أسرار حديث سيد الاستغفار
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: حدثنا أبو معمر، حدثنا عبدالوارث، حدثنا الحسين حدثنا عبدا لله بن بريدة، حدثني بشير بن كعب العدوي، قال: حدثني شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي، اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )
قال ( ومن قالها من النهار موقناً بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل، موقنٌِ بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة )
هذا الدعاء العظيم كلما تأمّلته جاد عليك بكنوزه ، وإليكم بعضاً من ذلك :- تضمن الدعاء جميع أصول ما يذكر المرء به ربه سبحانه وتعالى : فقوله"لا إله إلا أنت"..كلمة التوحيد ، وهي أعظم الذكر كما صح الحديث بذلك "خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله" رواه الترمذي .
وقوله"أبوء لك بنعمتك علي" معناه(الحمد لله) فحمدُ الله الثناءُ عليه ويكون شكراً لنعمه التي شملت كل شيء،وقد صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" أما إن ربك يحب الحمد " رواه أحمد .
وقوله"خلقتني"..إلماح يستثير في النفس أن تقول: سبحان الله ، قال الله تعالى : (سبحان الذي خلق الأزوج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) يس 36 .
وقوله"وأنا على عهدك ووعدك ". من معاني (الله أكبر)..لأن حقيقة التكبير أن تجعل مراد الله مقدماً على سائر المرادات والشهوات .
وتقييده لزوم العهد بالاستطاعة في قوله " ما استطعت" يوميء إلى الحوقلة ( لا حول ولا قوة إلا بالله) والحوقلة" كنز من كنوز الجنة"رواه مسلم .
أما قوله"اغفر لي" فهو بمثابة قول المستغفر : (أستغفر الله) وما يندرج تحته .
وقوله "أعوذ بك من شر" استعاذة من الشيطان والنفس الأمارة بالسوء ،وكل ما يندرج تحت مسمى الشر .
قوله "أنت ربي" اعتراف بتوحيد الربوبية ، الذي يقتضي توحيد الألوهية فلهذا قال بعده"لا إله إلا أنت " .
ثم هو متضمن للدعاء"اغفر لي " مسبوقاً بمقدمة مثالية تحاكي سيدة السور "الفاتحة" فبعد أن أثنى على الله بما هو أهله ، وجعل ذلك تقدمة له عند الله تعالى قال:" اغفر لي " فحري أن يجاب ولا ريب إن دعا خالصاً من قلبه .
فمن قالها من النهار موقناً بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل، موقنِاً بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة