يحمل نبض الأساطير ورائحة الغابات
الأسلوب الأفريقي سهل وعصري، إذا تم استعمال قليل من الإكسسوارات التي توحي بأجوائه الدافئة، مثل السجاد أو الخشبهناك بعض الإكسسوارات التي تستخدم في إضفاء الجو الأفريقي على المكان، وتعتبر في أفريقيا تمائم وتعويذات
من قلب الأساطير والسحر والخرافة، خرج الفن الأفريقي، ليجذب الناس ببساطته التي تكاد تبدو ساذجة في بعض الأحيان، فراحوا يزينون منازلهم بقطع منه، ويتبادلونها أحيانا في صورة هدايا أو تذكارات، أو مقتنيات شخصية. ومثلما كان لسحر هذا الفن لمسة مؤثرة في أعمال كوكبة من الفنانين التشكيليين الكبار من أمثال: فان جوخ ، جوجان، ماتيس، بيكاسو، مودلياني، تسللت روح أفريقيا الدافئة إلى دنيا الديكور وعالم الإكسسوار، فأصبحت هناك تصميمات كاملة تستلهم هذه الروح سواء في الحيز الداخلي، أو في الفضاء الخارجي للأماكن.
يعزز كل ذلك الطابع الحيوي العميق للفن الأفريقي، فهو فن عملي مرتبط بإيقاع الحياة، يلبي احتياجات الإنسان اليومية سواء في عملية الصيد والقنص، أو الأكل والشرب، أو حتى طقوسه الروحية، وشعائره الدينية، وأحيانا ما يصبح هذا الفن بمثابة تميمة وتعويذة تستخدم في أعمال السحر والعلاج من المرض. تقول مهندسة الديكور أمل محمود: «يبرز الفن الأفريقي على نحو لافت في إكسسوارات زينة المرأة كالعقود والأساور والأقراط والأقنعة، وتتميز بلمسة جمالية جذابة، كونها مصنوعة من مواد وخامات طبيعية كالخشب والأحجار والخرز والبذور المجففة والعاج وعظام الحيوانات والريش والجلود. ولعل من أشهر ما يستخدم في ديكور الإكسسوارات الأقنعة الأفريقية والجلود المحنطة. وتلفت محمود إلى أن هذه الأقنعة لا ينحتها الأفريقي للفن أو للتزيين، وإنما لممارسة طقوسه المختلفة، فهناك أقنعة لطقوس الولادة وأقنعة للإخصاب، وأخرى لنزول المطر، وغيرها للزواج أو لجني المحاصيل أو للصيد، كما هناك أقنعة تمثل الأساطير واستحضار أرواح الأسلاف. فالأفريقي يستخدم الأقنعة في كل مناسبات حياته في حين نستخدمها نحن كقطعة جميلة تعلق على الحائط مثلا أو لتزيين كنبة أو أرضية.
ومن سمات الخصوصية للأقنعة الأفريقية، كما توضح المهندسة أمل أن أشكالها بل خاماتها تختلف من قبيلة لأخرى، فقبائل «الأشانتي» مثلا تتميز بمحاكاة الواقع في أقنعتها، وتستخدم الذهب والأحجار الكريمة أو العاج في نحتها وصناعتها، بينما تتميز قبائل مثل «السينوفو» بأقنعتها الخشبية المصقولة، وقبائل مثل «التيكي» بأقنعتها الخشبية المستديرة المجردة والملونة. أما قبائل «الدوجو» فتتميز بأقنعتها الخشبية المستخدم فيها الرافيا والخيوط. ومن ثم فلكل قبيلة طابعها الخاص الذي يميزها من حيث طريقة النحت أو الخامات.
