يقال هجد : نام باللّيل فهو هاجد والجمع هجود مثل : راقد ورقود وقاعد وقعود .
وهجد . صلّى باللّيل ، ويقال : تهجّد : إذا نام . وتهجّد : إذا صلّى فهو من الأضداد .
وقد فسّرت عائشة رضي الله عنها وابن عبّاس رضي الله عنهما ومجاهد { نَاشِئَةَ اللَّيلِ } بالقيام للصّلاة بعد النّوم ، فيكون موافقا للتّهجّد .
وفي الاصطلاح : هو صلاة التّطوّع في اللّيل بعد النّوم .
وقال أبو بكر بن العربيّ : في معنى التّهجّد ثلاثة أقوال :
الأوّل :أنّه النّوم ثمّ الصّلاة ثمّ النّوم ثمّ الصّلاة .
الثّاني : أنّه الصّلاة بعد النّوم .
والثّالث : أنّه بعد صلاة العشاء . ثمّ قال عن الأوّل : إنّه من فهم التّابعين الّذين عوّلوا على « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان ينام ويصلّي ، وينام ويصلّي »
والأرجح عند المالكيّة الرّأي الثّاني .
الألفاظ ذات الصّلة :
أ – قيام اللّيل :
1 – الأصل في قيام اللّيل أن يطلق على الاشتغال فيه بالصّلاة دون غيرها .
وقد يطلق على الاشتغال بمطلق الطّاعة من تلاوة وتسبيح ونحوهما .
وقيام اللّيل قد يسبقه نوم بعد صلاة العشاء وقد لا يسبقه أمّا التّهجّد فلا يكون إلا بعد نوم .
ب – إحياء اللّيل :
2 – المراد بإحياء اللّيل قضاؤه أو أكثره بالعبادة كالصّلاة ، والذّكر ، وقراءة القرآن ، ونحو ذلك ، فبينهما عموم وخصوص وجهيّ ، فالإحياء أخصّ لشموله اللّيل كلّه أو أكثره ، والتّهجّد أخصّ لكونه بالصّلاة دون غيرها . وتفصيله في مصطلح ( إحياء اللّيل ) .
حكمه :
3 – التّهجّد مسنون في حقّ الأمّة لقوله تعالى : { وَمِن اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لكَ}
أي فريضة زائدة على الفريضة بالنّسبة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ولمواظبته صلى الله عليه وسلم على التّهجّد ، ولما ورد في شأنه من الأحاديث الدّالّة على سنّيّته ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : « عليكم بصلاة اللّيل ، فإنّه دأب الصّالحين قبلكم ، وقربة إلى ربّكم ، ومكفّرة للسّيّئات ، ومنهاة عن الإثم » .
وقوله عليه الـصلاة والسلام :« أفضل الصّلاة بعد الفريضة صلاة اللّيل »والمراد بها التّهجّد.
وأمّا في حقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقد اختلف العلماء في وجوبه أو نفله على قولين : ينظر في مصطلح : ( اختصاص ) .
وقته :
4 – أفضل أوقات التّهجّد جوف اللّيل الآخر لما روى عمرو بن عبسة قال : « قلت : يا رسول اللّه : أيّ اللّيل أسمع ؟ قال : جوف اللّيل الآخر فصلّ ما شئت»
فلو جعل اللّيل نصفين أحدهما للنّوم والآخر للقيام فالأخير أفضل ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « ينزل ربّنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السّماء الدّنيا حين يبقى ثلث اللّيل الأخير فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ » متّفق عليه .
قال الحنفيّة والشّافعيّة : لو أراد أن يجعله أثلاثا فيقوم ثلثه وينام ثلثيه ، فالثّلث الأوسط أفضل من طرفيه ، لأنّ الغفلة فيه أتمّ ، والعبادة فيه أفضل والمصلّين فيه أقلّ .
ولهذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ذاكر اللّه في الغافلين مثل الشّجرة الخضراء في وسط الشّجر » والأفضل مطلقاً عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة السّدس الرّابع والخامس من اللّيل ، لما روى عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « أحبّ الصّلاة إلى اللّه عزّ وجلّ صلاة داود عليه السلام كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه » . وأمّا المالكيّة فأفضله عندهم ثلثه الأخير لمن تكون عادته الانتباه آخر اللّيل ، أمّا من كان غالب حاله أن لا ينتبه آخره بأن كان غالب أحواله النّوم إلى الصّبح ، فالأفضل أن يجعله أوّل اللّيل احتياطا .
عدد ركعاته :
5 – اتّفق الفقهاء على أنّ أقلّها ركعتان خفيفتان لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا قام أحدكم من اللّيل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين » . واختلفوا في أكثرها فقال الحنفيّة : منتهى ركعاته ثماني ركعات .
قال ابن الهمام : الظّاهر « أنّ أقلّ تهجّده صلى الله عليه وسلم كان ركعتين ، وأنّ منتهاه كان ثماني ركعات » وستأتي الرّوايات الدّالّة على ذلك .
وقال المالكيّة : أكثره عشر ركعات أو اثنتا عشرة ركعة فقد روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلّي باللّيل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة » وروي أنّه كان يصلّي فيه اثنتي عشرة ركعة ثمّ يوتر بواحدة
وقال الشّافعيّة : لا حصر لعدد ركعاته وهو ما يؤخذ من عبارات فقهاء الحنابلة
لخبر : « الصّلاة خير موضوع من شاء أقلّ ومن شاء أكثر »
ركعات تهجّده صلى الله عليه وسلم :
وقالت عائشة : « ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة يصلّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهنّ ، ثمّ يصلّي أربعا فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهنّ ، ثمّ يصلّي ثلاثاً » . وفي لفظ قالت : « كانت صلاته في شهر رمضان وغيره باللّيل ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر » وفي لفظ : « منها الوتر وركعتا الفجر » .
وفي لفظ « كان يصلّي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر » وفي لفظ « كان يصلّي فيما بين العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلّم من كلّ ركعتين ويوتر بواحدة »
ترك التّهجّد لمعتاده :
7 – يكره لمن اعتاد التّهجّد أن يتركه بلا عذر « لقوله صلى الله عليه وسلم لابن عمرو يا عبد اللّه لا تكن مثل فلان كان يقوم من اللّيل فترك قيام اللّيل »
وقوله صلى الله عليه وسلم « أحبّ الأعمال إلى اللّه أدومها وإن قلّ »
وقول عائشة رضي الله عنها : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلّى صلاة داوم عليها »
لكم ودي
منقول
ونفع بك وجزاك خير الجزاء
وثبتك على طاعته وبلغك الجنة
ويجمعنا بك والمسلمين في جنات النعيم