قــــــــد يـــــــــــــــــــــــــأتي فــــــــــــــــــــــــجأة
يالغرابة هذه الأجساد التي هي عبارة عن كتلة من الساعات والأيام،
يا ترى كم يوم يفصلنا عن تلك اللحظة؟
بل كم ثانية وكم نفس؟ ربي لطفك ورحمتك نرجو…
الزائر الآخير
سيأتي اليك بدون محاله لياخذك من بيتك الذي أفنيت عمرك في تجهيزه
إنه لا يحتاج – كي يدخل عليك –
إلى أبواب أو استئذان ولا إلى أخذ موعد مسبق قبل المجيء والإتيان،
بل يأتي إليك في أي وقت
وعلى أي حال؛ حال شغلك أو فراغك.. صحتك أو مرضك..
غناك أو فقرك.. سفرك أو إقامتك.
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال كفى بالموت واعظا؟
والله انه يكفي لمن كان له قلب.
تحتار الكلمات وتتبعثر الحروف
ويسرح الخيال وتضطرب النفس
ويتسارع النفس وترتعش الأطراف وينعقد اللسان،
ونتسائل في لهفه وفي غصة وفي حالة طلب وترقب ووجل:
كيف هي حالنا عندما ينفض الناس من حولنا؟
رباه إلى أين تنتهي بنا هذه الدنيا؟
كم يسعى الإنسان ويجهد في هذه الحياة الدنيا ،
هاهو الموت يوماً بعد يوم يتخطف الناس من حولنا بأمر الله،
يالله كم للدنيا من فتن مغرية تأخذ بلب المرء وقلبه ، وتهد من جسده وقوته
، يظن أنه سيبلغ غايته ، وينال مبتغاه ،
وفي لحظة من اللحظات لم يحسب لها حسابًا ،
قد انغمس في عمله ، يدقق حساباته الدنيوية غافلاً عن حساب الآخرة
وفي لحظة من اللحظات وهو في غمرة السعادة بين أهله وذويه ،
أو بين أصحابه وأحبابه ،
وفي لحظة من اللحظات يعيش نشوة الأموال ، وكثرة الأولاد ، واستقرار الصحة والجسد ،
وفي تلك اللحظة التي يبصر بها من حوله ، ويسمع من يحدثه ، ويحدث من يسمعه ،
ويحرك فيها جسده ، لا مرضًا يشكو ، ولا علة يعالج ، ولا طبيبًا يزور ،
، ونشاطًا في عقله تختصم فيه الأفكار بالأفكار ،
لحظة رهيبة ، ومفاجأة غريبة ، فيها توقف كل شيء ،
ماذا جرى لجسم الصحيح ،
وماذا حصل للعقل المدبر ،
وماذا وقع لصاحب الأموال والمنصب والجاه ،
ما هذه الصفرة التي سرت في جسده ،
أين هي نضرة هذا الجسم المترف ،
عجبًا أرى :
عينين كانتا جميلتان بالبصر ، مالهما قد زاغتا لا لفت أو نظر ،
لقد ارتخى اللسان ، وخفت الصوت الصارخ ، فلا حس أو خبر .
لقد انتهى كل شيء ، وجاء الوعد الحق ، لتنسل به الروح من الجسد ،
، ومن أصدق الله حديثا :
يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ .
يالها من مفاجأة يباغت فيها الإنسان ، فيأخذ على غرة ،
تعددت أسبابها ، وتلونت أشكالها ، واختلفت أعمارها ،
وتنقلت أوقاتها ، لا تميز بين الطفل والشاب والشيخ ،
كل له له أجله المكتوب ، وعمره المحسوب ، عند رب رحيم حليم .
غير أنها الغفلة التي تقتل القلوب عن هذه الساعة المملوءة بالفاجعة
، المقرونة بالبكاء والصراخ ، الممزوجة بالدموع ، المتلونة بالحسرة واللوعة ،
على من .. علي أنا وأنت وكل مولود كبير أو صغير .
إن المتابع لأخبار الزمان اليوم ليجد عجبًا عجابًا من كثرة ما يقع من موت الفجأة ،
، ومع هذه الكثرة إلا أن جملة منا في غفلة ،
وكأن ما أتى غيرنا لا يأتينا ولا يقرب من دارنا .
عجبًا لنا : كيف نجرأ على الله فنرتكب معاصيه ،
وأرواحنا بيده ،
وكيف نستغفل رقابته ، والموت بأمره يأتي فجأة ،
أما سأل أحدنا نفسه :
لماذا لا يستطيع أحد أن يعلم متى سيموت ،
إنها حكمة بالغة ، ليبقى المؤمن طوال حياته مترقبًا وداع الدنيا ، مستعدًا للقاء ربه .
يا حسرتنا ـ على غفلة قد طمت ، ومهلة قد ذهبت ، أضعناها في المغريات ،
وقتلناها بالشهوات ، وأهدرناها في التفاهات ،
نسير كأن أحدنا سيعمر ألف سنة ،
ونغفل كأن بيننا وبين الموت ميعاد مؤجل ،
كم قريب دفنا ، وكم حبيب ودعنا ،
، وعدنا من دور اللحود وعادت معنا الدنيا ، لنغرق في ملذاتها ،
أين العيون الباكية من خشية الله ،
أين القلوب الوجلة من لقاء الله ،
ألا نعود أنفسنا على توديع هذه الدنيا كل يوم ،
فنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبها الله ،
ألا نعزم على مضاعفة الأعمال الصالحة من صلاة واستغفار وذكر وبر وصلة ،
ألا نفكر بجدية مقرونة بعمل أن نقلع من معاصينا ، ونتوب من تقصيرنا في حق الله تعالى،
ألا نجعل ساعة الموت هذه واعظًا لنا في هذه الدنيا الفانية من الغفلة عن الله تعالى ؟
التأفف من ذكر الموت
إنه من الخطير حقًا أن نتأفف من ذكر الموت وأسبابه ،
لقد قال النبي ‘ : (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ رواه الترمذي
ونحن نتأفف ونبتعد عن ذكر الموت او التذكير به
وما علمنا ان لذكر وتذكر الموت أمور مهمه لنا في حياتنا…
لأن ذكر الموت يعين بعد الله تعالى على فعل الطاعات
والاستزادة من المعروف والخير ،
ويزهد في الدنيا وزهرتها ،
ويكشف لك غرورها وزوال متعاها ،
ويهون عليك فوات نعيمها ، لتفكر في نعيم الآخرة المقيم ،
فتجتهد في العبادة ، وتعمل لتلك السعاة .
ليذكر بعضنا بعضآ بفناء أعمارنا ، وفناء هذه الدنيا ،
ولنستعذب الحديث عما أعده الله لعباده من الجنان والفوز بالرضوان ،
عسى قلوبنا أن تلين لباريها ، وتخشع لخالقها العزيز الحكيم .
، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الآموات منهم والآحياء
اللهم ارحم ضعفنا ، وآنس وحشتنا ،
وذكرنا بك ما حيينا ، واللهم التوبة النصوح قبل الممات يا رب العالمين ،
،وصلوا وسلموا على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
المقال من أعداد
د. فيصل بن سعود الحليبي
بتصرف بسيط وتنسيق مني
ملاحظه هامه
إن المقصود بذكر الموت,
ليس كره الحياة و ترك العمل,
بل المقصود هو ربط كل ما نفعله في حياتنا بالآخرة حتى ينفعنا عند الموت…
إن المؤمن هو الذي يستطيع أن يوازن بين عمله للدنيا و بين وضع حقيقة الموت أمام عينيه …
المطلوب العمل للدنيا و التمتع بها بدون نسيان الموت و الآخرة و العمل لها…
أما أن يعيش المؤمن حياته و كأنه في مأمن من الموت و من الحساب , فهذا ليس الفكر الذي يجب أن يسود…
الهدف من الموضوع للأتعاظ والعبرة
باهمية تذكر الموت وكيفية الآستعداد له في ظل هذه الغفلة التي نعيشها اليوم وللأسف!!
اللهم احسن الله خاتمتنا جميعا
والهمنا الله ذكره وشكره وحسن عبادته يارب
منقـــــــــــــــــــــــــــــــول للفائـــــــــــــــــــــــدة
تقبلي ودي واحترامي
اللهم أجرنا من موت الفجأة يارب
اللهم احسن خاتمتنا….