بالنسبة للديكورات الحديثة، تعلق أمل أن «هناك بعض الإكسسوارات التي تستخدم في إضفاء الروح الأفريقية على المكان والتي يعتبرها الناس تماثيل بينما هي في الأصل تمائم و تعاويذ، أو أفتاش يصنعها «الشامان»، سواء لحماية من يقتنيها أو إبعاد الأرواح الشريرة عنهم، فيما هناك تماثيل لجلب الحظ وأخرى لجلب سوء الحظ لصاحبها، وهو ما لا يحمد عقباه أحيانا حين توضع هذه التماثيل لتزين منزلا ما كما يقول بعض المتخصصين في علم الميتافيزيقا والطاقة. أما الطبول الأفريقية الشهيرة فتستخدم لجلب روح المرح والفرح في أرجاء المنزل، وهناك قطع من الأثاث الأفريقي مثل الكراسي تتميز بانخفاضها الملحوظ على الأرض، وهي عادة ما تستخدم في طقوس مختلفة مثل الزواج، وأحيانا تستخدمها النساء في الغسيل، هذا بخلاف كراسي الحكام المصنوعة من الخشب والمرتفعة بعض الشيء عن الأرض. ولا ننسى هنا الأطباق الخشبية والأواني الخشبية، التي يمكن تعليقها على الحوائط للزينة، إلى جانب اللوحات الأفريقية التي تجسد طبيعة القارة الساحرة والمفعمة بالألوان الصارخة. وتؤكد المهندسة أمل أن لإكسسوارات الأفريقية متعددة ومتنوعة وكذلك طرق استخدامها وتوظيفها، وبالتالي يجب توظيف مثل هذه القطع في المنزل طبقا لإمكانية وضعها. بينما تعلق الأقنعة والخناجر على الحوائط، مثلا، توضع الطبول والكراسي على الأرض والتماثيل على المناضد وأرفف المكتبات أو الأرفف الحائطية، والأواني الخشبية التي تحمل النقوش الأفريقية على المناضد الخاصة في منتصف الغرف، أو في الأركان. وهناك أيضا الشمعدانات الخشبية التي توضع عادة على وحدات الأركان، والسجاد الأفريقي اليدوي (الكليم) الذي قد يوضع على الأرض أو يعلق على الحائط، والشوك والملاعق الخشبية، التي يمكن ان تعلق على حوائط غرف الطعام. أما الأمشاط الخشبية المنحوتة والمحلاة بأشكال حيوانات مختلفة فتعلق في غرف النوم أو توضع على طاولة في الغرفة. وتتابع أمل أن الديكور الأفريقي يعتمد في المرتبة الأولى على البساطة والخطوط البدائية وعدم التعقيد والتكلف، أي الميل إلى كل ما هو طبيعي سواء في الأرضيات أو الأثاث أو حتى الإكسسوارات، فنجد أن الأرضيات يجب أن تكون من الأخشاب الطبيعية، حيث يفضل استخدام الألواح الخشبية الطولية على طبيعتها، مع إعطائها في النهاية لونا بنيا داكنا طبيعيا لا يلمع، وإن كان هناك من يفضل تركها بلون الخشب الطبيعي، مع إجراء معالجات طفيفة عليها لحفظها، أو استخدام قطعة سجاد أخضر أو نجيلة صناعية خضراء لنقل جو الغابات الاستوائية بحشائشها إلى الحيز الداخلي. حتى بالنسبة لألوان أخشاب الأثاث يفضل استعمال البني المحروق، الذي قد يصل للون الأسود أحيانا تقليدا لأخشاب الأبنوس.
أما بالنسبة للفتحات، سواء كانت شبابيك أو أبوابا، فتفضل أمل أن تكون بسيطة هي الأخرى من حيث التصميم، وأن يتم التعامل معها بحذر، بخاصة إذا كانت بها أعمال حفر أو نقش بارز. كما تفضل أن تكون الموتيفات بدائية مستمدة من الفن الأفريقي البدائي، بينما يكون لون الخشب بوحدة لونية مشابهة لألوان الأبواب والشبابيك والأرضيات، وتتدرج الألوان ما بين البني المحمر الداكن الشبيه بالموجنا (الماهوجني) وما بين البني المحروق. أما بالنسبة للستائر فتفضل الأقمشة الخفيفة و«المسامية» التي تشبه الناموسية ذات الألوان الفاتحة جدا، ابتداء من الأبيض وحتى الكريم، لما تتيحه من دخول أكبر قدر من الهواء وأشعة الشمس على المكان.
