وغلبت اليأس -قصة قصيرة 2024.

عندما حل المساء جلست تقرأ الصحف وتتصفح المجلات ككل يوم، فلفتت نظرها قصة في إحدى المجلات، فأخذت تقرأها ثم تحولت قرأتها العابرة إلى تعمق في المعاني والكلمات وشعرت وكأن القصة كتبت من أجلها هي،فالقصة تروي رحلة زوجة مع زوجها وطباعه السيئة، وكم كانت تتألم هذه الزوجة، وبالرغم من ذلك عاشت سنوات طوال صابرة ومحتسبة عند الله تبارك وتعالى، وكلما ضاق صدرها وسعته بقراتها لقرآنها وطيبة قلبها، وكانت عندما تشعر بقسوة زوجها تنظر إلى أطفالها فيسكن فؤادها وتستأنف حياتها، وإذا رأت من زوجها عدم الاهتمام وقلة الاحترام قالت لنفسها: أنا أهل لهما ولكنه هو من يحتاج لعينان ليرى بهما،وإذا أنفعل عليها بدون سبب كانت تراه مسكين لا يملك الصبر ولا يعرفه ،فتتغاضى عن ما قال وفعل وتسامحه، أما إذا تكبر عليها واستهان بعقلها ورفض أن يأخذ برأيها، كانت تبتسم بهدوء وتقول له: افعل ما تشاء فلديك عقل الحكماء, وتذهب إلى كتبها وهم أعز أصدقاء لها فيهدأ بالها، وعندما يتحدث عن أهلها بحديث لا تتقبله إذنها كانت تقول: هم أهلك وأنت منهم وأعرف بالنهاية أنك تحبهم كما يحبونك، وإذا نسي عيد ميلادها ولم يهنئها به أو يحضر هدية لها قالت لنفسها: لابد أن أشتري له دواء لتقوية الذاكرة وأهتم بغذائه الذي يساعد على تنشيطها لأنه أصبح ينساني، فأعبائه ومشاغله يضعفان أحسن ذاكرة.
ومرت أيامها وإذا بزوجها يصاب في حادث يقعده عن العمل، وبدأت مرحلة أخرى من مراحل صبرها، فكانت تعاني من قلة المال، ولم تخبر الأهل أو تشعر الأطفال وأخذت تبيع من مصوغاتها، بعدما أنفقت من مدخراتها على علاج زوجها، وكانت تتحدث أمامه بثقة بأن الله لن يتخلى عنهما.
وكانت تبث فيه الصبر وتروي له حكايات الصابرين فيهدأ ويكتم الأنين، وبعدة عدة شهور خرج الزوج من محنته، وتجاوز أزمته ولكنه لم يخرج منها كما دخلها، لقد خرج من هذه التجربة إنسان أخر، يعرف قيمة زوجته التي تعلم منها ما لم يتعلمه من دنيته، وعرف شيئاً أخر كان يفقده، لقد تعرف على الصبر وتعلم قواعده.
وهنا قالت قارئة القصة: ليتني مثلك أيتها الزوجة، ولعلي أتعلم منك كيف أصبر، فأنا سريعة الغضب لا أحتمل ولا أنتظر شيئاً إلا على مضض، وكنت أظن أني أصبر على زوجي عندما يتأخر عن موعدي أو ينسى أن يأتي لي يطلب كنت قد طلبته لقد علمت اليوم أن للصبر أهل، والصابرون هم من يكتمون الغيظ ويعفون عندما يملكون العفو.

لآ عدمنآآكك
ننتظر جديـــــدكك