتوب فيها بخط الأمير :
– يسرنا تعاونك معنا آنسة ساندرا ، وذلك بكتابة أسماء الأسر الفقيرة هنا حتى نبدأ بمشروع …( تحقيق أمنية أجمل روح في البلدة ).
لتنظر بعدها ساندرا إلى إمضاء الأمير أسفل الورقة … فتأخذ الورقة وتضمها إلى قلبها قائلة :
حمدا لك يا ربي .
في حين مايشد إيان طرف كوم ساندرا سائلا إياها باستغراب :
– أهذه أمنيتك يا ساندرا …!!!… ورقة فقط …!!!
ثم أرخى جفنيه حزينا :
– أتمنى أن لا تصل حماقتي إلى هذه الدرجة في يوم من الأيام ..!
ودوت ضحكة ساندرا بعدها عاليا .
شكرا لكن غالياتي ، ودمتن بصحة وعافية .
تم تثبيت القصة
ابدعتى حقا
بانتظار ابداعاتك القادمة
لا تحرمينا من قصصك
فى تقدم دائما ان شاء الله