أما بالنسبة لقطع الأثاث فهي الأخرى يجب أن تحترم عنصر البساطة، سواء من حيث الألوان أو الأقمشة، حيث يفضل استعمال الجلود أو الأقمشة التي تعطي انطباعا بأنها من الطبيعة. فهناك أقمشة بنقوشات مستوحاة من جلود النمر وحمار الوحش والبقر والثعبان والتمساح وغيرها من الحيوانات التي تعيش جنبا إلى جنب مع الإنسان الإفريقي ويستغلها هذا الأخير في مجالات حياته المختلفة. أيضا يمكن استخدام الألوان الصريحة للمزج بين الروح الأفريقية والطراز الحديث في الديكور. في هذه الحالة يمكن الاستعانة بالألوان الغنية الصارخة مثل الأحمر والبرتقالي و أصفر الكناريا أو لون عباد الشمس. وتؤكد المهندسة أمل على أهمية الألوان، لأن الديكور الأفريقي يعتمد بدرجة كبيرة عليها، لكنها تشير إلى أنه رغم أنها حارة ومستمدة من الطبيعة والأدغال والشمس والرمال، فإنه يجب اختيار درجاتها بشكل ذكي. مثلا يستحسن أن تكون ألوان الحوائط محايدة ودافئة ويتحقق ذلك عن طريق الألوان الترابية مثل البيج، أو البني الفاتح جدا بدرجاته الخفيفة، على أن يكون التطعيم بألوان أغنى وأكثر دفئا للحوائط الرئيسية، مثل الأزرق السماوي والبني الغامق، لون الشوكولاته، والطوبي والأصفر والأحمر والبرتقالي، وهي ألوان الغروب الرائعة. يمكن أيضا، لإضفاء روح الغابات على المكان، تطعيم الحوائط باللون الأخضر، لكن في هذه الحالة يجب عدم إدخال اللون الأحمر أو البرتقالي لتحقيق البساطة المطلوبة. وتشير أمل إلى أنه يمكن لأي فرد اللجوء للديكور الافريقي، لأنه من الطرازات التي اكتسبت عصرية، نظرا لبساطتها وبعدها عن التعقيد، بالإضافة إلى انه طراز سهل التوظيف في أي فراغ داخلي ويضفي على أي مكان الدفء والجمال. وتؤكد أمل أنه «لا يوجد مكان لا يقبل الطراز الأفريقي، بما في ذلك حمامات المنزل، بدءا بألوان السيراميك الطبيعية التي تميل للون الرمال و الحجارة وانتهاء بالستائر البلاستيكية المنقوشة بألوان الزرافات والنمر وغيرها. أما الحنفيات فيفضل أن تكون حينئذ نحاسية اللون حتى نتحاشى اللمسة المعدنية الصارخة التي قد تخرجنا من مناخ الطراز الأفريقي البدائي. في المطبخ أيضا يمكن تحقيق النتيجة من خلال السيراميك والأخشاب الطبيعية ومعالجتها بنفس الطرق السابقة، والتطعيم ببعض الإكسسوارات الأفريقية مثل السكاكين والأدوات النحاسية، وهذه مجرد أمثلة للدلالة على أنه لا يوجد مكان يستعصي عن اللمسة الأفريقية
منقول
الله يــ ع ـطيك آلف ع ـآفيه .
بنتظــآر جديدك آلقــآدم دومــآ
دمتِ بحفظ الله
رينـــآاآد . .
منتظرينٌ ج’ـديدكٌـ ..