الخفة التي يتزوج بها الرجال تثير جنوني، لن أتحدث عن زيجات القطارات، ولا عن النت والشات، والمولات التي انتشرت –كالوباء- في أرجاء عواصمنا العربية، ولكني سأحكي فقط عما شاهدته بعيني.
الموقف كما يلي (وهذه قصة حقيقية): أقود أنا السيارة وبجواري يجلس صديقي عابسا لائذا بالصمت، أحدثه عن ضرورة الزواج وأقترح عليه فتاة معينة، يرفض عابسا؛ لأنها قصيرة وبدينة، لكني أؤكد له أنها جيدة فيقول ببساطة:
– طيب!
ولوهلة خيل إلي أني أخطأت السمع، فتوقفت بفرملة مفاجئة
– قلت ماذا؟
– طيب (قالها صديقي في ضجر).
– ماذا تقصد؟
– سأتزوجها (قالها في ملل).
– هل نذهب حالا لخطبتها؟ (قلت منتهزا الفرصة).
– كما تحب.
ولأنني أعلم أنها بالفعل جيدة، ذات خلق ودين يندر وجودهما في هذا الزمن، فقد أدرت مقود السيارة في صمت متجها إلى بيت العروس مأخوذا بالمفاجأة، خصوصا أني أعلم يقينا أن صديقي لا يمزح في مثل هذه الأمور.
والمفاجأة وجدناها هناك؛ أبو العروس قد مات لتوه، وعوضا عن الزغاريد وكوب الشربات فقد جلسنا في مقاعد المعزين نستمع للبكاء المكتوم في الغرف المجاورة على خلفية من صوت الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد" الشجي الذي يدفعك للبكاء لمجرد سماعه حتى بدون مأتم، بينما رحت أتبادل النظرات الصامتة مع صديقي المكتئب الذاهل، وهكذا فشلت الزيجة لهذا السبب القدري.
ويبقى السؤال المهم: لماذا يتزوج الرجال بهذه السهولة؟ في اعتقادي أن ذلك يعود لأمور متضافرة: سرعة الملل، وسهولة الانقياد، وإلحاح الهرمونات القاسية…
الرجل بطبعه سريع الملل، والدليل أنه إذا ذهب للتسوق فإنه يشتري من المحل الثالث على الأكثر، حرجا من البائع المتذمر، عكس المرأة التي لا تهتز لها شعرة إذا عاينت كل بضاعة المحل غير عابئة بالبائع المسكين الذي أنزل بضاعته كلها من الأرفف، ثم تترك المحل في شجاعة أسطورية دون أن تشتري شيئا، أو حتى تلتفت إلى الوراء لتشاهد البائع يعيد بضاعته إلى مكانها -وهو يلعنها- توطئة لإنزالها بعد دقائق على يد امرأة أخرى، نفس الشيء يحدث في الزواج، فإذا تعثرت للرجل خطبتان يتزوج في الثالثة حتى لو لم تعجبه؛ لأنه ببساطة "زهق".
يتزوج الرجل بدافع الملل، ويتزوج لأن كل من حوله يطالبونه بذلك، ويتزوج لأنه لا يجد شيئا أفضل يفعله، أعرف صديقا أعزب كان يرد على تساؤلات سائليه بأنه لم يتزوج لأنه لم يستيقظ مبكرا بما يكفي!..وحينما تم المراد عرفنا كلنا أنه –أخيرا- قد فعلها واستيقظ مبكرا.
ينقل للقسم المنــــــــــاسب له ..