الحمد لله يُعطي ويمنع،ويخفضُ ويرفع،ويضرُ وينفع،ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة،والنعمةِ المُسداة،وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين. أما بعد أيها المسلمون: تخبطاتٍ اجتماعيةٍ وتربويةٍ و إدارية و تنظيمية،وانحرافات سلوكية وفكرية،{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} [النور: 40].
فقد اتضح الآن كم نحن بعيدون عن المفهوم الحقيقي لشهادة أن محمداً رسول الله، سواء في حياتنا الشخصية، أو في أوضاعنا العامة،وقد يتساءل المخلصون المؤمنون،ما هو طريق العودة بعد هذا التيه؟ هل من سبيل إلى العودة إلى الله؟ ليس من سبيل إلى ذلك إلا عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم, والذي جاء بتفاصيل ذلك كله،من عند العليم الخبير: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 ، 4]. السبيل أيها المؤمنون يبدأ منكم أنتم،إذا رجع الفرد إلى ربه استقامت أحواله،فإن رجع الآخرون استقامت أحوال المجتمع, لو رجع كل إنسان منَّا إلى نفسه في خلوة معها،ثم ناقشها الحساب بصراحة،واستعرض أعماله كلها،وعرضها على كتاب الله وسنه رسوله عليه الصلاة السلام،أو يسأل أهل الذكر إن كان لا يعلم، فإن وجد غير ذلك فليرجع وليتب قبل فوات الأوان،قبل أن يتخطف من بين أهله وأولاده،ويقدم على ربه وحيداً فريداً، لا حول له ولا قوة. وأنتم تقرءون كل يومٍ، وتسمعون عمن أصبحوا أثراً بعد عين،وغادروا الدنيا وهم في أوج شبابهم، وغاية قوتهم،فما بكت عليهم السماء والأرض، وما كانوا منظرين،وأنتم تقرءون كل يوم وتسمعون عن الكوارث المدمرة،والفيضانات المهلكة،يذكِّرُ الله بها عباده عظيم قدرته،وشدة بطشه،وقوة سلطته، لعلهم يستفيضون من رقدتهم، وينتبهون من غفلتهم. إنها آياتٌ ونذور،ودروس وعبر،لكن لسان حال المعرضين {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا . أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً . أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} [الإسراء: 90-93]. …